صفحة الكاتب : حسام عبد الحسين

سايكولوجيا التطرف الديني
حسام عبد الحسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عقيدة الانسان تحدد المعاملة في السلوك الواقعي، سواء كان إيجابيا او سلبيا، والفكر الديني المتطرف هو الان متجذر في العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط واوربا، وبالذات يوجد في الديانات السماوية (ما وراء الطبيعة) من المسيحية والإسلام، والذي يعني تعصب شخص او جماعة لدين او مذهب في دين معين، وقد يكون التطرف ايجابيا في القبول التام، او سلبيا في اتجاه الرفض التام، ويقع حد الاعتدال في منتصف المسافة بينهما، فهو اسلوب مغلق للتفكير يتسم بعدم القدرة على تقبل اي معتقدات تختلف عن معتقدات الشخص او الجماعة او التسامح معها.

للتطرف الديني مظاهر تكمن في قلة العلم والفشل في الحياة، وعدم القدرة على التقدم والابداع، والتعصب للرأي وعدم الاعتراف بالرأي الاخر، وخاصة في الامور الاجتهادية، مع الكراهية المطلقة لمن يخالفه، ومن سوء الفهم هذا يجعل المتطرف هذه الامور؛ امورا مقطوعة ليس فيها إلا قولا واحدا وهو قوله ورأيه، ويرى نفسه وحده على حق وما عداه على ضلال، والعنف في التعامل، والخشونة في الأسلوب، والتقليل من اعمال الاخرين وسوء الظن بهم، دون التعامل بالحسنى والحوار والاعتراف بالرأي الآخر، في حين لا يسمح له برؤية واضحة لمصالح الخلق، حيث أنه يجيز لنفسه ان يجتهد في أصعب المسائل وأكثر القضايا غموضا، ويفتي فيها ما يلوح له من رأي، وافق فيه او خالف، ومن أخطر مظاهر التطرف انتشارا هو الفكر التكفيري في المجتمعات المسلمة، حيث ان اصحاب هذا الفكر يسرفون في تضليل الناس وتكفيرهم ويستبيحون دمائهم واموالهم.

حيث تكمن اسباب التطرف الديني في عدة من المجالات اولها: الاقتصادية والاجتماعية التي تتمثل في أزمة التنمية من التضخم والبطالة، وتدني مستوى معيشة أكثر المواطنين، وعدم التناسب بين الدخل وارتفاع الأسعار، ونتيجة لهذه الانعكاسات الاقتصادية والسياسية والتي أثرت بشكل مباشر على فكر وسلوك الفرد، وطبيعة واتجاه المجتمع معا، مما ساهم في اتساع ظاهرة التطرف في ضوء غياب دور الأسرة، وتضاؤل دور التعليم، واتساع المعلومات، وسرعة الاتصالات، مما أدى إلى سيطرة رموز هذا الفكر على هالة الناس، لتقديسهم والهيمنة عليهم.

ثانيا: الأسباب السياسية والتي تتمثل بالوصول للسلطة، وإمكانية استمرار النفوذ في شتى المجالات، عن طريق تشعب الفكر المتطرف في المجتمع، ومن ثم الهيمنة التامة على العقل والسلطة.

ثالثا: استفزاز المشاعر الدينية من خلال تسفيه القيم أو الأخلاق أو المعتقدات أو الشعائر بالقول أو بالفعل، مع عدم إعطاء الفرصة للرد على ذلك، والأهم غياب العقل بشكل تام والاعتماد على النصوص التأريخية، مما يعطي رسالة مزدوجة للشخص تدعه في حيرة وقلق، وهذا يجعله يشك في مصداقية من حوله، بسبب تولد التناقض بين الواقع وفكره المتطرف، وبالتالي يصبح أكثر عدوانية؛ فيحدث داخله صراع مؤلم يحاول التخلص منه بتحطيم مظاهر الخروج على القيم المعلنة حتى يستريح، فعلى سبيل المثال

حين يبدأ الشاب طريق الالتزام الديني فهو يبذل جهدا كبيرا للتغلب على رغباته الداخلية (خاصة الجنس والعدوان)، ولكنه يفاجئ بأن ثمة مثيرات في المجتمع تحاول إيقاظ هذه الرغبات بشكل ملح، وهنا يشعر ذلك الشاب باحتمال السقوط في الرغبات غير الأخلاقية، فيحول الصراع من داخل نفسه إلى صراع مع العوامل المثيرة، فيشتبك مع رموز المجتمع على اعتبار أنهم مسؤولون عما يحدث له.

رابعا: الأسباب نفسية التي تطال النفس الفارغة من

الرغبة في ممارسة العنف التي يعتبر مرض يصيب تلك النفوس، وحاجة الانتماء الى الجماعة بسبب الفراغ العلمي والابداعي، والتطلع إلى الزعامة او الإمارة بشتى الطرق وان كانت على حساب القضاء على المجتمع.

إن التطرف الديني هو سبب ونتيجة في نفس الوقت؛ لذلك سينتج آثار خطيرة تنعكس على الانسان في الضعف في الانتاج، وضعف قدراته العقلية في الإبداع والابتكار والتجديد، وبالتالي سيتمسك بالأساليب البالية العتيقة في عملية الانتاج، مع وجود قوى خارجية وداخلية مؤثرة وداعمة وممولة بشكل مباشر وغير مباشر في حركة المجتمع نحو التطرف الديني، لتحقيق أهداف سياسية، عن طريق تردي الاحوال الاقتصادية والثقافية والحضارية.

وعليه؛ لابد من ضبط الخطاب الديني والتوافق فيما بين المؤسسات الدينية على خطاب واضح ومعتدل ينبذ التطرف، والترويج للتسامح الذي هو اساس السلم الأهلي عن طريق قيام الدولة، بتأمين التنوع من خلال ادارتها من قبل التشريعات المناسبة، ومحاكم وقوانين صارمة لمن يروج للتطرف والعنف، وتطوير إعلام خلاق، وكسب اعلاميين لهم القدرة الحيوية في مواجهة التطرف، مع إشراك المرأة في ورش ودورات تثقيفية لمكافحة التطرف الديني والعنف.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسام عبد الحسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/02



كتابة تعليق لموضوع : سايكولوجيا التطرف الديني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net