صفحة الكاتب : علي علي

حصتنا من خفي حنين؟
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من غير المعقول ان يبذل الفرد جهدا يرافقه بذل مادي وتحضيرات عديدة، مقابل أمر لايعود بنفع ملموس او محسوس، او تحقيق غاية انسانية له او لغيره. وإلا فعمله ووقته وجهده ذهبت أدراج الريح، وكأنها والعدم سيان. فالعمل من دون غاية وجدوى هباء، كالكلام من غير فحوى ومعنى، وهو بهذا يحاكي شاعرا لم يحقق من قصيدته الفارغة، إلا الوزن والقافية والتي من أبياتها:

الأرض أرض والسـماء سـمـاء

والمـاء مــاء والهــواء هــواء

والمـاء قيل بانـه يروي الظـمـا

واللحـم والخبز للسـمين غـذاء

ويقال ان الناس تنطق مثلـنــا

أمـا الخـراف فقولـهـا مأمـاء

كل الرجال على العمـوم مذكـر

أمـا النسـاء فجميعهن نسـاء

  ماذكرني بهذا، هو ما تؤول اليه أغلب إجتماعات سلطتنا التشريعية في برلماننا العراقي، التي عادة ما تأخذ من الوقت طويلا، ومن المال كثيرا، ومن الوعود سرابا، ومن الآمال خيبة، ومن الاعتماد خذلانا، ومن الثقة زعزعة، ومن اليقين شكوكا، في الوقت الذي ظن العراقي ان حلمه في العيش كباقي شعوب العالم، بات على وشك التحقيق. فما اقرب تلكم الأبيات الجوفاء التي لا صدى لها، مما يحدث في ساحتنا العراقية، حيث لاجدوى من الإجتماعات والجلسات، رغم ثقلها الاجتماعي والرسمي والشخصيات والـ (صماخات) التي تحضرها و (تترأسها).

  ومن البديهي عند العراقيين ان تكون الحصيلة من تلك الاجتماعات صفرا او صفرين او احيانا عشرة أصفار، كلها على الشمال (لاتهش ولاتنش) لاسيما عندما يكون الاجتماع لتقريب وجهات نظر او حل خلاف وهي بحمد الله كثيرة. فأول تلك الاجتماعات نوايا ومخططات تبدو للوهلة الأولى سليمة، ما إن تمر على الاجتماع سويعة إلا وتتعالى الأصوات والصيحات والمنابزات وغيرها من الملبوسات لاسيما الـ (جلدية) منها، فهي أقرب سلاح أبيض في متناول اليد. وتمر السويعات والفرقاء لايزدادون إلا تفارقا وفرقة، وكيف لا! وكل يبكي على ليلاه، وليس على ليلى العامرية اوالعراقية. وقطعا لايفوتهم التصنع بالوطنية وحب العراق فيعبرون عن التصاقهم بأرض الوطن، وفي حقيقة الأمر التصاقهم بالكراسي لاغيرها.

  وكعادتهم تتوالى التأجيلات تلو التأجيلات، ولأسباب موضوعية او غير موضوعية، مقنعة او غير مقنعة، منطقية او غير منطقية، فهم في كل الأحوال لن يخرجوا بالسمين والمفيد بل بالغث والهزيل من القرارات. ولا أرى العراقي في حاليه؛ قبل اجتماعات ساسته وبعدها، بمنتفع منها لامن قريب ولا من بعيد، فالأمر كأبيات الشعر آنفة الذكر ليس لها معنى إلا الفراغ، وهو مايشعر به المواطن منذ عقود وكأن عجلة الحياة عنده قد توقفت، وباتت من غير معنى ولون ورائحة وطعم، وقبل هذا وتلك وذاك فإنها خالية تمام الخلو من أي جدوى أو فائدة تذكر. ولعلي لاأظلم أحدا إن شبهت اجتماعات أهم مجلس من مجالس الدولة، والذي من المفترض أنه يمثل المواطن، وينطق باسمه، ويحافظ على حقوقه، ويصون ثروات بلده، ويضمن مستقبله، ويحقق له الأمن والأمان واستقرار معيشته، فهل هذا ما معمول به؟ أم أن المصالح والمآرب هي التي تحكم، وهي التي لها الأولوية في المهام والواجبات، فشعار ساستنا ونوابنا منذ عقد ونصف العقد لم يتغير البتة، ذاك هو: (أنا ومن بعدي الطوفان).

   ومافتئت في كل حرف أكتبه بحقهم واصفا إياهم لا ذاما، يشاركني فيما أنا ماضٍ فيه مئات الكتاب العراقيين، وبدورنا ننوب عن ملايين العباد ممن لم يعنهم قلمهم على النطق وإبداء الشكوى، وكلنا في وادٍ واحد، ونحمل المعاناة ذاتها. ومعاناتنا في بلدنا الجريح عملة بوجهين، الأول أننا نعاني مما نحن فيه من يوميات حياتنا، مقارنة مع بلدان لاتملك عشر معشار مافوق أرضنا وما تحتها من خيرات. والثاني وهو المؤلم والمحزن، أن شكاوانا مجتمعة لايسمعها من بهم صمم، فهم في شغل شاغل عن هموم العراقيين، ولهم فيما يعنيهم من أمرهم كل الاهتمام، أما المواطن فليس له حصة من إنجازات ساسته غير خفي حنين، ولعل خفي حنين هما الآخرين قد سرقا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/02/11



كتابة تعليق لموضوع : حصتنا من خفي حنين؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net