صفحة الكاتب : علاء الخطيب

في العراق ثورةٌ فارسية
علاء الخطيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يَصرُ الاعلام العربي أن رأس القذافي هو الرأس الثالث الذي تدحرج من رؤوس أنظمة الغلبة والإستبداد العربية ويُصِرالعراقيون على أنه الرأس الرابع فيعدون رأس صدام من بينها لأنه لا يختلف عن أقرانه, فهل من شاك في ان صدام لم يكن دكتاتوراً!!! .
و توصف حركة التغيير( الثورات) الجارية في الوطن العربي على أنها ربيع الثورات العربية , بينما يوصف التغيير في العراق على أنه ربيع فارسي صفوي.
كما يُتهم العراقيون على أنهم خونة وعملاء لأنهم تعاملوا مع الولايات المتحدة بينما يُنظر الى أشقائهم الآخرين  الذين قاموا بنفس الفعل على أنهم ثوارمناظلون. تناقض كبير لكنه معروف الأسباب .
 وفي الوقت الذي أنطلق فيه أئمة المساجد يلعنون القذافي كونه طاغوت جرع شعبه الذل والهوان وهو كذلك, وافتوا  علماء الدين بعدم جواز صلاة الغائب على روحة , رجع بي الزمن الى يوم إعدام الدكتاتور في العراق والفتاوى التي صدرت تترحم عليه وتُقام صلوات الغائب على روحه في كثير من البلدان العربية, تسائلت هل الدكتاتورات  تختلف عن بعضها البعض؟ أم أن هناك لغز لا نعرفه نحن العراقيون. 
 
 هذا التناشز العربي الذي يكرسه الإعلام في تقاريره اليومية عن حركة التغيير العربية في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا عدا العراق والبحرين و يؤكد على عربية ( الثورة ) وشرعيتها في هذه البلدان مستثنياً العراق, وكأن هذا البلد لم يكن بلداً عربياً ولم  يشهد أي تغيير وكأن الذي حدث فيه  هو فعل لا شرعي ولا قانوني, هذا الإعلام يستغل الإنسان العربي  وغياب الإعلام الفضائي في التسعينات من القرن المنصرم, ويغيِّب  ثورة العراقيين على الدكتاتور في عام 1991م والتي أسقطت 14 محافظة عراقية من اصل 18 محافظة.
ولولا تدخل دول الجوار وإنقاذ النظام لسبق العراقيون أشقائهم بالتغيير بعقدين من الزمان, فهذا التناشز لم يكن  له إلا عنوان واحد هويعرفه الجميع ولا حاجة لذكره.
لقد طوى التاريخ صفحة التغيير العراقية بفضل الإعلام العربي الخليجي وبقوة المال وكراهية الجوار الأقليمي. وأبدلوا الربيع العراقي بالربيع الفارسي, وأمسى العراق ضحية اللعبة الطائفية والصراع المذهبي, وأضحت المقابر الجماعية خدعة وكذبة أراد الصفويون تشويه صورة النظام السابق من خلالها وتحولت مدارستا النحو العربي في الكوفة والبصرة الوحيدتان في عالم اللغة العربية الى مدرسة نحو ٍ فارسي بين ليلةٍ وضحاها وغدا العراقيون فرس صفويون.  
 هذا الكيل المزدوج للإعلام العربي ذو الخلفية الطائفية هو الذي أحدث َ شرخاً في جسد العلاقات العراقية العربية, وساعد الساسة العراقيون الجدد على توكيده وترسيخه من خلال الأداء الواهن والخطاب المتناقض, ومن خلال الصراعات والمماحكات التافهة التي أحدثوها,  
لقد وقع الساسة في فخ الطائفية وفخ الفساد الذي نصبه لهم دول الجوار, وأفقدهم التوازن والعقلانية, وألجأهم الى الإعتماد على أجنداتهم ( أي دول الجوار) , فأسأوا الى الشعب العراقي والى التغيير والى أنفسهم في آن واحد.
فمن المحزن أن تصادر الدماء والتضحيات العراقية, ومن المبكي ان يتحول الثواروالمعارضين للدكتاتورية الى خونة وسراق, ومن المؤسف أن تتحول الحضارة الى همجية,  
والأكثر حزناً عدم إنصافنا وأن نصبح جلادين بعدما كنا ضحايا, ونحن بالفعل ضحايا مقهورون ومفترى علينا لكوننا من فصيل مختلف وإن كنا من جنس واحد, فهل في العراق ثورةٌ فارسية وبباقي الدول العربية ثورة عربية. 
أم أن إخواتنا لم يجدوا من يظلموه إلا نحن فظلمونا. 
 ورحم الله الشاعر العربي حين يقول: 
 
 وأحياناً على بكرٍ أخينا إذا ما لم نجد إلا أخانا 
 
 25-10-2011 لندن 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء الخطيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/25



كتابة تعليق لموضوع : في العراق ثورةٌ فارسية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net