صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

أسعار النفط تتعافى، فكيف سيتعامل معها العراق؟
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بحسابات بسيطة , ان العراق , وبحسب سعر برميل النفط الواحد والذي بلغ 65 دولارا يوم 3 شباط 2018 , فان الإيرادات الإضافية للخزينة الاتحادية ستكون ما يقارب 24 مليار ( 19 دولار فرق السعر * 3.5 مليون برميل* 365 يوم)  , على فرض ان العراق يصدر 3.5 مليون برميل في اليوم الواحد . هذا المبلغ الإضافي الكبير بدون شك جاء رحمة من السماء للعراقيين , فكيف على حكومة السيد حيدر العبادي استخدامه ؟ هناك ثلاثة طرق لاستخدامه , وهي :

  1. سد جزء من الديون الخارجية والتي تراكمت على العراق منذ عام 2014 و وبلغت ما يقارب 120  مليار دولار .
  2. وضع هذه الإيرادات الإضافية في صندوق خاص من اجل صرفها على مشاريع إنسانية في المستقبل كما تعمل به هولندا.
  3. استخدامها في بناء مشاريع استثمارية طويلة الأمد ( طرق وجسور, مطارات وموانئ, مشاريع استراتيجية اقتصادية مثل الطاقة الكهربائية , مخازن مياه وسدود , مشاريع نفطية ومشتقاتها).

الخيار الأول والثاني , خياران  معقولان , ولكن المرحلة الاقتصادية التي يمر بها العراق يتطلب غمض العين عنهما على الأقل في الأمد القصير . نعم العراق يدفع فوائد على القروض المتراكمة عليه , ولكن الحاجة لدفع العجلة الاقتصادية الى الامام اكثر أهمية , في بلد مازال يعتمد اعتمادا يكاد ان يكون كليا على صادرات النفط , وجود نسبة بطالة رسمية تفوق على 15% , شلل نصفي في القطاع الزراعي والصناعي , شحة في الوحدات السكنية , وحاجة ملحة الى طرق عامة ورئيسية تربط المدن العراقية , بعد ان كثرت طرق الموات في المحافظات العراقية .

الخيار الثالث , خيار معقول وعملي من الناحية الاقتصادية , وحسب قاعدة الكلفة والمنفعة . العراق يدفع فوائد على القروض بنسبة لا تزيد على 5% , ولكن استثمار الأموال الإضافية من زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية قد تجلب منفعة للاقتصاد الوطني تزيد على 10% من قيمة المشاريع . وهكذا , فان دفع الفوائد على القروض الخارجية وبنسبة 5% اكثر اقتصاديا  من تسديدها وترك البلد يعاني من نقص في البنى التحتية والفوقية , انتشار البطالة بين الشباب , وبقاء الاقتصاد الوطني اسير الأسواق الخارجية .

تصور كم هو حجم الفائدة من بناء سد مائي في الجنوب العراقي بكلفة مليارين دولار .هذا الخزين المائي سوف ينعش القطاع الزراعي في الجنوب و يقلص اعتماد العراق على استيراد الإنتاج الزراعي , وبذلك سوف يحافظ على كميات كبيرة من العملة الأجنبية . إضافة الى ذلك هذا الخزين المائي يساعد على استقرار الحصة المائية للأهوار العراقية والتي تعاني من شحة المياه فيها , وسبب في هلاك حيوانات سكانها . كما وان وفرت المياه في الجنوب العراقي سيساعد على انتشار المناطق الخضراء وتلطيف الجو فيها, والذي اصبح لا يطاق في أيام الصيف من كل عام.

وتصور حجم المنفعة التي سيحصل عليها الاقتصاد العراقي لو قامت الحكومة بتوفير مليارين دولار كرأسمال للقطاع الخاص . في العراق هناك كفاءات إدارية وعلمية عظيمة ولكنها يعوزها رأسمال بعد ان افلستها سياسات النظم البائدة الاقتصادية . انها وظيفة الحكومة في توفير رأسمال لرجال الاعمال (زراعة, صناعة, خدمات) وبدون كلفة من اجل تشجيع هذه الشريحة في الدخول الى سوق الإنتاج والتوزيع . ان الحكومة ليس من وظيفتها استيعاب العاطلين عن العمل في دوائرها المزدحمة أصلا بالموظفين , وانما وظيفتها الرئيسية هو بناء سياسة اقتصادية بموجبها يستطيع القطاع الخاص توفير فرص العمل للباحثين عنها . ان وجود قطاع خاص نشط , هو الكفيل بالقضاء على البطالة , وسوف لن يجد خرجوا الجامعات والمعاهد الضرورة للبحث عن وظيفة حكومية. وان وجود قطاع خاص نشط سوف يزيد من الإنتاجية , ويخلق جو تنافسي بين المنتجين والتي سوف تنعكس على أسعار السلع وجودتها .

زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية ربما جاءت هدية من الله لتضحيات القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي والذين قاتلوا من اجل ارض العراق واغلبهم لا يملكون مترا واحدا منه. الإيرادات الإضافية من زيادة أسعار النفط يمكن استخدام جزء منها من اجل منح قطعة ارض و مبالغ مالية لذوي الشهداء و للجرحى من اجل مساعدتهم في تأسيس مشاريع اقتصادية صغيرة , وفاءا لتضحياتهم من اجل البلد . او منح أبناء القوات المسلحة والحشد الشعبي الراغبين في العمل في القطاع الخاص مبالغ معينة تساعدهم على تأسيس مشاريع اقتصادية في مناطق سكناهم .

إضافة عشرة مليارات دولار سنويا الى الاقتصاد العراقي على شكل مشاريع استثمارية سوف تحرر الاقتصاد الوطني من هيمنة القطاع النفطي , تقليص الاعتماد على المنتوجات الأجنبية ولاسيما تلك المواد الاستهلاكية , توفير فرص عمل كبيرة للعاطلين عن العمل , دعم العملية السياسية , و دعم الاستقرار الأمني والسياسي فيه .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/02/18



كتابة تعليق لموضوع : أسعار النفط تتعافى، فكيف سيتعامل معها العراق؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net