صفحة الكاتب : مروج محمد حسن

الكتل السياسيّة تتجاهل إرتفاع حالات العنف الأسري
مروج محمد حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

على الرغم من إزدياد معدلات العنف الاسري، يستمر معه رفض البرلمان العراقي لمشروع قانون مناهضة العنف الأسري، والذي عرض على مجلس النواب وتمّ قراءته الاولى في عام 2015، وسط خلافات على بنود القانون الذي عدّه بعض النواب لايتناسب مع خصوصية المجتمع العشائري في البلاد.

المؤشرات تدل على إرتفاع معدلات العنف الاسري التي تواجه النساء في العراق، مع قلق بالغ لمفوضية حقوق الانسان العراقية، إذ صرح عضو مفوضية حقوق الانسان في العراق د.فاضل الغراوي في 23 ايلول/سبتمبر، "إنَ المفوضية تتابع بقلق بالغ ارتفاع معدلات العنف الاسري في بغداد، والتي تم تأشيرها في قسم من المحافظات حيث بلغت نسبة اعتداء الاباء على الابناء ٣٪‏ ضمن الاعتداءات الاسرية".

ومع إزدياد معدلات العنف الاسري قامت منظمات المجتمع المدني وبعض المشرّعين العراقيين على مدى السنوات السابقة بوضع مشروع  يجرّم العنف الأسري، ويضمن حماية اللازمة للمعنفات. ويعرّف مشروع القانون العنف الأسري في المادة (1) منه "كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد بهما يرتكب داخل الأسرة، ويترتب عليه ضرر مادي أو معنوي" .

ومن جهته، ظهرت عراقيل عدّة ورفض حول تشريع هذا القانون من قبل مجلس النواب العراقي بحجج مختلفة، إذ قالت عضو مفوضية حقوق الانسان سابقاً بشرى العبيدي في اتصال هاتفي "في عام 2009 تم عرض مشروع القانون على مجلس شورى الدولة وعدل من قبله، ولم يوافق مجلس النواب على مشروع القانون ورفضوا طرحه، بحجج انه لايتناسب مع الشريعة الاسلامية والمجتمع العراقي، وقالوا من حق الزوج اوالاب تأديب زوجته واولاده، وإنَ القانون يعطي سلطة أكبر للمرأة على حساب الرجل، ويقدم الحماية للمرأة فقط، ومن المحتمل أن يستغل تطبيق القانون".

وأضافت " وفي عام 2015 تم عرض مشروع القانون من قبل لجنة المرأة والاسرة والطفولة البرلمانية على مجلس النواب، بعد اجراء تعديلات عليه وتم قراءته للمرة الأولى عام 2015 واعيد قراءته للمرة الثانية في 2017 بعد تعديلات اخرى وضغوطات عدة من المنظمات الدولية والمجتمع المدني في العراق"، وحسب كلام العبيدي أنّ الكتل السياسية تستمر بوضع عراقيل التي من شأنها منع تشريع قانون الحماية من العنف الاسري.

 وعلى خلاف ذلك، هناك شخصيات إسلامية تدعو بضرورة تشريع القانون وتدعم حماية المرأة، حيث أكّد رئيس لجنة الاوقاف الدينية في البرلمان العراقي علي العلاق في 31 اب/أغسطس، "انّه شخصياً يدعم تشريع القانون كذلك اللجنة بالإجماع ليست ضد القانون، بل على العكس ممّا يثار في الأروقة الإعلامية حيث أننا في اللجنة ندفع باتجاه التعجيل بإقرار القانون على أن يكون اسم القانون مكافحة العنف الأسري وليس الحماية من العنف الأسري لأنّ الحماية وحدها ليست كافية بل نحتاج إلى حزمة من الإجراءات التي تساعدنا في مكافحة العنف والحد منه ومن أهمها وجود قانون للعنف الأسري في العراق".

ولكن الواقع يؤكّد على وجود عراقيل كبيرة في طريق سنّ هذا القانون، خصوصاً أنه مطروح في أروقة البرلمان منذ سنوات.

ومن جهة اخرى، هناك تحرّك لدى البرلمان العراقي لتعديل قوانين أخرى تخصّ المرأة والتي من شأنها أن تؤثرسلباً على حقوق النساء العراقيات، حيث طرح مقترح لتعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959، وكان مقترح التعديل في قانون الأحوال الشخصية قد طرح من قبل رئيس كتلة المواطن النيابية "حامد الخضري" في 23 مايو/ايار 2017، وتمّت القراءة الاولى لمقترح التعديل والذي يطال أربعة مسائل شرعية.

 وأبرز المواد المطروحة هي المادة الاولى منه حيث تجيز للمسلمين الخاضيعن لاحكام القانون تقديم طلب الى محكمة الاحوال الشخصية المختصّة لتطبيق الاحكام وفق المذهب الذي يتبعونه. وسوف يؤدّى هذا الإجراء إلى التعدّدية القانونية، حيث أنّ هناك اخلاف بين المذاهب الإسلامية في احكام سنّ البلوغ والزواج والطلاق والإرث والمسائل الأخرى.

 كما نجد انتهاك خطير لحقوق المرأة والطفل فالتعديل يبيح زواج البنت من سن 9 سنوات، وهذا ما حذرت منه عضو لجنة المرأة والاسرة والطفولة ريزان الشيخ دلير في 14 ايلول/سبتمبر، حيث شدّدت شيخ دلير على خطورة تمرير هذا القانون خلال المرحلة المقبلة بالاتفاق مع هيئة الرئاسة، مؤكدةً "أنّ تمرير هذا القانون سيجعل من العراق في المراتب الاخيرة في تصنيف حقوق الإنسان بين الدول، كونه يشجّع على زواج القاصرات".

وهذا يتزامن مع وجود معارضة شديدة من قبل المجتمع المدني في العراق لرفض أي توجهات من قبل الكتل السياسية لتعديل القانون حيث أصدرت رابطة المرأة العراقية موقفها من مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي في 22ايلول/سبتمبر، وقالت فيه "نؤكّد على رفضنا لأيّ مشروع من شأنه مخالفة الدستور العراقي والمواثيق والنصوص الدولية، وندعو إلى إصلاح منظومة التشريعات ومؤسسات إنفاذ القانون على أسس المساواة والعدالة واحترام كرامة المرأة، والارتقاء بالوعي القانوني في المجتمع وضمان حماية حقوق المرأة العراقية وإتاحة الفرص الكاملة أمامها لتساهم بشكل فعال في بناء السلم الأهلي والنظام المدني والديمقراطي لتحقيق التنمية المستدامة في العراق".

فعلى رغم من حظر الدستور العراقي كل أشكال العنف والتعسّف في الأسرة، لا يبدو أنّ هنالك توجّه تشريعي لدى مجلس النواب العراقي لتشريع قوانين موائمة لالتزامات العراق الدولية والتي من شأنها أن تحدث تغييرات ايجابية في حقوق المراة والطفل في البلاد، فالكتل السياسية في العراق مصرّة على عدم ضمان وحماية حقوق الإنسان وجعل العراق ضمن دول المتقدّمة.      

 حقوقية وباحثة في مجال حقوق الإنسان                                  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مروج محمد حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/29



كتابة تعليق لموضوع : الكتل السياسيّة تتجاهل إرتفاع حالات العنف الأسري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net