معاناة الرجل الآخر

ربما أعرفه.. ملامحه ليست غريبة عني، لكني بالتأكيد لم أرَه أبداً في حياتي، زادته هالة النور وسامة ملائكية، يبتسم بها رغم أساه المخبوء في عينيه، يقول لي أشياء بليغة لم أفهم منها سوى:ـ شكرا أخي لموقفك النبيل معي.. لا أدري أي موقف هذا الذي يتحدث عنه صاحب الهيئة الملائكية، يرى البعض أن الأحلام لا تتكرر، وكل ما عليّ هو النظر الى الذاكرة، والتركيز على ملامحه عساني أتذكره أو أتذكر الموقف الذي جاء يشكرني عليه. لم أكن أتصور أن هذا الموقف سيشعل كل خلايا الروح عتاباً:ـ لماذا اختفى عني بهذه السرعة، وجعلني في حيرة من أمري؟ لماذا يصعب عليّ نسيانه وترك التفكير به؟، تجيبني روحي:ـ هو ليس بموقف عابر من مواقف الحياة العادية، لهذا اللقاء خصوصية كبيرة، هالة النور وتلك المزايا الروحية النادرة التي يتمتع بها صاحب الهيئة الملائكية، نفثت في خلايا الكون حضوراً تقياً، قلت:ـ سيعود وأنا واثق من عودته، صار أهلي وناسي يترقبون حضوره، ويتابعون أخباره، ما إن أصحو من نومي حتى يهب السؤال:ـ هل جاء؟ :ـ لا لم يأتِ بعد.. والمثير في الأمر.. أن لا أحد يطالبني بإهمال الموضوع، وعدم ترقب حلم قد يكون أضغاث احلام لا أكثر، ولا أحد من ناسي يتعب من متابعة الموضوع، رغم مرور أكثر من شهر. صحت:ـ بهذا العمق صرت أترقب حضورك أيها الرجل الملائكي، لماذا تأخرت عني؟ قل لي بربك من انت؟ وما هو الجميل الذي اسديته لك فشكرتني عليه، يبدو لي انه تحدث لي عن أمور كثيرة، وقال أشياء وأشياء.. لكني في نهاية الأمر لم أتذكر شيئاً مما قال، تلك محنة أخرى ستزيد حيرتي، وستزيد رصيد علامات الاستفهام، كل الذي عرفته من هذا اللقاء أن صاحبي رجل باركته الشهادة مهابة ودرجات سامية ومراتب عالية لا يطيق حضورها العقل البشري..! معضلة هذا اللقاء، انه حقيقة، تصرخ فيّ اينما أذهب، سببت فضولاً لا يطاق عندي وعند جميع أصدقائي، والذي عزز ارادة الانتظار هو اصراره على ابلاغ رسالته، ويبدو لي أن هذا الرجل الملائكي يعاني مثلي تماما، الشهداء يؤمنون أن الوفاء موقف يمثل هوية الارتقاء الى مصاف الركب الحسيني المبارك، لهذا سيحضر ثانية وثالثة.. ولابد من حضور يتوج هامتي بالنور، صار مصدر اعتزاز لي، ومن شدة بهجتي به، رحت أهرول بحزني اليه.. :- أرجوك لا تتركني عند محن الانتظار، أتوسل اليك، قال لي:ـ شكرا أخي لموقفك النبيل معي، صحت:ـ هذه أعرفها يا سيدي، أكمل ارجوك، قال:ـ أنا قيس جعفر موسى شهيد من شهداء الحشد المبارك، وفي أحد محافل تكريم الشهداء في العتبة الحسينية المقدسة كنت أنت بصحبة صحفي من جريدة صدى الروضتين ما زلت اتذكر اسمه هو زين العابدين السعيدي، دعوت ابنائي اليك قبلتهم وطيبت خاطرهم والتقطت معهم صورة تذكارية. هم الى الآن يتذكرون الموقف كل يوم، لابد أن ينتبه العالم الى مسألة مهمة أن أبناء الشهداء أمانة لديكم، هم روح الشهادة التي ترفرف ببهجتهم في أعالي المصير، هم ابتسامة اليقين، فاحرصوا على زرع الابتسامة على شفة كل شهيد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/24



كتابة تعليق لموضوع : معاناة الرجل الآخر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net