صفحة الكاتب : د . حسين ابو سعود

خلافة المراجع واهل الخبرة
د . حسين ابو سعود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن الخليفة المرتقب للسيد السيستاني ويبدو لي بان هذا الحديث هو جزء من الحملة  الاعلامية التي تعرض لها هذا المرجع منذ سطوع نجمه بعد التغيير الذي حدث في العراق ، والا فان المتتبع يعلم بانه لم يحدث ان تسبب وفاة احد المراجع في ازمة فراغ ، وذلك بسبب تعدد المراجع في الوقت الواحد علما بانه قد حدث وجود مرجع اعلى في بعض الاوقات، مثل السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي والسيد ابو الحسن الاصفهاني الا ان ذلك لم يمنع من وجود مرجعيات عرضية معاصرة لهم ، وقد يكون المرجع العرضي اعلم من المرجع الاعلى الاشهر ، كما في حالة السيد الشهيد محمد باقر الصدر الذي كان اعلم اهل زمانه مع وجود الامام الخوئي ، وقد صرح بذلك لي السيد امير محمد القزويني نزيل الكويت وصاحب كتاب نقض الصواعق عندما سألته نيابة عن جملة من المؤمنين  عن الاعلم  فقال  وهو من اهل الخبرة والدراية بعد تمنع في الجواب بان السيد الصدر هو الاعلم  ، مع اني لا اميل كثيرا الى نظرية الاعلم  واراها صعبة التطبيق  والعالم الاشهر لا يعني ابدا بانه الاعلم  والعكس صحيح، وهناك من الناس وانا منهم من يعتبر تعدد المراجع ظاهرة غير صحية  تؤدي الى انقسام الامة  ويميلون كما اميل الى تشكيل مجلس شورى الفقهاء  يختارون لهم مرجعا أوحد يدير شئون الطائفة ويمثلها سياسيا واجتماعيا، فالمرجع الاعلى الواحد افضل في توحيد الخطاب وتوحيد الفتوى وتوحيد السيطرة على الموارد المالية الكبيرة لخدمة الطائفة ومشاريعها ، فالمرجع هو نائب الامام الغير معين ولا يمكن للامام ان يدعو الناس الى التفرق حول عدة مراجع بدلا من التوحد  والاجتماع على مرجع واحد في الوقت الواحد كما حدث مع السفراء الاربعة في زمن الغيبة الصغرى ، ولعل اسوأ صورة لتعدد المراجع نجدها في تعدد صلواة الجماعة في الوقت الواحد في بعض العتبات المقدسة.
وقد تم طرح اسم اثنين من العلماء لخلافة السيد السيستاني  هما السيد محمود  الهاشمي  الشاهرودي نزيل قم والسيد حسين اسماعيل الصدر نزيل الكاظمية ، ولا ادري لماذا يستعجل هؤلاء على السيد السيستاني الذي يتمتع بصحة جيدة وكما هو معروف فان علمائنا يعمرون طويلا وقد يصل احدهم الى المائة ولكنه يظل يتمتع بالاهلية وصفاء الذهن والضبط.
وقد ذكرت الانباء بانه قد تم  افتتاح مكتب رسمي للسيد الهاشمي الشاهرودي في النجف الاشرف  لهذا الغرض ، ولكن يبدو لي بان الهاشمي لن يحقق شيئا كبيرا ما لم ينتقل شخصيا من ايران الى النجف ، وهذا ما لن يفعله في المستقبل المنظور  ولأسباب لا تخفى على ذوي الالباب، وانا لست بصدد التنظير والدعاية لشخصية علمائية محددة لكي اقول بان السيد حسين الصدر لن ينافس على الخلافة بالرغم من كثرة مشاريعه التعليمية  والثقافية والاجتماعية ولا اقول بان الشيخين اسحاق الفياض وبشير النجفي لن يرتقيا الى درجة الخلافة لاصولهما العرقية فالاول من افغانستان والثاني من باكستان رغم كونهما من المراجع الاربعة المشهورين في النجف مع السيد السيستاني و السيد محمد سعيد الحكيم . 
