صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

ورطة رجل اعلامي الحلقة الثالثة
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد برهة سألني وكأني شعرت انه يريد تغيير الحديث، فقال: انت من اي مدينة؟ قلت: انا من كربلاء، وادعوك الى زيارتي وتسرني الإجابة... نظر إليّ برهة وكأنه يتأمل وجهي ثم قال: ما معنى الاجابة؟ قلت: يعني استجابة الدعوة. قال: انا لا استطيع زيارتك عندي مشاغل كثيرة، وانا رجل مريض فها انا اجبتك، لكني رفضت الدعوة!! قلت له: نعم. قال: انا سآتي كربلاء لأني مشتاق للزيارة، وسأتصل بك هناك، وها انا استجبت لدعوتك. فقلت له: انا شاكر ان اجبت او استجبت. فقال: (هل يستطيع ربك) تعني انها هل يجيبك ربك الى ما تسأل، وقوله تعالى (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) يعني لا يستجيبون لسماع القرآن، ولذلك نقول: أطاعت جوارحه يعني استجابت له، وجميل ان استطاعة الباري عز وجل لا تسمى استطاعة، بل تسمى مقدرة والله القادر... قلت: لكن يقال ان كل مستطيع قادر، وليس كل قادر مستطيع. قال: هذا صحيح أنا قادر على استجابة زيارتك لكني لا أريد، فقلت: لماذا يا حاج لا تريد هذا، يعني ان القدرة أعم من الإستطاعة. ضحكت حينها وقلت: والله يا حاج لقد دخلت قلبي وزاد اعجابي بتواضعك الكريم الرائع، فأنا أكره الرجل المتكبر. وانتبه الحاج إليّ وكأنه وجد ضالة جديدة وقال: يا بني هل تعرف الفارق بين تكبّر واستكبر، نقول: الله المتكبر، والأخرى كفر لو قيلت بحق الخالق... قلت: اعتقد وحسب معلوماتي المتواضعة اني اعرفها؛ فالمتكبر هو الكبر بجدارة واستحقاق، وقال الحاج: جيد، والاستكبار؟ قلت: واضح هو الكبر من غير استحقاق، قال الحاج: جيد يا بني والاستنكاف يعني الانفة، واعتقد انك تستطيع ايضا ان تدرك معنى الفارق بين سمع واستمع في قوله تعالى (وَإذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعُوا لَهُ)؟ قلت: الاستماع هنا يعني ادراك المسموع، والاصغاء له هو تفهمه؛ فاما سمع فربما يعني ان يسمع، فها نحن نسمع الى بعض ما يقال في السيارة، لكننا نستمع بعض منه، وارجو ان لا تسخر من ضعف معلوماتي، فقال: لا والله انا لا أستهزئ بأحد. انتبهت الى هذه المفارقة المقصودة قلت: نعم يا حاج اعرف ان الاستهزاء تعني به دون فعل يستهزئ به من اجله، والسخرية لفعل مسبق، واعرف كذلك اصل السخرية. فقال: جيد... معلوماتك جيدة، وما هو أصل السخرية؟ اجبت: التذليل ولذلك تسمى العبودية سخرة، فعقب الحاج دون اطراء: انك جيد. يبدو ان رضا الحاج عني اخذني باتجاه فورة معلوماتية، وقادني الى تحليل كل مفردة، وهنا انتبهت الى اطراء الحاج فسألته: ما الفارق بين الاطراء والمديح؟ فقال: الاطراء هو المدح في المواجهة اما المديح فهو يكون مواجهة ودون مواجهة، وكونك رجلا اعلاميا اريد ان الفت نظرك الى مفردة الاطناب؟ قلت: تعني الايجاز بسط الكلام وزيادة الفائدة، والاسهاب تبسيط الكلام مع قلة فائدة، وعندنا في التدوين الاعلامي يعتبر الاسهاب عيبا. فسألني: والاعلام؟ قلت: نقيض الكتمان. فأجاب: دون رفع الصوت، فاذا رفع الصوت صارت عملية الجهر.... اللغة مطواعة يا بني لكنها تحتاج الى دقة تعامل معها؛ فالأعلى مثلا يختلف عن الفوق لأن الأعلى لابد ان يكون من جسد الجنس يعني اعلى النخلة هو من النخلة، ولا يسمح ان نقول وضعت الحقيبة اسفل المقعد بل تحت المقعد ثم عاد لصمته ولم يرف له جفن... وفجأة ضج الراكبون نحو النوافذ وكثر اللغط، وأيقنت ان هناك حادثا مروريا، وصاحت عجوز: لا إله إلا الله... فقال الحاج بصوت بان عليه الحزن: الله هو اسم لم يسم به غير الله تعالى فما هو الإله؟ قلت: سهلة فالمعنى انه من يحق له العبادة وهي حق له وهذه التسمية اطلقت على وجه الخطأ عل الاصنام وغيرها، فقال: والمعبود؟ قلت: يعبد ولا تحق عبادته. كثر الكلام في السيارة حول الحادث، وتوسع الحديث، ولم نسمع إلا كلمات مثل مات او انقلبت السيارة وتوسلات دعاء... وقد بان الحزن على الوجوه، فقلت: اطمئنان للروح بسم الله الرحمن الرحيم من كان يرجوا لقاء الله فان اجل الله لآت... دمعت عين الحاج وقال: احسنت يا بني لكن ما معنى الرجاء هنا؟ قلت: الامل، قال: هو الخوف والأمل دائما في ما يستبعد حصوله ويسمى الطمع لما قرب حصوله، قلت: الطمع شيء مكروه، فعقّب والأمل قد يكون بمعنى الطمع... قلت: لكن الذي اعرفه يذهب باتجاه آخر، قال: ما هو؟ قلت: الرجاء يختص بالممكن، والأمل يكون في الممكن والمستحيل، فقال: يابني هذا هو الفرق بين التمني والرجاء، والأمل لايكون في المستحيل، لكن هل تعرف معنى الأمل لغة؟ اجبته: لا... فقال: الأمل رجاء وقبل النظر بالشيء اذا طال تأمل، وأصله من الاميل هو الرمل المستطيل، قلت: أليس هذا يعني الإنظار؟ قال: لا يابني، الإنظار تأخير العبد لينظر في أمره، والإمهال تأخير ايضا، والاناة بطؤ في الحركة فيصفونها بالتمهل في تمهيد الأمور اي مفارقة التعجل وتأنى تمهل... قلت: ومعنى التؤدة؟ قال: هي مفارقة الخفة في الأمور ومنها جاء معنى المَوْؤُدة المثقلة بالتراب... توقفت السيارة عند احد المطاعم، وتعتبر تلك المطاعم دور استراحة للمسافرين، وترجّلنا ولم ارَ الحاج بعدها...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/02/16



كتابة تعليق لموضوع : ورطة رجل اعلامي الحلقة الثالثة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net