صفحة الكاتب : محمد حسب العكيلي

كوابيس مغترب
محمد حسب العكيلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

" يظل الرجل طفلاً, حتى تموت امه, فإذا ماتت, شاخ فجأة "

ادولف هتلر

الليل.. لا اظن إني عرفتُ معنى هذه المفردة غير اليوم, او بالأحرى الان في ساعات افول الليل هذه. فالليل في بلادي صَخبٌ ومُضاءُ بضياءِ القمر والنجوم ومصابيح البيوت البسيطة, اما هنا - في المدن الانكليزية - فالليل مختلف تماماً, فلا مصابيح ولا صخب, إنهُ اهدئ مما ينبغي, وكأنه يشبه وبالضبط القصص التي اعتدنا  سماعها في الصغر التي تتحدث عن الليل وكأنهُ شبح اسود..فَنخافهُ!

 إستيقظتُ فجر اليوم, وانا اشعر بألم الحنين الى الام, وتذكرتُ قصيدة نزار التي يتحدث فيها عن حنينهِ لأمه عند المقطع الذي يقول:

أيا أمي..

 أنا الولد الذي أبحر

 ولا زالت بخاطرهِ تعيش عروسة السكر

 فكيف.. فكيف يا أمي غدوت أباً..

ولم أكبر؟                                                                       
برأيي.. الامُ والليلُ مستقيمان متوازيان لا يفترقا مهما ابتعدا!

فالليل بلا أُم مخيف, مرعب, متوحش..

خاصة اذا كان الليل في المدن الانكليزية التي تنام ليلاً وكإنها تخلو من الحياة, او انها تشبه صمت الموت وهدوئه, فلا مصابيع مشتعلة تعلو البيوت لتضيء الشوارع العريضة المجملة بزهور الارصفة, ان السبب لاطفاء الضوء هو التقتير او التوفير كما يسمونه ليحافظوا على ميزانية دخلهم الذي تسرقه فواتير الكهرباء, بينما في بلداننا فالامر اكرم مما نظنه, انه يشبه والى حد كبير.. كرم العرب.

لو عدتُ بالذاكرة الى ايام بغداد التي لم افارقها سوى منذ اربعة ايام وساعات من الدهر, لوجدتُ ان الليل العراقي يشبهُ امي التي لا تنام.

هي ليست لا تنام بطراً, وانما اضطراراً! فالمعيشةِ ترغمها على ان تسهر, حتى بعد بلوغنا سن الرشد, حيث بلوغ امكانياتنا العقلية والجسدية  لتوفير ما نحتاجه من متطلبات الحياة السهلة, لكن هناك شيء لا نستطيع – نحن الابناء – توفيره, ولا نستطيع معرفته الا اذا توفر المكان والزمان المناسبين, فلا نبلغ مقصده الا في الغربةِ واثناء وقت الليل فقط.

الشيء اللطيف هنا - في المدن الانكليزية – ان الناس يستيقظون مبكرون كأمي بالضبط, لكن الفرق بينهم وبين امي, انهم ينامون مبكراً ويستيقظون مبكراً وأمي لا تنام... انها تُطابق عنوان رواية (لا انام) لاحسان عبد القدوس وتستحق هذا العنوان  بتفاصيلٍ مختلفة بين بطلة احسان وبطلتي..

محمد حسب

2017-11-24

نيوزيلاند

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسب العكيلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/25



كتابة تعليق لموضوع : كوابيس مغترب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net