صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

سبع أسباب وراء المشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية القادمة
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تمثل الانتخابات الديمقراطية طريقا حضاريا للحكم. فمن خلال الانتخابات، يستطيع الناخب من اختيار الشخصية التي يعتقد انه او انها مؤهلة لتحمل المسؤولية وتحقيق رغباته. ثانيا , ان اختيار القادة من قبل المواطنين , يعطيهم الحق من محاسبة هؤلاء القادة في حالة اخفاقهم . الحملة التي نقرا  ونسمع عنها ضد الفاسدين في العراق , لم نكن نسمع عنها في ظل الحكومات الديكتاتورية المتعاقبة على العراق , ليس بسبب غياب الفساد , وانما خوف المواطن من توجيه الاتهامات الى موظفي الدولة الكبار. يحتاج المواطن ان يتذكر حجم الفساد الهائل الذي مارسه قادة الحكم البائد الى درجة اصبح لا يوجد فارق بين ميزانية الدولة وميزانية افراد عائلته . اكثر من 20 قصر رئاسي بناه صدام حسين له ولأفراد عائلته , عدي و قصى استحوذا على اخر مليار دولار كان في خزينة البنك المركزي قبل سقوط نظامهم بيومين . الكهرباء كان يغطي بعض مناطق بغداد جزء من اليوم الواحد , ولكن لم يذق اهل الوسط والجنوب الطاقة الكهربائية طيلة الخمسة عشر عام قبل انهيار النظام , ولم يستطع بناء مدرسة او مستشفى في أي من مناطق العراق. ومع هذا فان المواطن العراقي لم يستطع توجه تهم الفساد الى النظام لأنه يعرف جيدا ان من ينتقد النظام مصيره قطع الاذن او اللسان . ولكن , في ظل النظام الديمقراطي , للمواطن الحق بانتقاد قادته في حالة اخفاقهم من تحقيق ما وعدوه به , وهذا هو احد الأسباب من اندلاع موجة من الانتقادات الى الحكومة , البعض منها صحيحا , وجزء كبير منها من  اجل التسقيط السياسي. وأخيرا , ان النظام الديمقراطي يسمح للمواطن (الناخب) و المنتخب (السياسي) بانفتاح الواحد على الاخر. من خلال اللقاءات المتكررة يستطيع المواطن طرح ما يريده على السياسيين , وبالمقابل يستطيع السياسي من التوضيح للناخبين العقبات التي قد تقف امام تحقيق رغباتهم . ولهذا , فان هناك اجتماعات منتظمة بين أبناء المدن وقادتهم السياسيين شهريا , وان لم  يستطع الحضور شخصيا الى قاعة الاجتماعات , يرسل شخص اخر ممثل عنه.

المواطن العراقي اصبح يتمتع بنظام سياسي ديمقراطي لم يحصل عليه أي مواطن اخر في الوطن العربي , على الرغم من العقبات الجسيمة التي وقفت امامه , من اجل اسقاطه او تعطيله . وان استمرار النظام الحالي  يعود الى التضحيات الجسيمة التي قدمها المجتمع العراقي , وبذلك استحق الاحترام والتقدير من قبل حكام وشعوب العالم.

ولكن هذا النجاح في استمرار العملية السياسية لم يفرح أعداء التغيير , و بدأوا  بإطلاق حملات عدائية مدعومة من دول لا تريد الخير للعراق , تدعو المواطن العراقي بمقاطعة الانتخابات القادمة , مبررين ان العملية السياسية قد فشلت ولم تجلب للعراق الا الدماء و الخراب والفساد . انها كلمات حق اريد بها باطل , لان من استباح دماء العراقيين ودمر البلاد هم انفسهم . انهم لم يستطيعوا القضاء على العملية السياسية بالسلاح , فاختاروا  القضاء عليها من خلال طرق خبيثة منها حث المواطن النوم بدلا من التوجه الى صناديق الاقتراع في يوم التصويت. هناك على الأقل سبعة أسباب تفرض على كل مواطن عراقي شريف التوجه الى صناديق الاقتراع يوم 12 أيار 2018, وهي:

