صفحة الكاتب : صلاح عبد المهدي الحلو

مع الكتاب.
صلاح عبد المهدي الحلو

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كانت بذرة التصنيف الأولى لهذا النوع من الكتب الذي يجمع مايتعلق بموضوعٍ واحدٍ في كلِّ باب من ابتكار عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ت 276,وذلك في كتابه الرائع (عيون الأخبار) والذي لاينبغي أن تخلو مكتبةٌ منه.
ولكنه متعصبٌ بغيض,ففي كتاب (العلم والبيان) وتحت عنوان (الأهواء والكلام في الدين) مج1ج2ص156 ينقل محاورةً مكذوبة – سنرى ان ابن عبد ربة ينقلها في كتابه العقد الفريد – بين الإمام الرضا عليه السلام والمأمون في الإمامة,وكانت الغلبة فيها للمأمون على حد زعمه.
وسنرى روايةً عن الأصمعي – وما أدراك ماهو نصباً وسفالة – أن رافضياً شتم عمرَ عند أمير المدينة,فأسلمه الى الحجام فحذق! مج1ج2ص158
ما أقوى الحجامة من برهان!!
ويبدو أن مسألة القضاء والقدر كانت تشغل بال الكثيرين,انكسرت رجل مسلم بن ابي مريم,فقيل له جبِّرْها,فقال كالمستغفر:- يكسرها هو,وأجبرها أنا؟!
وعلى هذا فلك أن تقول:- يجوِّعني الله,وآكل الطعام؟
ثم جاء بعده صاحب (العقد) ابن عبد ربه الاندلسي ت328 الذي قال فيه الصاحب بن عباد بعد أن قيل له إن كتاباً أًلِّف في المغرب ليس له مثيلٌ في المشرق,فلما قرأه ردَّه وقال: تلك بضاعتنا رُدَّت الينا.
و(العقد)هو اسم الكتاب الحقيقي,ولكن الناس لنفاسته وصفته ب (الفريد) واشتهر باسم العقد الفريد,وعليه أعجب من محقق الكتاب (الدكتور) مفيد محمد قميحة حيث اثبت عنوانه على الغلاف (العقد الفريد) وما هي تسميته,ولكن لاعجب فهي طبعة (دار الكتب العلمية) التجارية,والتي طبعت كتاب (يتيمة الدهر) للثعالبي محققا بتحقيق هذا الدكتور نفسه,وكانت فضيحة,لأن على الغلاف ذكر ان المحقق الدكتور قميحة,ولكن في الصفحة الاولى (الغلاف الداخلي) كتب اسم محققٍ ثان,وهذا من أعجب العجب.
وهذا ماوقع فيه كل من حقق الكتاب من (الدكاترة) وغيرهم,مع ان من بديهيات التحقيق تحقيق اسم الكتاب,كطبعة دار الارقم,ودار الكتاب العربي وغيرهما.
وقد كانت عندي قديماً – قبل عشرين سنةٍ تقريباً –دورة من القطع الكبير محققة باشراف أحمد أمين وآخرين,وكنت قد قرأتها في وقتها قراءة تحقيقٍ وتدقيق,وكتبت عليها ملاحظاتٍ كثيرة,ونبهتُ على أغلاط المحققين, ونوَّهت وقتها على أخطاء المؤلف,ولكن بعتها في سداد دين بعض من كفلت,وكانت تلك مصيبة عمري,وفاجعة قلبي والله المستعان على فقدانها,ومنه العوض على تلافي ما ضيعتُ فيها من جهاد,وما حبَّرت عليها من مداد,ولم يكن هؤلاء المحققون مأمونين على الكتاب كما أشار إلى ذلك السيد عبد الزهراء الخطيب في كتابه (مصادر وأسانيد نهج البلاغة),إذ كانت الخطبة الشقشقية موجودةً في النسخ الخطية,ولكنهم لم يثبتوها في الكتاب.
وكان ايضاً لمسألة القضاء والقدر حضورٌ,فزعم – تبعاً لابن قتيبة في كتاب المرجانه ج2ص222– أن رجلاً قال لهشام بن الحكم:- أنت تزعم أن الله في فضله وكرمه وعدله كلفنا ما لا نطيقه ثم يعذبنا عليه؟ فقال هشام:-قد والله فعل,ولكن لانستطيع ان نتكلم!!!
