صفحة الكاتب : صلاح عبد المهدي الحلو

الإشكال النحويُّ في قولهم (مقدمة صغرى,ومقدمةٌ كبرى).
صلاح عبد المهدي الحلو

لمن يُحبُّ أن يُدليَ بدلو رأيهِ هنا في معترك أيدي الآراء ,ومشتجر قنا الأفكار,أتساءل:- هل يجوز نقد الأخطاء النحوية والصرفية التي صارت قالباً اصطلاحياً في العلوم,ومعنىً منقولاً في الفنون؟وكذا أسماء الاعلام الملفوظة بصورةٍ خاطئة حتى صارت علماً على قائليها.
مثلاً كلمة (الكليُّ الطبيعيُّ) رأيتُ بعض أعلام اللغويين انتقد بعض علماء المذهب – قُدِّس سره – وقال مامضونه :- إنَّ من حقها أن تكون (الكليُّ الطَبَعيُّ) لأنه على وزن فعيلة ؛ذلك ان النسبة إلى ماكان على وزن (فَعِيلَة) مثل (طبيعة) هو (فَعَلَيِّ) اي (طبعيِّ).
وهو الحق,كما تقول في (حنيفة) حنفيِّ,ومنه تعلم الغلط في نسبة أبناء عشيرة ربيعة إلى عشيرتهم,فيقولون (ربيعيَّ) وهو غلط والصواب (ربَعيِّ).
والذي جرَّني إلى هذا الحديث هو قولهم في المنطق :-
محمدٌ إنسان ..............مقدمةٌ صغرى.
وكل إنسانٍ فان .......... مقدمة كبرى.
إذن.محمدٌ فان ..................... نتيجة.
والإشكال النحويُّ في قولهم (مقدمة صغرى,ومقدمةٌ كبرى).
ذلك أن (كبرى) اسم تفضيلٍ مؤنث لاسم التفضيل المذكر (أكبر),وهنا قاعدةٌ مفادها أن اسم التفضيل إذا كان مجرَّداً من الألف والاضافة,فيجب أن يكون مفرداً مذكراً دائماً,بغض النظر عن كون موصوفه في عدده ونوعه مفرداً,جمعاً,مثنى,مذكراً مؤنثا.
وهنا (كبرى) و (صغرى) مجردان من الاضافة و (ال) ووفاءً للقاعدة المذكورة يكون اسم التفضيل مفرداً مذكرا,فتقول (مقدمةٌ أصغر..مقدمةٌ أكبر) ومن هنا تعرف اللحن في قولهم (مصيبةٌ كبرى,وغايةٌ قصوى) والصحيح مصيبةٌ أكبر,وغايةٌ أقصى,وكذلك مثل قولهم :دعامة كبرى,والصواب دعامة أكبر.
ولأجله لحّنوا أبا نؤاسٍ في قوله:-
كأنَّ صغرى وكبرى من فقاقعها .... حصباء درٍّ على أرضٍ من الذهب.
وبما أن المتنبي عالمٌ باللغة بصيرٌ بطرائقها لم يغلط في أمثال هذا المورد فقال:
له هممٌ لامنتهى لكبارها *** وهمَّتُه الصغرى أجلُّ من الدهر.
لله درُّه شاعرا,فإنه مارضي أن يجعل له همةً كبيرةً واحدة,بل جعل له مجموعة هممٍ كبيرة,وهذه الهمم الكبيرة لامنتهى لحدودها,فإن قلتَ:- وما حدود هذه الهمة؟ قال: سأضرب لك مثلاً بحجم همته الصغرى,أن حجمها أجلُّ وأعظم من الدهر على مابه من كبرٍ وعظمة,فإذا علمت هذا فلن أقول لك ماحجم هممه الكبرى سوى انه لامنتهى لحدودها.
وهل يعمُّ التصحيح المنقولات العلمية,أم يشمل حتى المنقولات العرفية مما صارت اصطلاحاتٍ على بعض الذوات ولكنه اصطلاحٌ خاطيء مثل قولهم (طالبٌ حوزويٌّ) والصحيح (طالبٌ حوزيٌّ)؛ذلك ان النسبة إلى ما كان مختوماً بتاء ,هو ان تحذف التاء وجوباً,وتلحق ياء النسبة المشددة بالاسم,سواء كانت هذه التاء مربوطة ,مثل (مكة) مكيّ,أو مفصولة,مثل جوزة ,جوزيّ,ومنه قيل ابن الجوزيّ,ولم يقولوا ابن الجوزويّ,نسبةً لشجرة الجوز,أو لعل اباه كان بائعاً للجوز,أو لمكانٍ في البصرة.
وحوزة,مثل جوزة,تحذف التاء وجوبا,وتلحق ياء النسبة المشددة بالاسم,فتصير حوزيّ.
وكذلك من الاخطاء العرفية الشائعة في اللغة قولهم (البَصري) بفتح الباء,رغم أن الحكم في الكلمة (بَصرة) كما سبق,فإن النسبة اليها بصريّ,بحذف التاء وجوباً وإلحاق ياء النسبة المشددة بالكلمة,غير ان النحاة عدّوا النسبة الى البصرة شاذة,كونها (بِصريّ) بكسر الباء,ومنه تعرف الخطأ في قولهم (الحسن البَصريّ) بفتح الباء,والصحيح (الحسن البِصريّ) بكسر الباء.
تساؤلي:- المصطلحات العلمية المنقولة,كالتي مرَّت وأشباهها,وكذلك العرفية كالتي ذكرنا وأمثالها,هل يجب نقدها في البحوث العلمية المتخصصة,ام يُغفل عنها؟ افتونا مأجورين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صلاح عبد المهدي الحلو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/20



كتابة تعليق لموضوع : الإشكال النحويُّ في قولهم (مقدمة صغرى,ومقدمةٌ كبرى).
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net