  1. الانتخابات القادمة ليست لاختيار رئيس لمجلس الوزراء وحكومة جديدا فقط , وانما ستشمل اختيار الحكومات المحلية أيضا. وعليه , حتى وان شعر المواطن من محافظة الانبار , على سبيل المثال, انه لا حاجة له برئيس مجلس وزراء , فان حاجته ستكون ملحة لاختيار شخصية من اهل محافظته من اجل تحقق رغباته. يضاف الى ذلك , حتى وان كانت نتائج الانتخابات محسومة , بفضل الانقسام الطائفي والاثني, الا ان مشاركة المواطن في الانتخابات سيعطي قوة التفاوض لمكونه في البرلمان والحكومة. رفض مكون عراقي معين من المشاركة في الانتخابات يضع ساسته موضع الضعف امام قادة المكونات الأخرى , وهذا هو سبب زيارة الشيخ احمد الكبيسي للعراق لحث المكون السني للمشاركة في الانتخابات وعدم السماع لفتوى الشيخ عبد الملك السعدي والذي اطلق فتوته من الأردن بحرمة المشاركة بالانتخابات.
  2. المشاركة الكثيفة من قبل جميع مكونات الشعب العراقي يجعل من النظام الديمقراطي اكثر تمثيلا لشعب العراق. مشاركة المكون الشيعي بكثافة مع امتناع المكون السني بالمشاركة , يعني استحواذ المكون الشيعي على معظم منافع النظام الديمقراطي. وهذا صحيح لبقية المكونات العراقية الأخرى.
  3. عدم مشاركة مجموعة سكانية في الانتخابات يؤشر عن وجود مشكلة يجب دراستها و وضع الحلول الكفيلة للقضاء على المشكلة . كان من السهل على اهل الغربية الحصول على جميع ما ارادوه (وفق الدستور) لو اختاروا الطريق الديمقراطي لحل مشاكلهم ,ولما استطاع تنظيم داعش اختراق مدنهم وقراهم والعبث بها.
  4. الانتخابات تظهر ثقل و حجم قبول المواطن العراقي للأحزاب والكتل والمرشحين المتنافسين . تراجع عدد الأصوات للأحزاب الكبيرة تعني رفض المواطن لتوجهات هذه الأحزاب وفشلهم في تحقيق طموحاته , بينما حصول أحزاب صغيرة على أصوات كثيرة يعني حصولهم على ثقة المواطن بتحقيق طموحاته.
  5. حتى لو اختار المواطن كتلة او حزب او مرشح من غير دينه او مذهبه او قوميته , وأتمنى من الله تحقيق ذلك, فان هذا التحول سيكون له اثار جيدة على مستقبل الديمقراطية في العراق. ان عدم اكتراث المواطن العراقي بهوية المرشح والنظر فقط الى برنامجه هي الخطوة الأولى في تمتين العملية الديمقراطية واتجاه سفينة العراق نحو بر الأمان.
  6. ان المشاركة في الانتخابات العامة القادمة هو وفاء الناخب العراقي الى جرحى وشهداء العراق عبر تاريخه الحديث. هناك دماء زكية سقطت في بغداد والمحافظات العراقية والتي كانت تطالب بالنظام الديمقراطي . وان الدماء التي نزفت بعد التغيير و في معارك تحرير العراق من تنظيم داعش سقطت من اجل عراق حر ديمقراطي بعيد عن هيمنة مذهب او فكر واحد . وهكذا ان المشاركة في الانتخابات سوف تقر عيون شهدائنا من الحشد الشعبي والبيشمركة وأبناء العشائر والقوات المسلحة العراقية بكل صنوفها.
  7. النظام الديمقراطي يحمل الكثير من العيوب والنقص , ولكن لا يوجد نظام سياسي احسن منه . ان امتناع المواطن العراقي من المشاركة في الانتخابات العامة يضعف النظام ويقوي شوكة اعداءه من الطائفين و التكفيريين و الأحزاب الديكتاتورية التي لا تؤمن بالتعددية السياسية والتي تريد ارجاع  العراق الى المربع الأول , خوف الأخ من أخيه , والزوج من زوجته, الاب من ابنه  , و الجيران من جيرانه. هذا هو الخيار الذي يريده أعداء الانتخابات العامة في أيار 2018.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/02/08



كتابة تعليق لموضوع : سبع أسباب وراء المشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية القادمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net