صفحة الكاتب : د . عبد الحسين العطواني

توتر العلاقات الإقليمية .. من المسؤول ؟
د . عبد الحسين العطواني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من المعلوم أن التاريخ مثقل بالأحداث والحروب والهزائم والانتصارات , وفي كل يوم تحصل أحداث جديدة . وغالبا ما يؤدي قيام الحكومة الإسلامية إلى تهديد مباشر وأكيد لمصالح القوى الاقتصادية التي يشكل النفط الإسلامي أهم مقومات الصناعة فيها. وما التداعيات التي خلفتها 11 سبتمبر إلى عولمة الأصولية ومن ثم عولمة مكافحتها وطريقة معالجتها , ليصبح الفكر السلفي المتشدد مشكلة العالم بعد أن كان محصورا بالشعوب العربية في تكفير المذاهب الأخرى , ويبتعد عن إفهام شعوب العالم بحقيقة وسماحة هذا الدين وتحسين صورة الإسلام والمسلمين . .
ومن سخرية القدر أن تلاقي المصالح قد جمعت أعداء الأمس ليكونوا حلفاء اليوم , فإسرائيل كانت ولازالت تعتبر إيران العدو الأول لها والمهددة لمصالحها في المنطقة , وكذا الدول الخليجية, لاسيما السعودية تنظر إلى إيران من منطلق الطائفية والتشبث بالماضي بما فيه شك وريبة , بادعاء على أن أهل السنة والجماعة على حق وغيرهم كافر , فضلا عن اتهامها لإيران بتأجيج الفكر الشيعي في السعودية والبحرين , ودعم الحوثيين في اليمن , وحزب الله في لبنان , وإيران تتهم السعودية بتمويل التطرف والتنظيمات الإرهابية مثل القاعدة , وما يسمى بالدولة الإسلامية ( داعش ) , وعدم التسامح للإسلام السني , فضلا عن الإحداث التي سببت قتل أكثر من (275 ) وجرح (303 ) من الحجاج الإيرانيين في مكة المكرمة عام 1987من قبل قوات الأمن السعودية , لتجتمع هذه الاختلافات وغيرها لا يسع المجال لذكرها وتصبح أساسا للحقد والكراهية , وبالتالي يتحول العرب بصراعهم التاريخي مع الحركة الصهيونية إلى صراع مع أنظمة الحكم في إيران المسلمة والتعامل بحذر بل غالبا ما تعادي الدول التي تصطف مع إيران , وتجعل علاقتها في أعلى الدرجات مع إسرائيل كأنها لم تكن دول تصالحت مع عدو لها يحتل أجزاء من أراضيها ويطلب المزيد منها . 
فالهيمنة الأمريكية السياسية والاقتصادية والعسكرية على المنطقة العربية , التي استبدلت الإرادة العربية يشكل غير مسبوق حتى أصبحت أكثر الدول العربية تقبل في العلاقات العربية ما تقبله الولايات المتحدة الأمريكية وترفض منها بصراحة ملا ترضى عنه , فيدفعهم ذلك إلى أن يتربص كل من بالأخر ويقيم التحالفات مع الآخرين لإضعافه كما هو الحال في علاقة السعودية مع قطر , وما يجري من تدمير لليمن من قبل قوات التحالف بقيادة السعودية , ودعمها للخارجين عن القانون في سوريا , وعلاقتها التي لم تعلن عنها مع إسرائيل بهدف شن الحرب ضد إيران لتصبح السعودية عونا سياسيا لإسرائيل في احتلالها للأرض العربية – الإسلامية التي تستهدفها في الاحتلال والاستيطان .
وليس من باب التضخيم أن إيران استطاعت السيطرة على ورقة الاستقرار في العالم العربي المحيط له , وبلغت مستوى متقدما من التآلف بين العقائدي – النظري وبين السياسي التطبيقي , وهذا الأمر أتى انعكاسا لمسار متصاعد من تراكم عمل وجهود متواصلة للقيادة الإيرانية. باعتبارها لاعبا أساسيا في قضايا المنطقة بغض النظر عما إذا آتى ذلك لصالح القضايا العربية آم غير صالحها , ثم أن إيران استطاعت الإمساك بالقضية الفلسطينية التي ارتبطت بالضمير الإسلامي تاريخيا , 

لذلك فأن التعامل مع الواقع الإيراني من زاوية استبعاده عن حلول المشكلات والقضايا الإقليمية خاصة بعد استلام دونالد ترامب للسلطة في الولايات المتحدة الأمريكية يزيد من حدة المواجهة , فبعد ما يقارب عن تسعة قرون على سقوط ما يسمى بدولة الخلافة الإسلامية باتت الجغرافية السياسية الإسلامية تتكون من نحو خمسين دولة , الغالبية الساحقة من سكانها البالغ عددهم المليار ومائتي مليون نسمة هم مسلمون , وان كانوا يمثلون أطيافا مختلفة من المذاهب والأصول واللغات لكن الملاحظ في بعض هذه الدول أن المؤسسة السياسية لا هم لها إلا رعاية المصالح الأمريكية , وتطبيع التبعية والانهزامية والتخلف باستنزاف جهود شعوبها وطاقاتها وأحلامها , واستنزاف موارد الدولة للإثراء الفاحش من اجل إشباع نزواتها وبناء إمبراطورياتها المالية , وخلال هذه الجريمة ذاقت الشعوب الإسلامية عهودا من الحكم الاستبدادي الذي استهدف إطفاء فاعليتها الحضارية وطمس هويتها الثقافية وشق صفها الداخلي .
وأخيرا نقول لا نستبعد أن تتطور الخلافات القديمة ومعها الحديثة بين الدولتين إيران والسعودية لتؤدي إلى حرب مدمرة لا قل الأسباب , ولكن باستطاعتهما حل القضايا الشائكة بينهما بدأ بإيقاف التصريحات المعادية , والمهاترات الإعلامية التي يطلقها بعض المحللين السعوديين من خلال قناة العربية – الحدث المسمومة تجاه إيران , ومن ثم الاعتراف بوجود مشكلة ثم الولوج إلى حلها عبر الحوار , بهذا الآمر وحده قادر على سحب فتيل الاشتباك من أيدي الولايات المتحدة وإسرائيل  . 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الحسين العطواني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/03



كتابة تعليق لموضوع : توتر العلاقات الإقليمية .. من المسؤول ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net