صفحة الكاتب : علي علي

من يطبب جراحنا غيرنا؟
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   أذكر حكاية ليس لها من الواقع شيء، إلا أن لها من المعاني الكثير، تقول الحكاية:

 جاء في أحد الأيام رجل يملك حصانا الى طبيب بيطري، حيث كان الحصان مريضا، فقال الطبيب البيطري لصاحب الحصان: إذا لم يتعافَ الحصان في ثلاثة أيام، نقتله. فذهب خروف كان قد سمع الحوار الدائر بينهما وقال للحصان انهض! لكن الحصان كان متعبا جدا. وفي اليوم الثاني قال له انهض بسرعة، لكن الحصان لم يقدر أبدا. ولما كان اليوم الثالث قال الخروف للحصان: إنهض وإلا سيقتلونك، فنهض الحصان أخيرا. فقال الفلاح وهو سعيد جدا: لقد نهض الحصان يجب أن نحتفل، اذبحوا الخروف..!.

   في عراقنا الجديد من غير المعقول ان نبلغ من القوة مقدارا، يمكّننا من تجاوز العقبات التي أتت بها السنين السابقة، وبمقدورنا النهوض وتعويض ما خسرناه في حياتنا، ومع ذا نقف موقف المتفرج، أو نتخذ سلوك المحايد، أو نتخبط كأصحاب أبيات الدارميات الثلاث الآتية، حيث قال الأول:

بمواسط الشمات مني الحمل طاح

ولا شفت واحد گال عد عينك ارتاح

فكان رد الثاني:

لو وگع حملي بضيج ما أشكي أمري

والله ارد اچمله طغار گوة على ظهري

أما الثالث، فله منحى مغاير عن صاحبيه، ولعل فلسفة يحملها أوحت اليه بالتالي:

لو وگع حملي بضيج بالگاع اخليه

                        أوگف سوية الناس واتفرج عليه

 ففضلا عن الأثقال التي خلفها النظام السابق على صدورنا، هناك تركة أخرى ثقيلة من سني الاحتلال، وفوق هذي وتلك، مافتئنا نضيف ونجدد بشكل يومي، مشاكل وعقبات أكثر من التي ورثناه كما يقول المثل: (فوگ الحمل تعلاوة). ولعل من المضحك المبكي، أن نأتي دوما بالعلاجات البالية نداوي بها جراحاتنا، مع علمنا بانعدام الجدوى من الدواء، ويروى أن أعرابيا سئل يوما: كيف أنت في دينك؟ أجاب: أخرقه بالمعاصي وأرقعه بالاستغفار.

   أرى أن هذا ديدن ساستنا من رؤساء الكتل وزعماء الأحزاب، بمسيرة المليون ميل في العملية السياسية، والتي لاأدري متى يستقرون على قرار سليم، ويضعون أقدامهم في المكان الصحيح، كخط شروع يبدأون منه الخطوة الأولى بالاتجاه الصائب فيها، وعلى مايبدو أن أربعة عشر عاما غير كافية لتصويب الخطى وتوحيد الرؤى، حيث بات مانراه من تقدم في المسيرة بضع خطوات يفرحنا تحقيقها، يعقبه حتما تقهقر فيها وفي اتجاهها أضعافا مضاعفة، حتى صار مؤكدا ان القائمين على أمر البلد يعملون بالضد من مصلحته، إذ أن ما يتفتق من رحم ساستنا من خروقات بحق الوطنية والمهنية فضلا عن الإنسانية والأخلاقية، بلغ حدا يصعب معه التصحيح والتصليح، وما يقابله من حلول خجولة لاتكاد تصيب من عين النجاح ومرمى الفلاح إلا بقدر مايصيب الرامي حجرا في الظلام. ولعلي أصيب إن شبهت حال ساستنا في المشاكل وحلولها بمثلنا الدارج: (الشگ چبير والرگعة صغيرة) والأمثلة في هذا كثيرة لايحتويها عمود او صفحة او عدد من صحفنا. 

  ويبدو ان مثلنا القائل؛ (الإيده بالثلج مومثل الإيده بالنار) ينطبق تماما على مايحدث في الهوة الكبيرة التي تفصل بين قبب مجالس البلد الثلاث، وبين المواطن المسكين الذي وضع يد الانتظار على خد الصبر وراح يصيح:

          لأقعدن على الطريق وأشتكي                

                                 وأقول مظلوم وأنت ظلمتني

   لقد آن الأوان -إن لم يفت بعد- للملمة جراحنا وهندمتها وتطبيبها بالعلاج الناجع والشافي بشكل جذري، لابترتيقها سطحيا وترقيعها شكليا، وإلا لن ننجو من الوقوع في فخاخ لاتقوم لنا بعدها قائمة، وحينها يكون الحال كما قال الشاعر:

         إذا ما الجرح رُمّ على فساد                 

                                     تبين فيه تفريط الطبيب

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/25



كتابة تعليق لموضوع : من يطبب جراحنا غيرنا؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net