صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

نقد محاضرات احمد القبانجي حول الهيرمنيوطيقا والالسنيات والتفسير الوجداني – ج3
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم

 محاضرة الالسنيـات:
علم الالسنيات او اللسانيات. هو احد فروع علم الاشارات (السيميائيات Semiotics) . قال سوسور : (فعلم اللغة هو جزء من علم الاشارات العام: والقواعد التي يكتشفها هذا العلم يمكن تطبيقها على علم اللغة ، ويحتل العلم الاخير مكانة محددة بين كتلة الحقائق الانثربولوجية) .
وقد تعددت تعاريف مصطلح اللسانيات ، فاللسانيات يُطلق عليها: الألسنة وعلم اللغة ، وهناك من يطلق "لسانيات النص" على: علم لغة النص، أو اللسانيات النصية، أو نحو النص ، وهناك مَن يُسمي "لسانيات النص": لسانيات الخطاب ، ويُطلَق على السيمياء: علم أسرار الحروف ، وعلم العلامات ، والسيميولوجيا ، والسيميوطيقا .
ويعتبر العالم السويسري فرديناند دي سوسير 1857 - 1913م مؤسس علم اللسانيات الحديث وذلك في مُحاضراته التي أملاها على طلابه بين عامي 1907 - 1913م ، وهناك من يرى انَّ ولادة هذا العلم الحديث ترجع إلى مائة سنة قبل سوسير، من قبل الألماني فرانز بوب سنة 1791، 1867م .
وفي محاضرة احمد القبانجي بعنوان (علم الالسنيات ودوره في انتاج النص) نجده يروّج للالسنيات والتي تسمى ايضاً اللسانيات (السيميوتيكا أو علم السيمياء) ، وترويج احمد القبانجي لعلم الهيرمنيوطيقا مع علم اللسانيات (السيميوتيكا) يضعه في تناقض منهجي ، ويكشف عن اضطراب في الهدف المقصود من التطرق الى هذين العلمين اذ ان هذين العلمين ليسا مكملين احدهما للآخر وربما هو يظن ان اللسانيات تدرس انتاج النص والهيرمنيوطيقا فهم النص المنتج فتكون احداهما مكملة للاخرى الا ان هذا فهم ساذج لهذين العلمين العميقين ! فالهيرمنيوطيقا تتناول النص من جانب يختلف عن تناول الالسنيات له. ولكي نتمكن من فهم الفرق بين الالسنيات (السيميوتيكا) والهيرمنيوطيقا لا بد من معرفة مقدمة عن فروع اللسانيات (الالسنيات).
تتفرع الالسنية بحسب الدكتور جرجس ميشال جرجس الى:
1. علم الاصوات (الفونتيكا).
2. علم وظائف الاصوات (الفونولوجيا).
3. علم الدلالة (Semantique).
4. السيميوتيكا والسيميولوجيا (علم السيمياء). ورائده هو السويدي فرديناند دو سوسور.
5. الهرمنيوتيكا.
6. الاسلوبية أو علم الاسلوب.
7. المورفولوجيا أو علم بنية الكلمة.
8. علم المعاجم.
9. علم التراكيب.
10. علم التفكيك.
11. علم تحليل النص.
12. علم تحليل الخطبة .
 
فأحمد القبانجي تناول علم السيميوتيكا واطلق عليه اسم الالسنية (ربما من باب تسمية الفرع بأسم الاصل) وتناول في محاضرة اخرى الهرمنيوتيكا (الهيرمنيوطيقا) ولم يشر الى علاقتها بالالسنية باعتبارها فرع منها ! نعم ربما يرى علماء مختصون آخرون ان الهيرمنيوطيقا علم منفصل عن الالسنيات وليس مكملاً له بخلاف ظن احمد القبانجي الذي ذكره في بداية محاضرته.
