صفحة الكاتب : علي التميمي

الاحتفال المسلح
علي التميمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما نصف احدا بالجنون سوف يعتقد البعض انه فاقد لعقله، وقد حجز له مكان في مستشفى المجانين، لكن في واقع الامر اننا نتعاطف مع هذا النوع من الجنون، ولن نحاسبه على سلوكه او تصرفاته لانه وببساطة فاقد للأهلية العقلية وعليه فقد سقط عنه التكليف، الذي ميز الله به بني البشر وتوقف لديه التفكير والتدبير، لكن الجنون الذي نواجهه الان هو الاسوأ وهو الجنون الحقيقي، فهو لم يفقد صاحبه العقل ولكنه افقده نعمة الحكمة والتفكير، على الرغم من توفر نعمة العقل لديه .

خطورة هذا النوع من انك لن تستطيع التمييز بين جنونه وعقله، فقد تراه كثيرا وتجالسه وفي اعتقادك ان الذي في جوارك هو رمز للعقل والحكمة، ولن تتمكن من معرفة حقيقته إلا بمشاركته التفكير، او اذا ناقشته اموره الحياتية، عندها ستكتشف انه بجسد انسان لكنه بعقل عصفور، لافتقار صاحبه قدرة التصرف ومعالجة اموره، كذلك من يحارب الخير ويكون حليف الشر وعبدا له، ومن يفشل في حب الناس له ويجعل الكره والبغض حليفين له، فقد ادرج ضمن خانة فاقدي العقل .

وبين هذا النوع وآخر يظهر نوع جديد من لم نعتد عليه من قبل، هو ذلك الذي يجعل الانسان يحتفل ويعبر عن فرحه وهو يحمل سلاحا، وجميعنا يعلم ومتيقن ان لغة السلاح هي المستخدمة في الحروب، وكل ماله علاقة بدمار الانسان وممتلكاته، ثقافة دخيلة لا نعلم مصدرها للوهلة الاولى، لكن عند مطابقتها مع واقعنا الان يعتبر مخطط عدواني يتضح ما ورائه ومن المستفيد من انتشاره، والنتائج تكاد تكون مرضية لكل من يعمل على تعميم فكرة الاحتفال المسلح، فهي الطريقة الامثل لمحاربة فكر الانسان، وبالتالي القضاء على ثقافة السلام، التي طالما تميز بها مجتمعنا .

وما حصل في احتفال رأس السنة الميلادية، وعلى عكس ما قام به اصحاب الاحتفال انفسهم وهم الاخوة من الطائفة المسيحية، فقد حاول البعض استثمار هذه المناسبة الجميلة لاظهار حقده للأنسانية، وقد استخدم السلاح بدل الشموع والورود، وهكذا اصبح الحال بالنسبة لباقي المناسبات الجميلة، والتي بات البعض يتمنى ان لا تأتي، لما تخلفه من مآسي لا حصر لها، لذلك وبتعريف اصح فأن المجنون الحقيقي الان ليس من زال عنه العقل، او فقد جزءا منه لاصابته بمرض الجنون، لكن هو من وهبه الله نعمة العقل، وفضل ان يكون ناقصا في داخله ومواقفه ومبادئه .

بمعنى اصح انه معدم القيم والاخلاق، بائسا لنفسه وضارا بغيره، فهو لايضر نفسه بقدر ضرره نحو من حوله، فأنت لن تستطيع ان تتجاهله او تطلب الكشف عن قدراته العقلية، لأنه لايظهر امام الغير إلا بمظهر العاقل، ويظهر فقط امام من رافقه وحاوره بمظهر، لذلك فالمجنون الحقيقي ليس الذي فقد عقله، ولكنه فقد داخله وفقد الصفة التي تصنفه انسان، وإلا فمن منا لم يسمع عن السطو المسلح، او الارهاب المسلح، اما الاحتفال المسلح فهو ذلك النوع الجديد من انواع الارهاب، الذي يصاحبه اخطر انواع الجنون .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي التميمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/07



كتابة تعليق لموضوع : الاحتفال المسلح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net