صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

الإعلام العراقي والأدوار المفقودة
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الإعلام اليوم هو المؤثر الأكبر في حياتنا هذا أمر لا يمكن إنكاره.. فالإعلام هو من يصنع القناعات اليوم للناس عبر تصنيع الخبر والمعلومة والصورة .. هو اللاعب الأكبر في حياة الناس, قد تداخل مع كل مجالات حياتنا ( المجال السياسي, الاقتصادي, الديني, الاجتماعي, الثقافي.. الخ ) وما عدنا نطيق فراقه !! فحياتنا اصبح لها معنى أخر ولا يمكن إن نتصور يوم من دون الإعلام ودوره الذي يؤديه .. البعض يقول انه اذا اختفى الإعلام يعني موت الحياة المتطورة والعودة الي كهوف الماضي !! وهناك إشارات فلكية وتنبؤات العرافين تتنبأ بزوال هذه التنكلوجيا في السنين القادمة بسبب فعل حدث كوني تؤدي إلى توقف الأقمار الصناعية عن العمل وكل شيء مرتبط بها .. لكن وألان ونحن وسط يدين هذه الثورة المعرفية ما هي الأدوار المطلوبة ؟ وما حصل من فعل على ارض الواقع ؟ وما مدى خطر وأهمية هذا المجال من حياتنا ؟..

تصنيع الخبر

إن تصنيع الكلمة اصبح اليوم علماً مستقل , فكيف يتم صنع الخبر وبأي صورة يبث وما هي الكلمات التي لها وقع في الإنسان , وتوقيت الخبر في زمان معين وترابطه مع حدث أخر مثلا او وقوعه في شهر له خصوصية مثل رمضان او ايام عطلة او عيد , والصورة المصاحبة للخبر , فحسب قناعتي إن اغلب القنوات الإعلامية لا تهتم بالحقيقة قد اهتمامها بصنع حبر يؤثر في المتلقي حسب غايات وأهداف الممولين .. وتعمل القنوات على عمل استطلاعات للناس لتتعرف على ما يجذبهم وما يهمهم لتضرب على هذا الوتر الحساس..

طبيعة العلاقة  بين الإعلام والجماهير

المنابر الإعلامية تنتج الخبر والمعلومة والإنسان هو المستهلك أنها مجرد سوق ببساطة مثل أي سوق أخر, ودوافع الإعلام إن يكون رواج لبضاعته.والسوق هو الفضاء فريسيفر الاستقبال هو السوق التي يتم عرض بها بضاعة المتنافسين . والبضاعة هي خبر ومعلومة ونمط سلوك...والذي يحقق الغايات والأهداف هو المستهلك صاحب الرسيفر ( المواطن ) .. فكيف تروج هذه البضاعة بين الناس ..(( للنظر بخصوص سوقنا الإعلامية العراقية )) هناك تنافس بين عدد من القنوات لاحتكار السوق.. ونتساءل هنا لماذا يريد هؤلاء إن تباع بضاعتهم ؟؟ لماذا يسعون إلى أن يكون رواج لبضاعتهم بين الناس ؟؟ إن الإنسان عندما يأخذ الخبر او المعلومة او البرامج التي تدعم سلوك معين فان لها انعكاس على حياته أي إن هناك تمظهر للخبر والمعلومة على فعل الإنسان , فهي مثلا تحاول إسقاط حزب معين او كتلة معينة , فيتلقى الخبر والمعلومة ومع الاستمرارية تسقط هذه الجهة عند المواطن فيتحقق هدف صاحب البضاعة الإعلامية .. او يحاول مثلا جذبه إلى مشروع سياسي معين فيكثف المعلومة والبرامج الداعمة والإخبار وتوظف كل هذه مع الاستمرارية إلى إن يصبح المتلقي مؤيد لهذا المشروع تلقائيا بعد فترة .. لكن هناك شرط أخر لكسب المشترين للبضاعة الإعلامية إلا وهو القدرات الإعلامية الكبيرة (( المالية والبشرية والتكنولوجية )).. فليس المهم المصداقية بل المهم توفر هذه الشروط لتصبح القناة الاولى في التأثير في الناس !! واليوم الساحة تتواجد فيها قنوات معروفة بمشروعها المخيف وسقوطها المتكرر في قضايا ضد المجتمع والوطن والثوابت لكن لها رواج بسبب قوتها الإعلامية المتمثلة بالشروط الثلاثة , وهذا يوضح حقيقة ضعف الوعي الجماهيري للأمة فمع ثبوت عدم صدق المعلومة وخبث المواقف لكن المتلقي مستمر بالأخذ والسبب جمال الصورة وحسن تصنيع الكلمة والتي تلقى أثرها عند المتلقي تنسيه ما سبق منها .. فالعلاقة في الأغلب هو علاقة استغلال للمواطن, وتنفيذ لأهداف الممولين, وتحقيق لغايات خطيرة.

