صفحة الكاتب : د . عبد الحسين العطواني

عندما تنتهك السيادة .. يُفعل الدستور وتبرز القيادة
د . عبد الحسين العطواني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يمثل الانقسام في أي بلد خطر حقيقي ليس فقط على و حدته وتماسك نظام الحكم , بل على امن البلاد أيضا واستقراره , وذلك أن استمرار هذا من شأنه أن يعطل الكثير من الطاقات المادية والبشرية والفنية ويحولها إلى أدوات للتدمير و التضارب بين الإطراف المتنازعة , فالدولة لا تعد غاية في حد ذاتها وهي لذلك لا تنشد الاستقلال التام عن المجتمع بل أن الدولة تنشأ وترتبط بتطور المجتمع إذ كلما تطورت الدولة يصيح نظامها أكثر تنوعا وتعقدا ويزداد تغلغلها في المجتمع , من هنا ينظر إلى الدولة باعتبارها عضوا عقلانيا في المجتمع , بل ينظر إليها عاملا من عوامل النظام , أي مبدأ تنظيميا للتكوين الاجتماعي القائم , فالدولة في هذا السياق تتضرر من خلال الكيفية التي تدير بها السلطة السياسية شؤون الناس المشمولين بترتيباتها التنظيمية .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن مفهوم الدولة يرتبط بمفهوم السيادة كما يرتبط بمفهوم الشرعية , والسيادة تعني القدرة الكاملة بفرض حماية الدولة على أرضها والقدرة على وضع القرارات الأساسية الملزمة لجميع الإفراد وتنفيذها , آي أن إحدى وظائف الشرعية الأساسية أن تعطي سببا , آو توفير التبرير لوجود الدولة , وعندها يبرز القانون باعتباره احد أقوى مظاهر تعبير الدولة عن سيادتها , وهناك أيضا ترابط وثيق بين مفهوم الدولة ومفهوم القانون , ينبثق ذلك من توحد المجتمعات كلها واندماجها لتكون بحكم القانون الذي يحدد واجبات وحقوق متساوية لجميع أعضاء المجتمع , ويجب أن يكون القانون تعبيرا عن حاجات المجتمع وتنظيم ممارسات الأفراد في إطاره , أي أن القانون لا يوجد لذاته فقط حتى لا يصبح أسطورة وينتهي الأمر ليجعل الدولة فوق المجتمع .
لذلك ومن مبدأ المحافظة على فرض سيادة الدولة شرعت القوات العسكرية الاتحادية من انتزاع الشرعية والمبادرة بإعلان استعادة المناطق على قاعدة الدستور الذي خرقته سلطة الإقليم وإعادته إلى واجهة العمل الوطني بمكوناته الاجتماعية والسياسية , لتحدث حالة وحدة وطنية جديدة وغير مسبوقة في بلد انتهكته الحروب ومزقت هويته ولحمته العراقية , وبناء على هذا نرى أن هذه القوات بمختلف صنوفها وتشكيلاتها أثبتت قدرتها على التخلي عن استخدام العنف , وترجيح الصراع السلمي على الصراع المسلح في إثناء استعادة السيطرة على محافظة كركوك والمناطق التي سيطرت عليها البيش مركة بعد 2014, كما أثبتت قدرتها على تناسي الثأر من اجل توفير الأمن وفقا لتوجهات الحكومة المركزية بالابتعاد عن السلوكيات التي تؤجج الحقد , كما نجحت القيادات العراقية في الاستمرار, والمحافظة على التماسك الوطني الذي تشوش بسبب تفكك الوحدة الوطنية بين المركز والإقليم , بالإضافة إلى التعقيدات ذات الطابع القومي الكردي الذي حاولت ترسيخ السلطة في مجتمع تقليدي تهيمن وتشتد فيه تيارات زعامة حزبية وطائفية ومناطقية بالتوسع على حساب الجغرافيا الوطنية , وهي في حقيقة الأمر سلطة قبلية وعائلية تستند إلى مرجعية غير وطنية , لا تنظر إلى المجتمع وفق مفهوم المواطنة بل تعتمد على الغنيمة انطلاقا من رؤيتها استملاك السلطة والتفرد فيها , وهنا فوضت أسسها المجتمعية ومشروعيتها الشعبية , وأصبحت أمام سلطة بالتغلب تعتمد قهر المواطنين وقمعهم وإهدار حقوقهم
وبالإشارة إلى أحداث كركوك وسيطرة القوات الاتحادية على جميع مدنه ومنشآته النفطية وما تلاها من استعادة مناطق في محافظات أخرى تحمل في جوفها حزمة من الايجابيات واهم تلك الايجابيات هو إسقاط الرموز والزعامات التي نصبت نفسها على الشعب الكردي , وبهذا السقوط بدأ المجتمع الكردي يعي حجم الخداع والتضليل والإخفاء الذي مورس ضده طوال الفترة الماضية , والفشل الواضح في إدارة شؤون الإقليم وفي اللعبة السياسية وفي مواجهة عدم التقبل المحلي والإقليمي والدولي بالتخلي عن الاستفتاء , سيمثل المسمار إلاخير في نعش فكرة قيام دولة كردية وسيكون مهلة نهائييه وأخيرة مجرد التفكير ثانية في إحياء هذه الفكرة إلى متحف التاريخ .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الحسين العطواني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/06



كتابة تعليق لموضوع : عندما تنتهك السيادة .. يُفعل الدستور وتبرز القيادة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net