أطباء العراق بين المطرقة والسندان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في كل دول العالم سواءٍ كانت دول متقدمة أو متأخرة نجد أن فئة الأطباء لهم مكانة متميزة ومحترمة إلا في هذا البلد الذي يُعد من البلدان التي تنادي بالديمقراطية زوراً والقانون بهتاناً ويتكلم ساستها وكأنهم ملائكة مرسلون من الله غايتهم رعاية عباد الله ، لكن الحقيقة هي بعيدة بعد السماء عن الأرض ، ففي العراق نجد أن هذه الفئة التي درست وجاهدت وتعبت وسهرت الليالي نراها مهمشة وحبذا لو الأمر يقف عند هذا الحد بل وصل الأمر بهم إلى أن يكونوا بين ناريين أو بعبارة أدق بين المطرقة والسندان مطرقة القتل والتهجير والخطف ودفع الاتاوات وبين سندان الفصل العشائري السخيف ، والانكى من كل هذا أن القانون في دولة اللا قانون لا يحمي الطبيب ويقف موقف الضعيف بل المتفرج وحتى موقف مضاد للطبيب في كل الحالات ، وكأن هناك غاية مبيته جاءت مع ومن المحتل ضد الأطباء تدفعهم للتفكير بجد للهجرة من هذا البلد والاستقرار في أرض الله الواسعة ولعن العراق ومن كان في العراق . 
  
فبرغم كل الظروف الصعبة التي عاشها هذا البلد نجد الأطباء يكافحون ويتعرضون للابتزاز والتهجير والقتل والدعاوي الكيدية التي يشرف عليها ما يسمى بالشيوخ الذين لبسوا (العگال العربي ) وما أن يقوم الطبيب بإجراء عملية جراحية لأحدنا حتى بعد أشهر يضعون الطبيب المعني تحت طائلة الفصل العشائري بحجج واهية ، والأطباء بما إنهم مثقفون سيرضخون   لهذا الطلب العشائري السخيف الذي نعيشه في هذا الزمن،  وهنا لا بد أن أشير إلى أن قوة العشيرة وشيوخها يبرز حين تكون الدولة ضعيفة، فالمعروف في كل مكان أن القانون يحمي أبناء البلد ولا يجوز لعشيرة أو لما يسمى بالشيخ أن يقرر وهو كما معلوم رجل أقرب للمتخلف أحقية فلان أو علان في هذه المسألة، السؤال هنا من هم شيوخ العشائر ؟  إنهم شلة من المنافقين والكذابين والمغرر بهم والفاقدين للعقل الراجح ولسلوك الإنسان السوي إلا ما ندر منهم ( أقول إلا ما ندر حتى لا أكون جاهلا وأعمم ما أقوله فالتعميم باطل لما فيه من ظلم واضح ) إذ أن أغلبهم للأسف بلا تحصيل علمي أو جامعي ولكن هؤلاء يتحكمون بمقدرات الكل لسبب بسيط وتافه يقول هذا السبب إن (فلان شيخ ) يعني فلان من صلب الشيخ الفلاني ، وهنا نسأل هل كان الرسل أو الأنبياء شيوخ بل جلهم كانوا رعاة ، أين الحكمة من هذه التخلف ومن هو الشيخ الذي يتحكم بمقدرات طبيب أو عالم أو أستاذ جامعي ، نقول هزلت ورب الكعبة إن كان الجهلة يقودون العلماء ، ونقول لحكومة جلها من رجال الدين تحكم البلد بطريقة ثيوقراطية متخلفة ، إنكم لا تستحقون كرسي تجلسون عليه وأغلبكم جاء ليدمر هذا البلد وإلا كيف لا يوجد قانون يحمي الطبيب ويبقى الطبيب مكسور الجناح في وسط غابة أسمها العراق غابة تقودها أسود ( بالمناسبة مفردة الأسد كتبتها لأني أعتقد أن الأسد أكثر الحيوانات كسلا واقلهم غيرة بحيث تضطر اللبوة أن تأتي بالطعام وتضعه أمامه خوفاً على أشبالها من الأسد إن شعر بالجوع فبالإمكان أن يأكلهم ) هذه هي غيرة الأسد يا أسود العراق ، بلد كالعراق لا يستحق أن يخدمه الأطباء إلا إن كانوا من فصيلة الشيوخ ، أما الإنسان المحترم الذي يخدم بلده بإخلاص فمكانه ليس هنا ، هنا بلد فيه الصادق منبوذ والذكي مرفوض والمخلص محتقر والشريف مذموم والسارق محمود واللص مسنود وما إلى ذلك من المفردات التي تدل على رذائل البعض وعلى فضائل البعض الآخر . 
  
لي صديق يعمل طبيب أخصائي في إحدى مشافي بغداد وهو قمة في الذكاء والإخلاص والنزاهة وهذا ليس من باب الدفاع عنه لأني والحمد لله معروف عند كل من يعرفني بأني رجل لا أعرف المجاملة وصراحتي تدخل في فلك (القبح) لكني أشعر بفرحة غامرة عندما أدافع عن الحق لأن الساكت شيطاناً أخرس وأنا لست بشيطان ولست بأخرس ولا أخشى في الحق لومه لائم حتى لو كان المخطأ والدي وبمناسبة ذكر اسم والدي فهو أيضا من شيوخ العشائر لكن أحمد الله لم يكن متخلفاً وليس من شيوخ صدام ولا شيوخ ما بعد الإحتلال ، وهو حاصل على شهادة جامعية بالقانون الدولي من دولة أوربية جعلته يكون معتدلا عندما يصدر قراراً ويكون مع المثقفين من خلال رؤيته الصائبة . 
  
