صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة انطباعية.. في دليل مهرجان الامام الحسن(عليه السلام) الثقافي السنوي السادس
علي حسين الخباز

أساس فكرة انتاج كراس يوثق تجربة مهرجان، هي توطيد تواصلي مع المتلقي في كل زمان ومكان، ويقدر الكراس من خلال نقله لفقرات المهرجان أن ينقل آراء المقيمين بالمهرجان والضيوف، وتقدم رؤية تاريخية. وهذا المهرجان الذي خصص لرابع أهل الكساء (سلام الله عليهم)، سلط الضوء على حياة وفكر الإمام الحسن(عليه السلام)، أصدر الكراس قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، وهو من اعداد شعبة الفكر والابداع/ وحدة الاصدارات/ تصميم حسين شمران، حسين عقيل. لا يتحقق السمو بأمة من الأمم ما لم تعتني بتاريخها ورموز تاريخها، وخاصة عندما تنهل تلك الرموز من معين القداسة، وهذا المهرجان استحق الجدارة بمعنيين.. الأول أن الإمام الحسن (عليه السلام)، يمتلك تجربة كونية واسعة من العلم والعمل، ويمتلك سمات النموذج الفكري الحي؛ ليكون من الرموز التي تتنامى فاعليتها عبر كل زمان ومكان، ولا تلحق أبداً في أي محتوى من مفرداته بالأثر المتحفي، وبهذا استحق ان يكون قدوة منشودة ليحقق السلام في كل أمة. والمعنى الثاني يظهره شعار المهرجان في دلالاته المبدعة (الامام الحسن المجتبى عليه السلام عزة للمؤمنين ومدار الحق المبين)، وإضافة لهذا المعنى الاعتباري التاريخي بما يمتلك من دلالات. هناك معنى اعتباري معاصر، من خلال اقامة هذا المهرجان من قبل أهل الحلة بالتعاون مع الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية وجامعة بابل، كلية الدراسات القرآنية، ومديرية الوقف الشيعي في المحافظة، وهذا رد كاف على أزمة مفتعلة أثيرت قبل سنة، كما يراها الأستاذ المهندس حسين علاء علي عضو اللجنة المشرفة على المهرجان. مقومات هذا المهرجان، هو الحرص على جعل مولد الإمام الحسن(عليه السلام) عيداً يحتفل به المؤمنون في هذه المدينة باسم الامام الحسن المجتبى (عليه السلام)، وأشار الى السمة اليقينية التي جعلت هذه المدينة خضراء لم تنجح في جعلها من المدن الحمراء أو البيضاء. إن مهمة الفكر النير في اضفاء قيمة على الفعل المبدع، وكانت اضافة المهرجان لهذا العام هي رفع راية خضراء كتب (يا كريم أهل البيت عليه السلام)، وتوجها حفل بهيج اعتلت سارية تتوسط الحفل في ساحة مقام رد الشمس لأمير المؤمنين (عليه السلام) في الحلة. ولسماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، ثلاثة محاور دلالية، تستنهض القيم السامية لإقامة مثل هذا الاحتفاء الجماهيري: اولها العمل على ديمومة تحتاج الى استذكار دائم الخلق المتنامي تواصلية الجماهير وصولاً الى مرحلة التسامي. والمحور الدلالي الثاني بما يتعلق تاريخ مدينة الحلة، التي كان لها السبق في علوم كثيرة، مدينة ابن ادريس ومدينة السادة آل طاووس، ومدينة المحقق ابو القاسم وآل المطهر، تربعت على عرش العلم، وليس غريباً على هذه المدينة أن تكتحل باسم مدينة الامام الحسن (عليه السلام). أما المحور الدلالي الثالث هو دور الامام الحسن (عليه السلام) في قيادة الأمة، وقدم قادة مثل حجر بن عدي الكندي الذي أصبح قضية مستقلة، تحليلات ذهنية راقية تحمل سمات ابداعية تعرض كملحق لهذه اللمحات التاريخية التي لابد أن تنصهر في واقع معاصر. سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) قدم لنا قراءة معبرة باتجاه ثلاثة مسارات فكرية: أولاً/ تشخيص غياب الوعي العام حتى اطلق البعض على الحسين (عليه السلام): (السلام عليك يا مذل المؤمنين)، وهذا هو عدم الوعي الذي ضيع معرفة الامام المعصوم والذي حمل مصلحة الأمة في اولويات قضاياه). المسار الثاني/ هو حكم الإمام الحسن (عليه السلام) والذي دام عشرة اشهر خليفة للمسلمين، كيف سرقوها من التأريخ فلم تذكر، عشرة اشهر مشحونة