صفحة الكاتب : د . محمد ابو النواعير

تدني المستوى الثقافي, بين ضعف الأدوات التعليمية, ورداءة المنتج القيادي!
د . محمد ابو النواعير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  يعيش العراق مرحلة استثنائية لا تمر بها أغلب الشعوب على وجه الأرض, فمن تسلط الظالمين, إلى حروب عبثية, تبعها عمليات تفريغ البلد من أهم عقوله العلمية والأكاديمية, إلى تناحر الطوائف والمذاهب (تناحرا اجتماعيا وعقائديا عسكريا), إلى سيطرة الدول الخارجية على مقدرات الأمة العراقية من جميع النواحي, حتى بات تدخل هذه الدول مباحا حتى في مجال مناهج التعليم والتربية وأدوات الضخ الثقافي, والسيطرة على أدوات التلاعب بالعقول والإعلام ومخرجات عمليات التثقيف الطبيعي التي تحصل في أي بلد.

 

   لقد كان العراق من بين الدول المتقدمة في مستواها الثقافي والعلمي خلال العقود التي تلت تأسيس الدولة العراقية في القرن السابق, حيث كان التعليم الأولي والجامعي, يسير بخطوات ومنهجيات ثابتة وراسخة بدقتها واحترافيتها العالمية, كما أن موائمة السلم المجتمعي في تلك الفترات, مع عمليات التعليم والتثقيف, ساعدت على التأسيس لبنى ومؤسسات ثقافية وتعليمية رصينة ومحترمة, ساهمت في إيجاد منظومة تنشئة مجتمعية وثقافية مهمة, جعلت هذا البلد في مقدمة الدول الناهضة والسائرة نحو التحضر.

 

   مدخلات العملية الثقافية في أي بلد, تتعلق بعوامل عدة, منها ما هو مجتمعي, ومنها ما هو علمي احترافي, عدم استقرار البنية السياسية والأمنية في العراق, مع حصول اهتزازات عميقة في العلاقات المجتمعية, والتي قادت إلى حصول قطيعة مصطنعة بين كيانات الشعب, مع ضعف ورداءة المنتج القيادي في كل مجالات إدارة الدولة, وأهمها المجال السياسي, والذي تلاعبت به مقدرات الجهل والمحسوبية والعلاقات القبلية وصراع الإرادات المتنافسة؛ كل ذلك قاد إلى حصول شرخ كبير في عمليات التثقيف المجتمعي, مما قاد إلى حصول انحدار كبير في مستوى الثقافة لدى الفرد العراقي, وباتت القراءة أمرا نشازا في نظر الوعي المجتمعي, لا يتعلق إلا بطبقة محددة منزوية في أنماطها المثالية البعيدة عن واقعية الحياة!

 

   هذه النظرة المجتمعية الجاهلة, تمثل جريمة كبيرة ترتكب بحق هذا البلد, وتخريب غبي من قبل كل الجهات المسؤولة, لأهم أداة من أدوات نهضة البلدان وتطورها, حيث أنها قادت عملية الدراسة والتعليم, لجعلها عبارة عن مرحلة عبور يمكن الخلاص منها بشتى الطرق الملتوية, بدل أن تكون مرحلة تأسيس وترصين للوعي المجتمعي الثقافي والتربوي, والذي يقود لمخرجات سلوكية مستقبلية, تعمل كعوامل نهضة حقيقية.

 

   النتيجة : البلد الذي تُسلب منه أدواته التثقيفية والتربوية والعلمية, هو بلد يعيش مرحلة الإنعاش, وسيقف في فترات مقبلة على حافة تأريخ, يتغذى بعوامل الفشل والانهيارات بشكل تدريجي, ليضمن لسالبيه, إبقائه ضعيفا جاهلا مقطوعا عن أسباب التقدم والقوة والنهوض.

 

    *دكتوراه في النظرية السياسية/ المدرسة السلوكية الأمريكية في السياسة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد ابو النواعير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/29



كتابة تعليق لموضوع : تدني المستوى الثقافي, بين ضعف الأدوات التعليمية, ورداءة المنتج القيادي!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net