وقال قدريٌّ لمجوسيٍّ:- مالك لاتُسلم؟
قال المجوسي:إلاَّ أن يأذن الله في ذلك.
قال القدري:-إن الله قد أذن ولكن الشيطان لايدعك!
فقال المجوسيِّ:- فأنا مع اقواهما!
ومن أطرف الحوارات ما وقع بين ابي العتاهية وثمامة ابن أشرس, ج2ص22 صار أبو العتاهية يقول بالجبر,فحذره المأمون من الدخول في هذه المسالك وانه عليه أن يكتفي بالشعر,فأبى فجمع بينه وبين ثمامة ابن اشرس للخصومة,فحرك أبو العتاهية يده وقال:- من حرَّك هذه؟ فأجاب ثمامة:- من نا...أمَّه!! فتظلم ابو العتاهية عند المأمون وقال:- قد شتمني.
فقال ثمامة:-ياجاهل! تحرك يدك وتقول من حركها؟ فإن كان الله فلم اشتمك, وإن كنت انت فهو قولي.
وبمناسبة ثمامة فالرجل له محاوراتٌ طريفة,وإلزاماتٌ رائعة,ويبدو أن السفسطة كانت منتشرةً في بغداد,وكانوا يسمونهم (الحسبانية) اي ان الاشياء كلها على التوهم والحسبان,وهذا مثل قول القدماء منهم في اليونان,ان كل شيءٍ وهم وخيالٌ ولا يمكن لأحدٍ أن يعرف الحقيقة,فالحقيقة نسبية والانسان مقياسها,واذا ادركها فلا يمكن ايصالها للآخرين.
وقد دخل رجلٌ من الحسبانية على المأمون,وسأله ثمامة ابن اشرس بأمر المأمون:- ما مذهبكم؟
فقال:- الاشياء كلها على التوهم والحسبان,وانما يدرك الناس على قدر عقولهم,ولا حق في الحقيقة!!
فلطمه ثمامة لطمةً سوَّد بها وجهه,فغضب الحسباني وقال :يا أمير المؤمنين (كذا) ايفعل هذا في مجلسك؟ فقال ثمامة وما فعلتُ؟ قال لطمتني! قال لعلني دهنتك بالبان - نوع من البخور -ثم قال:
ولــــــــعلَّ آدمَ امنا ---- والأبّ حوا في الحسابْ
وعساك تأكل من خرا ---- ك وانــــت تحسبه كبابْ ج2ص248
ثم جاء الزمخشري ت538 وألف كتابه الرائع (ربيع الابرار) وهو الكتاب الذي بحث عنه الشيخ الاميني قدس سره لأجل اتمام كتابه الغدير ببعض نصوصه,وحصل عليه بكرامة من الله تعالى ليس هذا محل ذكرها,والزمخشري كان اعرجاً,يقول :كان ذلك بسبب دعاء الوالدة عليَّ لما كسرت رجل عصفورٍ في طفولتي.
وكتابه الكشاف لانظير له في نكاته البلاغية,حتى ان الشيخ الطبرسي كتب تفسير القران مجددا لاقتناص هذه النكات منه.
ومن الطرائف التي ذكرها ان أموياً قال ليهودي:- أين كان أبوك حين أسلم أبي؟!
قال اليهودي:- كان مع ابيك يتحالف على هدم الاسلام , ونسيت ان اكتب مصدرها بالضبط,وكان للقضاء والقدر حضورٌ ايضاً,ففي مجلس والي البصرة جاءوا بطرارٍ (سارقٍ) احول,فقال الوالي لبعض فقهاء المجبرة :- ما عقوبته؟
قال المجبِّر:- نضربه خمس عشرة سوطا.
فقال بعضهم معرضاً بالمجبر :- نضربه ثلاثين سوطاً,خمس عشرة لسرقته,وخمس عشرة لحوله.
فتعجب المجبر وقال متسائلاً: تضربه على الحول؟!
فقال:- نعم,اذا كانت افعاله كلها من الله فما الضرب على السرقة اولى من ضربه على الحول.
هذه اضمامة مختصرة عن هذه الكتب الثلاث,واردت ان اتوسع ولكن المنشور طال عن حده.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صلاح عبد المهدي الحلو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/02/10



كتابة تعليق لموضوع : مع الكتاب.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net