نعود الى علم السيميوتيكا (علم السيمياء) والذي لا يهمه ماذا يقول النص ولا من قال النص انما يهمه "كيف يعبر النص عما يقول" . اما الهيرمنيوطيقا (الهرمنيوتيكا) فقد ظهرت كرد على السيميوتيكا ـ كما يقول الدكتور جرجس ميشال ـ وهي تسعى الى كشف الطرق والوسائل التي تسهم في إدراك معاني النص وفهمه فهماً كاملاً . ومن الملاحظ ان اهتمام علم الهرمينوتيكا (الهيرمنيوطيقا) في ادراك دلالات النصوص قد اثار موضوعاً مهماً ينحصر في كيفية البحث في آليات الفهم ، حتى بات القاريء يشكل أساس العملية البحثية لأنه هو الذي يفهم النص . فمع الهرمنيوتيكا (الهيرمنيوطيقا) يتم التوجه الى شخص القاريء وقدراته في استيعاب معطيات النص الدلالية والبحث عن الآلية التي ساعدته على إدراك ذلك . اذن الفرق بينهما هو ان السيميوتيكا تبحث في كيفية تعبير النص عما يقول بينما الهرمنيوتيكا (الهيرمنيوطيقا) تبحث في كيفية فهم القاريء للنص. فليس مهما في الهرمنيوتيكا كيفية تعبير النص عما يريد قوله بل المهم كيف يفهم القاريء ذلك النص !! فعلى سبيل المثال اذا اعملنا هذين العلمين في بعض آيات القرآن الكريم نجد ان السيميوتيكا تبحث عن كيفية تعبير الآية الكريمة عما تريده بينما تبحث الهرمنيوتيكا في كيفية فهم القاريء للاية الكريمة !! اذن الاشكاليات في الهيرمنيوطيقا اكبر مما في الالسنيات لأنها تعتمد على الجانب البشري او العامل البشري في الفهم وهذا العامل متغير من شخص لآخر لأنه يعتمد على ثقافة الشخص وبيئته واهدافه وغاياته وبذلك ستكون النتيجة مختلفة من شخص لآخر وسنحصل على عدة تفسيرات هيرمنيوطيقية مختلفة ! اذن ليست التفسيرات الهيرمنيوطيقية هي التفسيرات المثالية التي يمكن ان تعالج موضوع تعدد التفاسير الاسلامية.
 
وفي خضم ذلك كله نجد ان محاضرة الالسنيات التي القاها احمد القبانجي كانت خالية من ذلك كله ، كما انها خالية من اية مواضيع علمية لها علاقة بعلم الالسنيات (السيميوتيكا) الذي اسسه سوسور!! وبدلاً من ذلك جاء احمد القبانجي بشبهة حاول فيها ايهام المتلقي (المستمع) انها شبهة من نتاج علم الالسنيات مع انها بعيدة عنه لأنها شبهة يتناولها علماء الحوزة منذ مئات السنين وهي موضوع علاقة اللفظ بالمعنى الخارجي ، فالموضوع ليس من نتاج الالسنيات الحديثة ولا علاقة له بسوسور ولا باي عالم آخر من علماء الالسنية ، بل هو موضوع يمتد عميقاً ليخترق الزمن ويرتبط بالفلسفة الارسطية. بل بالضد من احمد القبانجي سنرى ان علم الالسنيات الحديث يجيب عن الاشكالية التي ذكرها احمد القبانجي عن علاقة اللفظ بالمعنى الخارجي بطريق آخر من داخل علم الالسنيات الحديث نفسه مختطاً طريقاً آخر يبعد الشبهة عن الاذهان ولا يجد لها قيمة لان تناول الالسنيات الحديث للموضوع يختلف عن الفلسفة الارسطية. وسنناقش ذلك تفصيلياً في معرض تفنيدنا لشبهة احمد القبانجي حول علاقة اللفظ بالمعنى الخارجي ، ان شاء الله سبحانه.
