صفحة الكاتب : د . عبد الهادي الطهمازي

حق الجوار في الإسلام
د . عبد الهادي الطهمازي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لحق الجوار أهمية بالغة في الإسلام، وعند العرب الأصلاء أيضا، فرابطة الجوار تعد المرتبة الثانية في النسيج الاجتماعي بعد رابطة الأسرة، ولرابطة الجوار دور عظيم في بناء الحياة الاجتماعية بناء سليما قائما على التفاهم والمودة والتآلف والتآخي، ولهذا نجد في التشريع الإسلامي عناية خاصة واهتمام بالغ بهذه الرابطة.
فقد ورد ذكر الجار في القرآن في قوله تعالى: ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ)).
ووقفة تأمل سريعة في الآية توقفنا على حقيقة في غاية الأهمية، وهي: إن الله تعالى قرن حق الجار مع حق عبادته ومع حق الوالدين وذي القربى والمساكين، وفي ذلك دلالة صريحة على أهمية حق الجوار في الإسلام، لانتظامه مع التوحيد في سلك واحد.
وعن رسول الله ص، أنه قال: ((أحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا)).
وقال ص: ((لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه))
وقد أوصى الإمام علي ع الإمامين الحسن والحسين بالجيران بعدما ضربه اللعين ابن ملجم فقال (ع): ((الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم)).
وقال الإمام الصادق (ع): ملعون ملعون من اذى جاره. وقال (ع): ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره.
وقال ص: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت.
وعن العبد الصالح عليه السلام قال: ليس حسن الجوار كف الأذى، ولكن حسن الجوار صبرك على الأذى.
وعن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: والبيت غاص بأهله (أي ممتلئ) اعلموا أنه ليس منا من لم بحسن مجاورة من جاوره.
وقال ع: صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الاعمار
وعن حبيب الخثعمي قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: عليكم بالورع والاجتهاد واشهدوا الجنائز وعودوا المرضى واحضروا مع قومكم مساجدكم وأحبوا للناس ما تحبون لأنفسكم أما يستحيي الرجل منكم أن يعرف جاره حقه ولا يعرف حق جاره.
وقد كان العرب غالبا يحفظون للجار حقه حتى في زمان الجاهلية، وقد وردت عنهم الكثير من القصص التي تثير الأعجاب بهذه السمات الأخلاقية العالية، فقد كان عدي بن حاتم الطائي يفت الخبز للنمل، ويقول: إنهن جارات ولهن علينا حق الجوار.
وهذا مدلج بن سويد الطائي، خلا ذات يوم في خيمته فإذا هو بقوم من طيء، ومعهم أوعيتهم، فقال: ما خطبكم؟ قالوا: جراد وقع بفنائك فجئنا لنأخذه. فركب فرسه وأخذ رمحه وقال: واللَّه لا يتعرض له أحد منكم إلا قتلته أيكون في جواري ثم تريدون أخذه! ولم يزل يحرسه حتى حميت عليه الشمس فطار. فقال: شأنكم الآن به فقد تحول عن جواري.
وقال شاعرهم وهو مسكين الدارمي:
ناري ونار الجار واحدة * وإليه قبلي ينزل القدر
ماضر جاري أن أجاوره* أن لا يكون لبابه ستر
أعمى إذا ما جارتي خرجت*حتى يواري جارتي الخدر.
ومن أبرز حقوق الجوار:
1-مشاركته وجدانيا في أفراحه وأحزانه
عن عبد الله الكاهلي قال: ((قلت لأبي الحسن ع: إن امرأتي وامرأة ابن مارد تخرجان في المأتم فأنهاهما، فتقول لي امرأتي: إن كان حراما فانهنا عنه حتى نتركه، وإن لم يكن حراما فلأي شيء تمنعناه فإذا مات لنا ميت لم يجئنا أحد! قال: فقال أبو الحسن ع عن الحقوق تسألني كان أبي ع يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل المدينة))
عن أبي عبد الله ع قال: ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يطعموا الطعام عنه ثلاثة أيام.
2-تقديمه في توزيع الحقوق الشرعية
فمن لديه حق شرعي من خمس أو زكاة أو زكاة فطرته، فجاره أولى بذلك إن كان فقيرا محتاجا.
3-حفظ عرضه وعدم أهانته أو أيذائه
ويقول الإمام زين العابدين ع في رسالة الحقوق: ((وحق جارك فحفظه غائبا، وإكرامه شاهدا، ونصرته إذا كان مظلوما، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوءا سترته عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شدائده، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تخرج أن تكون سلما له، ترد عنه لسان الشتيمة، وتبطل فيه كيد حامل النميمة)).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الهادي الطهمازي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/21



كتابة تعليق لموضوع : حق الجوار في الإسلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net