كتاب "غضب ونار" وإستهتار أمريكا بمصير الشعوب
جمال كامل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مازال كتاب الصحفي الأمريكي الشهير مايك وولف “نار وغضب” يهز امريكا لما احتواه من معلومات تكاد تكون موثقة ، عن ابعاد شخصية الرئيس الامريكي دونالد ترامب غير المتزنة ، والفوضى التي تعم البيت الابيض ، والاسرار الخاصة بما بات يعرف بصفقة القرن. 

رغم ان كل المعلومات التي ذكرها الكتاب تستحق الوقوف امامها مليا ، فهي منقولة عن  200 شخصية مقربة من ترامب والبيت الابيض ، لانها تكشف عن امور مروعة منها ، كيف يتربع رجل مشكوك في قواه العقلية ، على ترسانة تضم الالاف من القنابل النووية ، ويتفاخر انه يملك حرية الضغط على الزر النووي متى شاء ، وكأنه يلعب بلعبة اطفال.

رغم كل المعلومات التي ضمها الكتاب والخاصة بعائلة الرئيس الامريكي ترامب وصهره جاريد كوشنر وابنته ايفانكا ، وكيف يتعاملون بسطحية ، وكأنهم اطفال ، مع اكثر الازمات العالمية تعقيدا ، الامر الذي اثار العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل ترامب السياسي وخاصة بقاءه في البيت الابيض كرئيس امريكا ، الا اننا سنتوقف امام معلومات تخص منطقتنا ، منطقة الشرق الاوسط ، والتي مازالت تعاني بسبب السياسة الامريكية المنحازة بالكامل الى “اسرائيل”.

ينقل وولف ، الذي كان في إحدى الفترات من المقربين لإدارة دونالد ترامب وعلى صلة وثيقة بالأشخاص المحيطين بالرئيس الامريكي ، عن ستيفن كيفين بانون الذي تولى رئاسة المكتب الانتخابي لترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية وشغل بعد ذلك منصب كبير مستشاري الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وأدخله ترامب مجلس الأمن القومي في يناير 2017 ثم عزله من هناك في أبريل من نفس العام وغادر البيت الأبيض ، قوله ان ترامب يعمل  على وضع خطة لحل القضية الفلسطينية ، تتالف من اجزاء منها نقل السفارة الامريكية الى القدس ، ومنح الضفة الغربية الى الأردن، وغزة الى مصر.

ما قاله وولف عن عدم اتزان ترامب عقليا ، انكشف دون الحاجة الى نقل شهادات 200 من الشهود ، فمجرد طرح قضية “صفقة القرن” القائمة على ثلاثة اجزاء ، الاول منح القدس ل”اسرائيل” ومنح الضفة الغربية الى الاردن ومنح غزة الى مصر ، يعكس العقلية الطفولية لترامب.

حتى لو لقيت “صفقة القرن” تجاوبا من بعض الانظمة العربية الرجعية والانظمة التي ارتبطت ب”اسرائيل” بمعاهدات “سلام” ، الا انها لا يمكن ان تشكل دافعا لترامب في التمادي بهذه الصفقة وطرحها على انها السبيل الوحيد لتصفية القضية الفلسطينية.

ان ماذكره وولف في كتابه عن قبول امير عربي هنا ، او رئيس عربي هناك ، بصفقة ترامب في مقابل بقاءهم في عروشهم ، لن يقدم ولا يؤخر في واقع الرفض العربي ل”اسرائيل” وللدور الامريكي المنحاز ل”اسرائيل” ، كما ان هؤلاء الزعماء العرب الذي اشار اليهم وولف ، لا يمثلون شيئا امام الارادة العربية الشعبية الرافضة لا لتصفية القضية الفلسطينية بهذه الطريقة المذلة فحسب ، بل رافضة حتى للتطبيع مع “اسرائيل” ، وان ما تقوم به الجيوش الالكترونية التابعة لبعض الانظمة العربية ، للترويج ل”اسرائيل” و”فضائل” التطبيع معها ، لا يمكن ان يؤثر على هذه الارادة ، او يؤثر على الراي العام العربي ، فهو مكشوف للمواطن العربي ، الذي بات يعرف هذه الجيوش التي تعمل كاذرع لمخابرات تلك الانظمة المنبطحة على وجهها امام ترامب.

رغم ان صفقة القرن لن ترى النور بحكم التجربة التاريخية ، وبفضل وجود محور المقاومة والارادة الشعبية العربية الرافضة للاحتلال الصهيوني ، الا ان ما كشفه كتاب “نار وغضب” عن كيفية تعامل امريكا مع قضايا الشعوب ، وخاصة القضية الفلسطينية ، يبين مدى استهتار امريكا بالشعوب ، واحتقارها لمن يقدمون انفسهم على انهم حلفاء لها في منطقتنا ، فقد تبين ان هؤلاء الحلفاء ليسوا سوى عملاء اذلاء لا يملكون من خيار الا الطاعة العمياء امام رجل معتوه ، من اجل البقاء اطول وقت على كرسي الحكم ، حتى على حساب كرامتهم وشرفهم.

لكن في المقابل ، الشعوب العربية ليست الحكام ، فهذه الشعوب هي التي ستُفشل صفقة القرن وتعيد السمسار ترامب وصهره الصهيوني كوشنر خاليا الوفاض ، فالقضية الفلسطينية تعيش في قلوب وعقول ووجدان مئات الملايين من العرب والمسلمين ، ولا يمكن لا لترامب الاخرق ولا لادارته العنصرية ، ان ينتزعوا فلسطين من صدور العرب والمسلمين ، وستبقى فلسطين وسيرحل ترامب ، وما الزلزال الذي احدثه كتاب “نار وغضب ” تحت البيت الابيض ، الا صوت ناقوس يعلن آن الاوان ليرحل ترامب.

*جمال كامل 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمال كامل

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/08



كتابة تعليق لموضوع : كتاب "غضب ونار" وإستهتار أمريكا بمصير الشعوب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net