ومن المهم العروج الى مقولة الدكتور ميشال جرجس آنفة الذكر بان الهرمنيوتيكا ظهرت كرد على السيميوتيكا ونحن نجد ان هذه المقولة ربما تكون غير صائبة بل معكوسها هو الصواب لأن رائد الهيرمنيوتيكا الحديثة فريدريك شلايماخر (1768-1834)م قد عاش في فترة تسبق رائد السيميوتيكا فردينياند دي سوسور (1857- 1913)م. اذن السيميوتيكا ظهرت بعد الهيرمنيوتيكا رافضةً لفكرتها في كيفية فهم القاريء للنص لعدم جدواها لوجود سلبيات عديدة فيها سنتطرق اليها لاحقاً إنْ شاء الله سبحانه. ومستبدلة بها بفكرة تعبير النص عما يريده ، حيث يمكن للنص التعبير عن ذاته بينما فهم القاريء له يصطدم بثقافة القاريء ونفسيته وزمنه.  ورب قائل يقول بان المهم هو فهو القاريء للنص في زمن القاريء لا في الزمن الموغل في القدم حين ظهور النص بسبب التطور الحاصل في الحياة والذي يتطلب فهماً جديداً للنص ينسجم مع واقع الحياة ! الا ان هذا التوجه غير صحيح وان صح شيء او نص الا انه لا يصح في القرآن الكريم الذي يجب ان نفهمه كما انزله الله سبحانه حيث جاء الاسلام بشريعة كل الازمنة فمن غير المنطقي ان ندعي فهماً للقرآن الكريم لزمن يختلف عن فهم زمنٍ آخر سابق !
 
 
علاقة اللفظ بالمعنى الخارجي:
قال احمد القبانجي في محاضرته عن الالسنيات: "في السابق كان كل الكلام يفهم من خلال ركنين هما:
1. اللفظ.
2. المعنى الخارجي.
فكان أغلب الكلام يفسر ضمن هذين الركنين فحينما نقول (ماء) فإننا نقصد الماء، وقصدنا هنا يتطابق مع لفظ مفردة الماء، ولان الماء له وجود واقعي في الخارج لذا يمكننا معرفته، لكن المشكلة تظهر في الألفاظ التي تخص الأمور الأخلاقية، أو الأمور الحسية، أو كل ما هو ليس له وجود خارجي محسوس مثل الجمال، العدالة، الرحمة، النبوة، أو جبرائيل، وغيرها ....، إذن ليس كل الأشياء لها مدلولات مادية، لهذا يصبح إدراك المعنى في هذه الحالة يعتمد على الذهن البشري، أي يبدأ الاعتماد أو استخدام المفهوم الذهني للتعامل مع هذا النوع من الألفاظ. فهناك إذن شيء آخر خلف الألفاظ كان يقصدها المتكلم. هذه القضية نلمسها بشدة وبوضوح في نصوص القرآن، لان المتكلم هو في الأساس غير مفهوم بالنسبة إلينا، فالنبي كان يقول (إن الله اختفى عن بني آدم بألف حجاب من النور وألف حجاب من الظلمة). وهو يقول عن الله أيضا (ما عرفتك حق معرفتك)، فكيف يمكن لنا أن نعرف الله لنفهم كلامه؟؟؟؟!!!!. ففي العادة يتم إسقاط المحمولات البشرية على المواضيع الغيبية، ولهذا تظهر لنا مشكلة فهم النص" ... الى ان يقول: (الغربيون ابتكروا طريقة أخرى لحل هذه المشكلة من خلال إسقاط ونسف المعنى عن كل الألفاظ التي ليس لها وجود خارجي واكتفوا ببيان المشاعر، فقضية نزول (جبرائيل) على النبي أمر لا يمكن إثباته لان (جبرائيل) أساسا نزل على شخص واحد هو النبي، وهذه العملية لا تشبه تجربة الجوع أو العطش الذي نعيشه بشكل جماعي ودائمي، لهذا فنحن نفهم ماذا يقصد بالجوع رغم أن الجوع ليس له وجود مادي في الخارج، أما قضية النبوة بهذه الطريقة فلا يمكن لنا فهمه، وهكذا نلاحظ بأن كل الكلام الذي يخص الأخلاق ليس له معنى في الخارج بل إن هناك إحساسات معينة تخص تلك الألفاظ ، كلمة (آه) مثلا تدل على الوجع عادة، لهذا حينما نقول بان الله عادل لا نقصد بالعدل شيء في الخارج بل نقصد إحساسا معيناً يكمن في دواخلنا، لهذا حينما يقول شخص ما إن الله موجود فهو يقصد إحساسه بوجود الله داخليا، وهو يريد أن يعيش بفكرة أن الله موجود، بعكس الشخص الآخر الذي يقول إن الله غير موجود فهو يقصد إحساساً داخلياً أيضا، وهو يريد أن يعيش بفكرة عدم وجود الله، هذا الفهم وبهذه الصيغة يعني لا فرق ولا تنازع بين الإيمان والإلحاد، ويعني قبول التعددية في ظل عدم التنازع، وهو السبب الذي كان يجعل القبانجي يقول (الحداثة تلغي التنازع بين الإيمان والإلحاد). لأنه بهذا المعنى لا يصبح الإلحاد يعني شيئا خارجيا يستوجب العقاب أو الاتهام بالتآمر على الدين، بل يكون فقط منهجا للحياة، تماما مثل الإيمان الذي هو الآخر منهج للحياة أيضا، وكلاهما صحيح) .