بالمشاكل.. شخص سماحة السيد (دام عزه) السبب ليس هناك وراثة دولة، وإنما هناك وراثة معسكر، ليصل التفكير ببعضهم بقتل الامام (عليه السلام). والمسار الثالث/ هو ضرورة اعادة التأريخ لإثارة الانتباه حول المختلس من التأريخ، وضبط واقعية احداثها، وكشف علائق التزوير، واستقراء المدون التأريخ نتاج امة زاخرة بالمعنى، يحمل مثل هذا المهرجان يقينية عمله الجاد مسابقات وبحوث تستنهض الوعي، لوضع الدعائم الصحيحة. استقراء تاريخي يبدأ بالنقطة الاولى من تركيز المعلومة الصحيحة، بث عوالم مدركة لتكامل الوعي مع غربة التاريخ، تسليط الضوء على شخصية إمام معصوم تعرضت الكثير من سيرته الى التشويه وتغيير معالم الحقيقة، وقلة ما فعلوه انهم شوهوا القدرة العامة لشل حركة استيعاب عوالم هذا الامام المعصوم (عليه سلام الله)، اخراج القضية من مغزاها الايماني وتحويلها الى عوالم السياسة. هذه البحوث أيضاً تسعى لتحويل المتكأ الخطابي الى بحث في معنى المعنى، لذلك كان البحث الفائز هو للدكتور صالح الطائي، الامامة المنسية، فعندما يخصص بحث بجزئين لموضوع الامامة المنسية، سيكون البحث الاستقرائي بعيداً عن هجائية الانحراف والتوجه الى التأقلم مع واقع الإمامة ومحاورها ونقاط الارتكاز التي سببت نسيانها. والدراسة الثانية/ كانت بعنوان (دراسات في الفكر التربوي عند الامام الحسن عليه السلام)، لمؤلفه الأستاذ يوسف مدن من البحرين. لا أريد أن أبحث في عناوين الجوائز التي اعلنت مسبقا، لكني أريد التركيز على المحاور المعنونة في الجائزة الثالثة كانت بعنوان الانسانية المثالية عند الامام الحسن (عليه السلام) لمؤلفه الدكتور رحيم كريم الشريفي من محافظة بابل. والدراسة الرابعة/ تنزيه الامام الحسن ومحاكمة النصوص، لمؤلفه الأستاذ كريم جهاد الحساني من النجف الأشرف، نجاح هذا المهرجان استطاع ان يشحذ همم المثقفين وعدد المشاركين في البحوث يوضح النهضة التي تجعلنا سعداء حيث اشترك 24 بحثا وهذا يعني ان كتابنا لهم امكانية رفد المكتبة الاسلامية بما تعني تجربة التلقي، لاحتواء عوالم هذا الامام المعصوم. وسعى المهرجان الى النموذج التكاملي لأفق مهرجان متنوع كبير حيث افتتح معرض اللوحات الفنية والخط العربي الزخرفة وجلسات شعرية، وشعر شعبي، ومن أجل أن يتحول المنجز الى كيان اجتماعي، ينتمي الى افق هذه الهوية المعطاءة، فأنجزت أمسيات قرآنية وأناشيد ولائية ومعارض صور. وفي اليوم الثالث/ قدمت البحوث الثلاث الفائزة، اضافة الى بحث حوزوي قدمه السيد محمد علي الحلو (المشكلة التاريخية والسيرة الحسنية) قدم خونة التأريخ لنا الامام الحسن كشخصية مهادنة مستسلمة، وهذا سببه قلة الوعي كما اسلفنا وقدموا روايات فاقدة لمصداقيتها، مرتكزة على دور الوضاعين والفارق كبير بين الصلح والهدنة. من المتعارف في جميع المهرجانات والمؤتمرات تقديم توصيات متوقعة وهذا لا عيب فيه، الجميع يدرك احتياجات هذه المدينة كواقع حياتي، إذ أن اعتماد اسم الامام الحسن (عليه السلام) جوبه بضجة اعلامية مفتعلة عادت وبان معدن هذه المدينة التي اصرت أن يعتمد اسم هذه المدينة باسم مدينة الحسن بن علي (عليه السلام)، وتفعيل البحوث من قبل المنتديات العامة العراقية. ومن أهم النقاط التي كان لابد ان يقدمها المهرجان هو تفعيل قضية الامام قضية الامام الحسن (عليه السلام) في المناهج التربوية، نحن بحاجة ماسة الى اعادة قراءة التأريخ قراءة واعية خارجة عن أطر المضمرات النصية المندسة، والارتكاز على الافق المنفتح على مقاربات كل افق نصي لنصل الى مكون منهجي تربوي يقدم في مدارسنا، وليكون هذا المهرجان مشروعاً عالماً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/17



كتابة تعليق لموضوع : قراءة انطباعية.. في دليل مهرجان الامام الحسن(عليه السلام) الثقافي السنوي السادس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net