نعود لصديقي الطبيب الذي قام قبل شهور بإجراء عملية جراحية لمريضة وفي وقت الدوام الرسمي وليس خارج الدوام أو في مستشفى أهلي ، لكن بعد شهر أو أكثر بقليل  تعرض لشكوى من قبل زوج المريضة وهو الآن في روتين قاتل ناهيكم عن التهديدات العشائرية التي صاحبت هذه الشكوى حتى وصل الأمر إلى أن يتم تهديده بواسطة الرسائل الخلوية مما اضطر مجبراً إلى تغير رقم هاتفه الخلوي ، والمعضلة أن القانون لا يدافع عن الأطباء ونقابة الأطباء ليس لها هم إلا هم جمع الاشتراكات وتجديد الهويات واستيفاء مبالغ من خلال الأختام الكلاسيكية التي أصبحت وكأنها دائرة بلدية أو دائرة مياه ثقيلة ، وهيئة النقابة همهم الأول هو كيف الحفاظ على كرسي النقابة حتى لو اضطر أحدهم أن يلمع أكتاف شرطي تافه يقف في باب النقابة. 
  
كيف أقنع زميلي هذا أو غيره من الأطباء بالابتعاد عن فكرة الهجرة وقلعها من عقولهم وترك العراق بلا رجعة ونحن كما يقال بلد ديمقراطي ، وفيه قانون دولة القانون ، سؤالنا  الآن ماذا لو كان وضع العراق  في دولة اللا قانون، ربما سيأخذ المريض من الطبيب مبلغاً من المال قبل إجراء العملية وربما يصل الفصل العشائري بقيادة شلة العشائر أن يتزوج شيخ العشيرة من فتاة يضطر الطبيب أن يشتريها من سوق النخاسة وبالذات من مساطر رجال الدين أصحاب الفتاوى المتعوية ( زنا شرعي ) حتى يتم السكوت عن الطبيب ، قلناها ونقولها هزلت ورب الكعبة ، كيف لا وبلد عمره سبعة الآف عام يقوده متخلفون وسادة مزورون وعشائر تعبانه وصكاكه وعتاگه وشرطة أصبحوا ضباطاً بعد أن اشترك احدهم في حملة قتل ولصوصية وخدم الأحزاب والتيارات وعلى شاكلتهم أصبحوا وكلاء وزارات وعاهرات أصبحن في مقدمة الهرم الوظيفي والوزاري وبائعات هوى أصبحن لهن القول الأخير ، والأطباء هذه النخبة العلمية ترزح تحت خط الغباء العشائري وتدفع الأموال لإسكات كائنات تنتمي بالهوية لصنف البشر . 
  
أين مجلس النواب من إصدار قانون يحمي فئة الأطباء ، أليس أفضل من إصدار قانون يحمي المزورين وقانون آخر يرفع رواتب الأعضاء وقانون مماثل يحمي المتجاوزين على الحق العام وغيره من القوانين الوضعية التي لا ترقى لمستوى حديث عابر في مقهى قذرة في إحدى أزقة بغداد المملوءة بالقمامة . 
نعم أقولها انه بلد الفوضى بقيادة رؤوساء كتل الفوضى ومن يريد أن يعرف المزيد عليه أن ينزل للشارع ويسمع قصص ما انزل الله بها من سلطان حينها سيترحم على من يمنحه جنسية حتى لو كانت في أفقر وأتعس دولة افريقية عسى أن يجد ملاذاً آمنا يرتاح بقية عمره بعيداً عن فوضى القانون وسطوة رجال العشائر الفارغة . 
عمان 
  
نسخة منه إلى 
  
مكتب فخامة رئيس جمهورية العراق 
مكتب دولة رئيس الوزراء العراقي 
مكتب السيد رئيس مجلس النواب العراقي 
مكتب السيد وزير الصحة العراقي 
مكتب السيد وزير الدفاع العراقي 
مكتب السيد وزير الداخلية العراقي 
مكتب السيد وزير المالية الطبيب رافع العيساوي 
مكتب النائب الطبيب حنان الفتلاوي 
مكتب النائب الطبيب احمد المساري 
مكتب النائب الطبيب محمد إقبال 
مكتب النائب السابق الطبيب محمود المشهداني 
نقابة الصحفيين العراقيين 
نقابة المحامين العراقية 
مستشفى اليرموك التعليمي 
مستشفى الكندي 
مستشفى النعمان 
مستشفى النور 
مستشفى الشهيد الصدر 
مستشفى السيد الحكيم 
مقر جريدة الصباح الغراء 
مقر جريدة المدى الغراء 
مقر جريدة الشاهد المستقل الغراء 
مقر جريدة البينة الغراء  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/11



كتابة تعليق لموضوع : أطباء العراق بين المطرقة والسندان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net