صفحة الكاتب : عباس الخفاجي

باستيل العراق و مصادرة حرية الرأي
عباس الخفاجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

باستيل العراق ، أو كما يسميه العامة (سجن نكرة السلمان) ، وهو من أقسى المعتقلات المرعبة التي عرفها تاريخ العراق بل العالم أجمع ، يعود تأريخ أنشائه الى الدولة العثمانية حيث أتخذ بداية كملاذ آمن للقوات العثمانية المكلفة بترويض العشائر العربية المناهضة للحكم العثماني ، فيما أستخدمه الأنكليز بعد أحتلال العراق سجنا حصينا ومنفى للعراقيين الوطنيين المقاومين للاحتلال البريطاني.

من ثم أصبح هذا المكان معتقل لمعارضي الحكومات العراقية المتعاقبة بدءا من عام 1921، والغريب في أمر هذا السجن أن أغلب نزلائه من المثقفين والادباء والمفكرين والشعراء والفنانين ، خاصة اليساريين منهم.

يقع السجن في محافظة المثنى – قضاء السلمان ، في منطقة تدعى منخفض منطقة السلمان الواقعة على الحدود العراقية – السعودية بين صحراء نجد وحفر الباطن وبادية السماوة ، وهي صحراء يصعب الاهتداء إليها إلا من قبل البدو الرحل والمهربين.

ولم يكن أختيار هذه المنطقة عبثاً، فهي عبارة عن منفى في صحراء متناهية الأطراف مشهورة بالكثبان الرملية المتحركة وبالصخور المسننة، وأقرب منطقة مأهولة إليها تبعد أكثر من 200 كم ، مما يولد في نفس المعتقل أحساسا بالنهاية وباللا أمل.

ولذلك فإن أي عملية هروب من السجن تكاد تكون مستحيلة، خاصة أن الحيوانات المفترسة كالذئاب والضباع والكلاب المتوحشة تجوب هذه الأنحاء ليلاً ونهاراً.

ومن أبرز المعتقلين في هذا السجن المرعب الرهيب ، الشاعر مظفر النواب ، الشاعر كاظم أسماعيل الكاطع ، الأديب الفريد سمعان ، الروائي جمعة اللامي ، الفنان سعدي الحديثي ، الناقد فاضل ثامر ، الشاعر والكاتب يوسف الصائغ ، المخرج السينمائي طالب محمود السيد ، الكاتب والمؤرخ الكردي محمد جميل روزبياني ، الشاعر عريان السيد خلف وغيرهم من رموز الفن والادب والثقافة العراقية.

ومع أن السجن قد شهد تطويرات كثيرة ليس على صعيد الخدمات أو وسائل الترفيه وإنما على وسائل التعذيب المبتكرة فيه ، فقد أهمل السجن بعد عام 2003 لكنه يبقى كدليل أتهام قوي و شاهد حي ضد مصادرة الحريات وأضطهاد أصحاب الرأي من قبل كافة الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العام 1921 .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس الخفاجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/18



كتابة تعليق لموضوع : باستيل العراق و مصادرة حرية الرأي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net