صفحة الكاتب : لطيف القصاب

إشكالية العناد والنزاهة
لطيف القصاب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في أوائل القرن الماضي ضربت العالم الغربي أزمة مالية حادة أضرت كثيرا بالعملات الأجنبية الأوربية ومنها الباون البريطاني فما كان من المصرفي الكبير ووزير المالية العراقي آنذاك ساسون حسقيل إلا أن اتخذ قرارا يقضي بأن يكون بيع النفط العراقي مبنيا على قيمة الذهب لا على أساس الباون البريطاني . وبعد شد وجذب بين الوزير العراقي العنيد وممثلي دولة الاحتلال (بريطانيا ) استطاع حسقيل أن يقنع الجانب البريطاني بوجهة نظره العنيدة .

إن أهم ما كان يتمتع به حسقيل الى جانب العناد هو النزاهة العالية ، فضلا عن كونه خبيرا في مجال عمله . والدليل على ذلك بقاؤه رمزا وطنيا محترما على الرغم من أصله اليهودي ، وعداء دولة الاحتلال له وبعض مسؤولي الحكم الملكي الذي كان يحاسبهم حسقيل على كل فلس ينفقونه من المال العام ، علما أن قيمة الفلس الواحد من أصغر فئة نقدية متداولة حاليا أي الـ (250دينار) تساوي بالكسور العشرية 0.000004

وفي ظل الأزمة العالمية التي تضرب العالم الغربي في هذه الفترة يبرز سؤال مهم مفاده : كيف يعيش العراقيون إذا سقطت أسعار النفط لاسيما أن العراق الحالي يعيش من النفط وعلى النفط ولاشيء غير النفط ؟

محلل سياسي مراوغ تبرع بالجواب عن هذا السؤال فقال: إن الحكومة تستطيع أن تسد العجز المالي عبر استخدام ما يملكه البنك المركزي العراقي من احتياطي نقدي استراتيجي هائل . ولكن ماذا سيكون الحال عليه بعد نفاد مدخرات البنك المركزي؟ أعتقد أن أي محلل سياسي لن يستطيع مهما أوتي من قدرة على المراوغة أن يتوقع للعراق مصيرا أفضل من مصير أية دولة أفريقية أصيبت بأسوأ موجات جفافها ، وغدا سكانها فريسة للمجاعات والأمراض وفوضى النهب والسلب .

تقول النائبة في لجنة النزاهة عالية نصيف إن العراق يخلو من قانون ينظم مصروفات الإيفادات الرسمية للمسؤولين في حين يجري العمل حثيثا على تخصيص ما نسبته 21% من الموازنة المالية العامة المقبلة لصالح تلك الايفادات ، علما أن توقعات وزارة التخطيط العراقية لموازنة العراق لعام 2012 أوصلتها إلى 120 مليار دولار تقريبا أي أكثر بكثير من 14400000000000 دينار مع إهمال حساب الكسور العشرية بطبيعة الحال . أحد المحللين السياسيين يقول إن السبب في عدم وجود قانون يحدد أموال الايفادات لدينا يكمن في عدم وجود نظير لحسقيل يحاسب مسؤولينا على السنت الواحد ولا عجب في ذلك فوزير ماليتنا الحالي رافع العيساوي مثلا هو شخص متسامح فضلا عن كونه طبيبا مختصا بكسور العظام لا كسور الأرقام .أما المسؤولون العراقيون فبعضهم يجمع في نفسه عناد ألف حسقيل لكنه لا يملك ولا حتى 0.000004 من نزاهته .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لطيف القصاب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/22



كتابة تعليق لموضوع : إشكالية العناد والنزاهة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net