صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

الأفعى والسياسي
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وقع بين يدي كتاب ممزق الغلاف وقررت أن اقرأه, الحقيقة وجدته يحمل فصول مهمة, والكتاب عنوانه "التراث والعلمانية" للكاتب عبد الكريم سروش, وينقل الكاتب في بداية الكتاب قصة جميلة ونافعة, أجد من المهم سردها.

" يطرح جلال الدين الرومي في ديوانه المثنوي قصة الحطاب والأفعى, يقول أن هذا الحطاب عثر في الجبل على أفعى متجمدة, فأخذها وجاء بها الى المدينة, ليتفرج الناس عليها ويكسب مقابل ذلك بعض المال, حيث كان يتصور الحطاب أن الأفعى ميتة, ولكن تلك الأفعى لم تكن ميتة بل متجمدة, وعندما وضعها على الجسر احتشد الناس لرؤيتها, وبسبب حرارة الشمس فان الأفعى قد تخلصت من الانجماد ودبت الحياة فيها من جديد, وهجمت على الناس وقتلت بعض الإفراد".

هذه الحكاية الأسطورية يقصد بها بيان بعض المسائل, احدها أخلاقي عرفاني وهي أن معظم الناس يعيشون في باطنهم عناصر الرذيلة, وتكون متجمدة فان أشرقت عليها الشمس "عامل الصحة أو المال أو المنصب" فإنها تظهر للحياة بشكلها القبيح, والتاريخ يحدثنا عن الكثيرين مما كشفتهم أشعة الشمس, أمثال طلحة والزبير, وكيف أن الجاه والمال غيرت ثوابتهم وكشفت باطنهم القبيح, أو كقصة الناسك المتعبد عندما تم تعويضه بالملايين, عن مظلومية في زمن صدام, فإذا بالناسك يتحول الى رجل داعر كل همه النساء والخمر والقمار! أي أن عناصر الرذيلة المتجمدة في داخله ظهرت للحياة.

هذا الموضوع يقودنا للطبقة السياسية, فالحقيقة نتعجب من انقلاب بعض من كان ملتزم الزهد والعبادة وبشهادة اقرأنه, فإذا به يتحول الى عاهر ومفسد و"كلب وابن ستين كلب", كوزير التجارة الهارب الذي كان يضرب المثل بعبادته, فإذا بالمنصب يحوله الى لص داعر!

وقافلة من المحافظين والوزراء والبرلمانيين والمدراء, ممن كانت عاقبتهم سيئة, الطبقة السياسية كانت تدعي أنها مظلومة وتجاهد في الخارج ضد نظام الطاغية, وإنها زهدت في الحياة في سبيل تحقيق حلم العراقيين, وبعد أن وصلت للحكم فإذا بها تسير بسيرة الطاغية صدام! فأفسدت البلد وضيعت الحقوق ونشرت الظلم في الأرض, وتحولت لعواهر على المستوى الشخصي.

يمكن اعتبار ما حصل سببه غياب العقاب والمراقبة, فلولا غيابهما لبقية عناصر الرذيلة متجمدة في صدور السياسيين, لكن فقدان هذين العنصرين كشف باطن الساسة, فظهر للعيان عهرهم وقذارتهم وسواد باطنهم, فالأفعى قامت بابتلاع جميع الطبقة السياسية ولم تبقي أحدا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/01



كتابة تعليق لموضوع : الأفعى والسياسي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net