صفحة الكاتب : اياد الجيزاني

حاجتنا الى تحرير الفكر
اياد الجيزاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قبل ايام كنت اتكلم مع احد الاصدقاء

قلت له ان جزء من مشاكلنا هو عدم وجود مساحة لحرية الفكر

ادهشني حين قال ان كل مشكلتنا هو هذا .

بصراحة كنت اخشى ردة فعله لأنه اسلامي التوجه وهؤلاء عادة ما يخشون هذه الافكار ولذلك قلت له ان مشكلة التحرر الفكري هي جزء من مشاكلنا.

تحرير الفكر وعدم الحجر عليه سيساهم في اطلاق الفكر من ربقته وسيعطي قدرة و مرونة عالية للفرد ان يستلهم كافة افكاره دون ان يفكر بالقيود المفروضة التي تجعله يحاول ان يصيغ افكاره وفقا لها.

هذه القيود هي موانع تفكير تجعل الفرد يفكر الف مرة قبل اطلاق فكرته وبالنتيجة هي تساهم في الحجر على افكار خلاقة يمكنها ان تغير الواقع و يمكنها ان تصنع لنا الافضل.

التحرر الفكري في مجال المتبنيات الفكرية والعقائدية يساهم في جعلها عرضة للنقد والتصويب والاستشكال و هو ما يؤدي الى صقلها وتشذيبها.

والتحرر الفكري يقلل من تبعات القيمومة الفكرية التي يمارسها البعض لانه يرفض تلك القيمومة و يرفض تبعية الفكر فالانسان الذي ينطلق بفكره في سماء العقل الرحبة سيصنع ذاته الفكرية بنفسه و لا يقبل بأن يصاغ قالب فكري ما يفرض عليه.

نعم لا يمكن انكار وجود عقول كبيرة انتجت الكثير

و لا يمكن انكار الدور الفكري لبعض ممارسي القيمومة الفكرية في منح الفرد جملة من الافكار الصحيحة والنافعة.

و لا يمكن رفض مخزوننا الفكري و بعض المتبنيات الفكرية التي فرضها المجتمع او الدراسة التي يتلقاها الفرد ، لا يمكن رفضها بالجملة و لكن ينبغي تسليط الضوء عليها و نقدها واختيار الصائب منها.

ان التخلص من الاطر الفكرية التي تحجم تفكيرنا و تحاصره يمكن ان يكون سهلا ولكن الشيء الصعب هو اعادة صياغة العقل من جديد وفق مباديء ومتبنيات جديدة و انه لأمر صعب ان تصيغ عقلك وفقا لمتبنيات صحيحة و الا فأنك ستقع في مأزق كبير خصوصا ان عملية ازالة تلك الاطر ربما يولد فراغا فكريا قاتلا لا بد من تداركه و وضع الصياغات اللازمة.

ان البلادة الفكرية التي نعاني منها سببها هو عملية شلّ الفكر وتقييده وتحجيمه وفي مجتمعاتنا الشرقية الجميع يمارس ذلك من العائلة الى المدرسة الى الشارع الجميع يمارس ذلك في امر يدعو للاستغراب.

لقد استطاع الاوربيون اعادة صياغة الحضارة من خلال هذه المفردة اي من خلال تحرير الفكر هنا حدثت نقطة الانقلاب فقد قام مفكروهم بتحرير العقول و بالنتيجة انطلقت تلقائيا عملية نقد مركز لكل ما بأيديهم من أرث و متبنيات فكرية و اعادة تشكيلها و صياغتها .

و انطلقت العقول تتساءل عن كل شيء دون خوف من دائرة المقدسات او غيرها فكل سؤال مباح والسؤال هو نصف الطريق نحو الاجابة لأنه يصنع تحدي للعقل في صياغة الاجابة وتقديمها وبالتالي فهو عملية شحن فكري و استفراغ لقدرات العقل الخلاقة.

اؤمن تماما ان العقل الانساني كما جسد الانسان له قدرات لا يمكن ان تظهر ما لم يتم تمرينها و صناعة التحديات امامها ، فالتدجين المستمر للعقل للقبول بما هو كائن يعني قتله وتحجيمه.

ولنصغ ذلك بمثال بسيط فالانسان العادي لا يمكنه رفع وزن قدره ٢٠٠ كيلو غرام او اقل من ذلك ولكن التدريب المستمر والتمرين يجعل باستطاعته فعل ذلك كذلك العقل تماما بالمران والتفكر المستمر يمكنه ان يبدع امورا خلاقة وباهرة.

 

و لشدما اعجبني و اثار دهشتي هو ان الدين الاسلامي يفرض التقليد في الامور الشرعية و لكنه يفرض الاجتهاد في الامور العقائدية والمتبنيات الفكرية و هو امر طال خفائه عن الناس فالتقليد في العقائد غير جائز اي لا بد للانسان من التفكير و النقد حتى يصل الى تلك المتبنيات والاعتقادات بنفسه.

اقول نحن بحاجة ماسة الى تحرير الفكر من الاستعباد والقيود كي نستطيع ان ننطلق في سماء العلم والمعرفة والتي بدونها لا يمكن ان تكون حضارة ولا يمكن ان نصنع انسان يعتد بذاته ويسمو بها.

فالقيود الفكرية صنعت منا مرضى نفسيين نعاني ازدواجية فكرية وكبت فكري

و التبعية الفكرية صنعت منا شخصيات هزيلة كالببغاوات نردد ما يقوله الاخرين دون نقد او تفكير.

ayad.nagam@gmail.com

10-11-2017


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اياد الجيزاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/11



كتابة تعليق لموضوع : حاجتنا الى تحرير الفكر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net