صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

نواعير الكراسي ودوّامات المآسي!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الواقع العراقي خصوصا والعربي عموما يتمتع بظاهرة غريبة توالت على الحياة السياسية منذ أن إستقلت الدول العربية , وتتلخص بأن أنظمة الحكم تأتي بإنقلابات تسمى ثورات أو إنتفاضات , والقائمون بها من الذين بلا خبرة سياسية وقدرة على إدارة الحكم , فيخضع المجتمع لرحمة تجاربهم وأخطائهم ومزالقهم وخطاياهم , وبمرور بضعة سنين يتعلمون شيئا من السياسة وفنونها بعد أن أحرقوا الأخضر بسعر اليابس , وحالما يحاولون التكفير عن مآثمهم بإصلاحات وطنية ذات قيمة ومنفعة للناس يجدون رؤوسهم قد أينعت وحان قطافها , ليحل مكانهم أناس آخرون لا ناقة ولا جمل عندهم بالسياسة والحكم , وتُعاد الكرة من جديد , ويمضي الشعب في محنة التجريب والتدمير والتخريب وهكذا دواليك.

 

والمثل الواضح ما جرى في العراق منذ تأسيس دولته وحتى اليوم , ولهذا وصل الأمر إلى ما هو عليه من وجيع وتداعيات مريرة وقاسية.

 

وفي هذا الناعور الإتلافي الدوّار الذي يغرف دما ويسكب دما , فقدت البلاد والعباد نعمة أو حصيلة الخبرات التراكمية في القيادة والحكم , وصار الوطن والشعب يدوران في دوامة مفرغة من المآسي والويلات المتصاخبة , لغياب الخبرة  والمعارف المتواصلة المتوارثة عبر الأجيال , ذلك أن كل نظام يأتي ينسف سابقه ويقتلع ما يمت بصلة إليه , ويبدأ مشروعه الطفولي أو المراهق ليأتي بعده مَن يمحقه عن بكرة أبيه , فيبقى الحال في تقهقر ومراوحات دون القدرة على الخطو قليلا إلى الأمام.

 

ويظل الشعب في محنة نفسية سلوكية وتفاعلات سلبية لغياب الإستقرار السياسي وعدم وضوح معالم الطريق , مما يتسبب بخسائر حضارية فادحة , ويدفع إلى تصارعات وإحتدامات قاسية تكلف الأجيال أثمانا باهضة , وتسرق فرصهم في بناء الحياة وصناعة المستقبل اللائق بهم.

 

والمجتمعات القوية لديها ذخيرة وإستمرارية في آليات وخبرات القيادة والإدارة والحكم , كما هو الحال في الدول الأوربية وأمريكا واليابان والهند , وغيرها من الدول القوية المستقرة المؤكدة لإرادتها والساعية لتطلعاتها وأهدافها المرسومة أو المطلوبة.

 

وفي مجتمعاتنا يكون جوهر العلة في النواعير الدموية الدوارة التي لا علاقة لها ببعضها البعض , وإنما هي في تنافر  وعداء مرير , فلا يوجد نظام حكم عربي أثنى على نظام حكم سبقه , بل لا بد أن يصوره بأنه من أخس وأعتى أنظمة الحكم , ويأتي بأبشع مما كان وحصل , حتى تحولت البلدان العربية إلى ميادين مصارعة ثيران أو تقاتل ديكة على دجاج يبيض ذهبا!!

 

إن وعي هذه العلة وفهمها والتأكيد على تراكم المعارف والخبرات , وإحترام العقل العربي والمفكر العربي والإجتهادات المعرفية الصائبة الصالحة للحياة , سيساهم في المعالجة الموضوعية والعملية للمآسي العربية التائهة في محيطات المصالح العاتية الأمواج!!

فهل من واقعية وعملية وقدرة على التفكير السليم؟!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/15



كتابة تعليق لموضوع : نواعير الكراسي ودوّامات المآسي!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net