وهناك سؤال برئ يثيره البعض وهو هل للحكومات دور في تعيين المرجع ، اقول باننا كنا نسمع بان شاه ايران يتدخل في هذا الشأن ويقال ان صدام حسين اراد من الشهيد الصدر الاول ان يتصدى للمرجعية لحصرها بيد العرب ولكنه رفض ذلك متنبها الى نوايا الرئيس ولو  فعل ذلك لكان ينجح على الصعيد القطري ولكنه  سيسقط فعليا من الناحية التاريخية وهو ماحدث حيث انتصر الشهيد الصدر معنويا وظل حيا رغم استشهاده لرفضه ان يكون آلة بيد الدولة مقابل العلماء الاخرين.
ويُقال بان ابناء المراجع السابقين لهم دور في صناعة المرجع الجديد ويمثل هؤلاء مركز ثقل كبير  في الساحة مثل ابناء السيد الحكيم وابناء السيد الخوئي وغيرهم وبرز منهم شخصيات كان لهم دورفاعل ومؤثر على الساحة السياسية والعلمية حيث يمضي المرجع الى ربه  ولكن الزعامة السياسية والاجتماعية تظل في ابناءه واحفاده وهذا امر طبيعي للغاية .
وعودة  الى الخلافة اقول بانها تكاد تكون محسومة في بعض الاسر العلمائية مثل اسرة الشيرازي، حيث لا تخرج المرجعية منها الى غيرها بسبب وجود عدد غير قليل من المجتهدين في الاسرة ، وقد شاهدنا كيف رجع مقلدوا السيد مهدي الشيرازي نزيل سامراء الى ابنه السيد محمد الحسيني الشيرازي نزيل كربلاء ثم عودة المقلدين بعد وفاته الى اخيه السيد صادق الشيرازي المعاصر نزيل قم ، ولكني اذكربانه بعد وفاة المرجع الاعلى للطائفة السيد ابو القاسم الخوئي، نشطت بطانة العلماء في توجيه رسائل الى عوام الناس وخواصهم تحوي تواقيع العشرات  ممن يسمون باهل الخبرة فيهم حجج الاسلام وايات الله وفيها تصريح باسم الاعلم الذي يجب الرجوع اليه في الفتوى، وما كان ليحدث اي فراغ بعد السيد الخوئي بالرغم من درجته العلمية الرفيعة لوجود علماء فطاحل مثل السيد الخميني والسيد المرعشي النجفي والسيد الكلبايكاني والسيد الشريعتمداري والشيرازي وغيرهم.
واما اهل الخبرة وهم مجموعة من العلماء لم يعودوا اهل خبرة حقيقية بقدر ما هم  اهل ميل الى اساتذتهم واولياء نعمتهم وتكون لهم اسباب ومصالح ودواعي عاطفية فحدث بينهم اختلاف يؤثر سلبا في وحدة الصف  ، ويعدّ البعض وعدّهم صحيح بان السيد كمال الحيدري المعروف بمناظراته التلفزيونية من اهل الخبرة  ولكنه وجه مؤخرا الكثير من الانتقاد للمراجع المعاصرين مقدما نفسه عليهم جميعا ، ويقال بانه قد تصدى للفتوى معتبرا نفسه الاعلم بين العلماء، ثم قيل انه لم يقل ما قاله البته وما نشر مجرد دبلجة  وفبركة انترنيتية ، وعليه فاننا نخلص الى ان الاوضاع  والظروف هي التي تصنع المرجع ، كما ان المكان له دور مهم جدا في هذا الشأن  فالمراجع الذين لا يسكنون في النجف وقم  لا يحصلون على الشهرة الكافية كما حدث مع السيد محمد حسين فضل الله  الذي عاش في لبنان فظلت مرجعيته محدودة بعض الشئ ، وكذلك العلماء الذين نزلوا كربلاء ومشهد  وغيرها لم يتحقق لهم الشهرة المطلوبة .
واما النداءات العنصرية في صنع المراجع فانها لن تنجح كما حدث ويحدث مع المراجع العرب ومنهم السيد حسين اسماعيل الصدر  الذي يكرر بانه يخدم وطنه العراق في حين لم يسمع احد من السيد السيستاني انه استخدم يوما كلمة وطني ايران ، فايران لم تعد تعني له شيئا في حين صارت  البلدان كلها تعنيه على حد سواء ، فالقطرية والقومية لا تفيد المرجع اذا ردد نعراتها وحمل شعاراتها الفارغة .
aabbcde@msn.com
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حسين ابو سعود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/11



كتابة تعليق لموضوع : خلافة المراجع واهل الخبرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net