صفحة الكاتب : هشام الهبيشان

سورية...الرهان على الميدان ولاوقت مستقطع للحديث عن الحلول السياسية !؟
هشام الهبيشان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من جديد تزدحم الأحداث السياسية الخاصّة بملفّ الحرب على الدولة السورية، وسط حديث عن جولات جديدة لمؤتمرات جديدة «أستانا » و" جنيف " والواضح أنّ هذه الجولات وهذه المؤتمرات لن تتمكّن من تحقيق أيّة إنجازات، وخصوصاً أنّ الأحداث العسكرية الجارية بشرق سورية و سعي أمريكا عبر ميلشياتها " قوات سورية الديمقراطية "قطع الطريق على إنجازات الجيش العربي السوري وحلفائه شرق دير الزور ، قد أثّرت سلباً على الحديث عن حلول سياسية للحرب المفروضة على الدولة السورية، وبالإضافة لما يجري في الميدان، فهناك العديد من الصعوبات والمعوقات المتمثّلة بـ«المعارضة» وداعميها، وتمسّكهم بالشروط نفسها التي أفشلت المؤتمرات السابقة.

 

 

 

 

واشنطن وحلفاؤها ما زالوا يمارسون نفس المنهجية والاستراتيجية بحربهم على سورية، ومن هنا سيلاحظ معظم المتابعين، وبوضوح، أنّ التعويل على الحلّ السياسي في سورية، في هذه المرحلة تحديداً، فاشل بكلّ المقاييس، لأنّ الرِّهان اليوم هو على الميدان فقط، واليوم عندما نتحدّث أنّ لا رِهان إلّا على الميدان، لأنّنا ندرك أنّ الدولة السورية ما زالت تتعرض لحرب " عالمية شاملة " بكل المقاييس " ومن يتابع مايجري بشرق سورية وشمال شرقها وشمال غربها وما يخطط لجنوب غربها سيصل لمعادلة مكتملة عنوانها "أن قوى العدوان على سورية مازالت تراهن لليوم على الميدان لتنفيذ مشروعها في سورية " ، فما جرى بالرقة بعد إعلان أمريكا عن انتهاء حملتها على مدينة الرقة وما تبع ذلك من توسع عملياتها العسكرية العدوانية على شرق دير الزور وشمال شرقها يعكس بالضرورة وعلى وجه الخصوص،حجم الأهداف المطلوب تحقيقها في سورية ومجموعة من الرهانات الأميركية المتعلقة بكلّ ما يجري فيها. وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الأمنية والعسكرية والجيوسياسية للجغرافيا السياسية السورية وموازين القوى في الإقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمّياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن «إسرائيل» والطاقة وجملة مواضيع أخرى.

 

 

 

 

اليوم، ومع تفاؤل البعض بقرب انطلاق مسار الحلول من جديد بمؤتمر «أستانا» أو " جنيف "، والخاصة بالوصول إلى حلّ سياسي للحرب المفروضة على الدولة السورية، استكمالاً لمجموعة لقاءات ومؤتمرات ومنتديات واجتماعات، مروراً بمبادرات دي ميستورا وغيره، يبدو واضحاً في هذه المرحلة أنّ مسار الحلول «السياسيّة» ما زال مغلقاً حتى الآن، وخصوصاً أنّ استراتيجية الحرب التي تنتهجها واشنطن وحلفاؤها اتجاه سورية بدأت تفرض واقعاً جديداً، فلم يعد هناك مجال للحديث عن الحلول السياسية، فما يجري الآن ما هو إلّا حرب مستمرة وبأشكال مختلفة على الدولة السورية، فاليوم عندما يتحدث ساسة واشنطن وعلناً ان لامستقبل سياسي للرئيس بشار الاسد ، ويتزامن حديثهم هذا مع مشروع كبير يستهدف السيطرة على حقول النفظ والغاز والموارد المائية والزراعية والاقتصادية بالشمال الشرقي والشرق السوري ونيتهم اعادة اعمار الرقة واعادة تركيبها ديمغرافياً بما يتناسب مع مشروعهم في سورية ، هذا بمجموعه يؤكّد استمرار أميركا وحلفائها في حربهم المباشرة وغير المباشرة على سورية، ويؤكّد بما لا يقبل الشكّ في أنّ أيّ حديث عن تغيّر في رؤية واشنطن لمسار الحلّ في سورية ما هو في النهاية إلّا حديث وكلام فارغ من أيّ مضمون يمكن تطبيقه على أرض الواقع، فأميركا وحلفاؤها في الغرب والمنطقة كانوا وما زالوا يمارسون دورهم الساعي إلى إسقاط الدولة السورية بكلّ أركانها بفوضى طويلة تنتهي حسب رؤيتهم بتقسيم سورية.

 

 



اليوم، وبالاضافة إلى تعقيدات ملف الميدان السوري والسعي الأمريكي لإعادة خلط اوراقه ،من الواضح كذلك أنّ جميع المعطيات الإقليمية والدولية في هذه المرحلة تشير إلى تصعيد واضح بين الفرقاء الإقليميّين والدوليين، وهذا بدوره سيؤدّي إلى المزيد من تدهور الوضع في سورية وتدهور أمن المنطقة ككلّ، وهذا ما تعيه معظم الاطراف ، ومن هنا نقرأ أنّ تشعّب الملفات الإقليمية والدولية وتداخل جهود الحلّ، سيعقّد مسار الحلول لحرب لا تزال تدور في فلك الصراع الإقليمي والدولي، ولهذا لا يمكن اليوم أبداً التعويل على مسار الحلول السياسية للحرب على سورية، لأنّ مصيرها الفشل، ولا بديل اليوم عن استمرار الرهان على الميدان .

 

 

 

 


ختاماً ،هنا يجب التأكيد على إنّ ما جرى في عموم الميدان السوري مؤخراً ،يؤكد استمرار الحلف المعادي لسورية في مشروعهم الواضح المعالم لجميع المتابعين ، فأميركا وحلفاؤها في الغرب والمنطقة كانوا وما زالوا يمارسون دورهم الساعي إلى إسقاط الدولة السورية بكلّ أركانها بفوضى طويلة تنتهي حسب رؤيتهم بتقسيم سورية ،وهذا بدوره يؤكد بما لا يقبل الشك في أنّ أيّ حديث عن مؤتمرات هدفها الوصول إلى حلّ سياسي للحرب على الدولة السورية ، ما هو في النهاية إلا حديث وكلام فارغ من أيّ مضمون يمكن تطبيقه على أرض الواقع،. وإلى حين اقتناع أميركا وحلفائها بحلول وقت الحلول للحرب على الدولة السورية ستبقى سورية تدور في فلك الصراع الدموي، إلى أن تقتنع أميركا وحلفاؤها بأنّ مشروعهم الساعي إلى تدمير سورية قد حقق جميع أهدافه، أو أن تقتنع بانهزام مشروعها فوق الأراضي السورية، وإلى ذلك الحين سننظر إلى مسار المعارك على الأرض لتعطينا مؤشرات واضحة عن طبيعة ومسار الحلول المستقبلية للحرب على الدولة السورية، وعلى الشعب السوري الخاسر الوحيد من مسار هذه الحرب المفروضة عليه.




 

*كاتب وناشط سياسي - الأردن.

hesham.habeshan@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هشام الهبيشان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/28



كتابة تعليق لموضوع : سورية...الرهان على الميدان ولاوقت مستقطع للحديث عن الحلول السياسية !؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net