الإعلام العراقي بعد 2003

بعد سقوط النظام المستبد انفتحت الساحة الإعلامية بشكل غير  مسبوق فبعد إن كانت مجرد قناتين تلفزيونيتين وخمس صحف وكلها بيد الحزب الحاكم فإذا بعشرات الصحف والقنوات التلفزيونية تبث ومن دون أي قيود .. فهو أمر فريد حتى إن اغلب دول الجوار لا يوجد فيها هذا الانفتاح بسبب طبيعة الأنظمة الحاكمة فيها.. مما ولد ظروف متضادة أثرت بشكل كبير على الإعلام.. فلم يكن هنا تأييد للعراق الجديد وطبيعة نظامه القائم على أسس الديمقراطية وحاكميه الدستور !! فالنظام الملكي والوراثي هو السائد في دول الجوار , وتغييب لصوت الإنسان هو الشكل الطاغي ,  فكيف يرتضون بنظام يقوم على العكس مما هم عليه ؟!! لذلك اتجهت الجهود لإفشال هذه التجربة الفتية في المنطقة والتي اعتبرت تهديد كبير للكثير من العروش .. مما جعل طبيعة الإعلام بصورة عامة يأخذ اتجاهان.. الاتجاه الأول هو المؤيد للعهد الجديد ومؤيد للعملية السياسية ,وداعم كبير لصوت المواطن ويرفع علامة موافق كبير على التغيير الذي حصل في العراق واعتبار ما كان مجرد نظام مستبد , داعم للحرية الإنسانية ,يسير خطوة بخطوة مع التطور السياسي مما شكل الدافع الأكبر لأي نجاح يتحقق على ارض الواقع .
الاتجاه الثاني : هو مجموعة منابر إعلامية غير موافقة على التغيير تترحم على الأيام الماضية وتمجد ما كان وتعتبر ما جرى مجرد احتلال وصعود من لا يستحق إلى موقع القرار ,تعمل على إفشال العملية السياسية وتحتضن كل من يعارض العراق الجديد او يكون من بقايا المنظومة السياسة السابقة أيام حزب البعث .. تهول ما يجري باعتباره فشل وخطيئة يجب ان نتركها لنعود في حضن الماضي , فكانت من اكبر عوامل إشاعة الفرقة والاختلاف . بل هي بنحو ما داعم للإرهاب الذي حصل في العراق .. و بعضها يقدم دروس عن كيفية ان تصبح إرهابيا ( طرق صنع العبوات وتمجيد من يسير بهذا النهج ) وحصلت هذه القنوات على دعم الإطراف الخارجية .. و أعطاها هذا المال الخارجي قوة وقدرة على البقاء والاستمرارية في نشر سمومها..
وهنا نحن نحتاج لتشكيل جهة قانونية تتابع هذه القنوات التي أساءت للمواطن والمجتمع العراقي وكانت سبب الكثير من الويلات والمحن التي جرت طيلة السنوات السابقة كي لا تضيع حقوق العراقي .

دور الإعلام العراقي في عملية بناء العائلة

للإعلام الأثر الأكبر اليوم على العائلة هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها, فهو اليوم شريك في عملية تربية الأبناء بنحو معين.. لكن لليوم لا توجد إستراتيجية معينة نحو العائلة العراقية من قبل منظومة الإعلام بسبب عدم وجود دور حكومي يوحد ويبرمج ما يتم بثه من برامج , وهذا يعني تخلي الحكومة عن دور كان يجب إن يتواجد ليوحد الجهود ويبرمج ما يتم بثه عبر القنوات والصحف .. واعتقد هو غياب كامل للسلطة التشريعية التي لو أرادت لكان لها تأثير عبر بعض التشريعات التي تهتم بالعائلة والطفل.. مما جعل العائلة ضحية فوضى غير طبيعية خصوصا واغلب قنواتنا تقلد الآخرين في ما يتم طرحه ,فالمادة الموجهة للعائلة تدعم الخيانة والكذب والسلوكيات التي لا تلتزم بعرف ولا قيم مع برامج باعثها تغيير الهوية بعناوين شتى مثل التطور واللحاق بقطار الحضارة والتركيز على العبث واللهو واللانظام كي يهد جسد العائلة وهو ما حصل والدليل ارتفاع رقم عدد حالات الطلاق في العام ليصل إلى مليون حالة طلاق !!  والمادة الموجهة إلى الطفل غير صالحة ولا تخدم قيمنا ولا تعطي سلوكيات جيدة للطفل فما بالك ببعضها الذي يدفعه للتمرد على الإباء او هي مجرد عملية تركيز على العنف والقتل والصراع فأي طفل سيكون .. إما قضية المثل والقيم الأخلاقية فهي أما تطرح بشكل معكوس او  تغيب عن المادة المطروحة للطفل او حتى الموجهة للكبار عبر عديد القنوات بسبب التقليد وقوة الطرح الغربي للمثال الذي يدعون إليه والناتج إن ما يجري عولمة للطفل والعائلة كي تصبح بالصورة والقالب الذي يريده الغرب وبالتالي نفقد هويتنا ويشكل تهديد لكيان العائلة العراقية وخطر على سلوكيات الطفل في المستقبل .
الخاتمة
فاليوم ننشد إعلام يعمل على دعم الإنسان العراقي ورفع وعيه.. إعلام يعمل على  النهوض بواقع المجتمع العراقي ويبث المادة التي تؤكد على قيمه وأخلاقياته التي يجب إن سيتمسك بها ,  ويعالج السلبيات , ويصبح عين على المفسدين إلى ان يزج بهم للقضاء , ويحارب أعداء الوطن والإنسان .. نريد أعلام يهتم بالطفل والعائلة ويكون عدوا للإرهاب والإرهابيين القتلة وسفاكي الدماء . نريد إعلام يكشف دور منابر السوء التي لا ترتضي الخير للعراقيين , بل ويتابع الأمر إلى إن يأخذ حقوق العراقيين عبر القضاء .أعلام يسلط الضوء في كشف المجرمين وجرمهم وينمي الوعي للمواطن..  إعلام يوصل المعلومة الصحيحة والخبر الأكيد...  إعلام يركز على بناء الإنسان ذو هوية وطنية واضحة وقيم الأخلاقية العالية ويعمل على ربط تراثنا بواقعنا كي لا نضيع في عاصفة العولمة . 
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/19



كتابة تعليق لموضوع : الإعلام العراقي والأدوار المفقودة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net