إنَّ مكمن الخطأ في كلام احمد القبانجي هو اعتباره ان كل ما لا يمكن ادراكه بصورة مادية فهو امر داخل الذهن البشري ! فيقول: "لهذا يصبح إدراك المعنى في هذه الحالة يعتمد على الذهن البشري" على حد تعبيره ! لقد فات احمد القبانجي التمييز بين ان يكون هناك وجود خارجي وبين ان لا يدرك الانسان ذلك الوجود. كما فاته ان الموجودات تقسم الى موجودات مادية ونفسية ومنطقية فهي ليست محصورة بالجانب المادي. ولذلك نجد ان هناك امور عديدة في حياتنا موجودة فعلاً ولكن الانسان لا يتمكن من ادراكها. بل يمكن ان يعرفها من خلال اثرها ، مثلاً الجاذبية الارضية التي سبق ان ذكرنا آنفاً انه لا يمكن للانسان ان يراها او يتعامل معها بصورة مادية ، بل ان علاقة الانسان مع الجاذبية تعتمد على الاثر الذي تتركه الجاذبية في حياة الانسان ، اما ماهية الجاذبية فلا يعرفها الانسان ولا يمكن ان يتخيلها !! فهل يريد احمد القبانجي ان يقول لنا ان الجاذبية هي امر ذهني فقط وليس لها وجود خارجي لأن الانسان لا يراها ولا يعرف طبيعتها ! 
اذن عدم قدرة الانسان على تخيل امور موجودة فعلاً لا يعني انها غير موجودة في الواقع وانها فقط امر ذهني !؟ ولذلك فمن الخطأ مقارنة احمد القبانجي بين وجود جبرائيل عليه السلام الذي لم يره او يدركه سوى النبي (صلى الله عليه وآله) وبين الجوع والعطش الذي يحسه جميع الناس ، فيظن ان اشتراك الناس جميعاً في ادراك قضة غير مرئية مثل الجوع والعطش يعطيه شرعية الوجود الحقيقي بينما اذا ادرك انسان واحد لحقيقة لا يدركها سواه فهذا يعني ان الناس الآخرين لا يمكن ان يأخذوا بها !! لقد فاته ان الاشياء المادية لا تعرف بالادراك والتجربة وحدها بل بالاثر الذي تتركه ايضاً ، كمثال الجاذبية الارضية او انبعاث الطاقة النووية فنحن لا نرى الطاقة النووية بل نرى اثرها على الماديات حولها. وحتى الذرة والالكترون والنواة لا نراها فهل يريد احمد القبانجي ان يقول انها قضية ذهنية وليست حقيقة ذات وجود خارجي لا يراها الانسان وفاته ان الا نسان يدرك ويستفيد من اثرها ! ان هذا المفهوم الذي يروّج احمد القبانجي يجعل اي امر غير مرئي امراً ذهنياً انما يؤثر سلباً على تقدم العلوم ويعيقها لأن كل انسان على سبيل المثال سوف يقول انه ليست هناك جاذبية لأننا لا نراها او ليست هناك ذرة لأننا لا نراها ! 
فجبريل (عليه السلام) موجود في الواقع وقد عرفنا به من خلال الاثر الذي تركه وهو القرآن الكريم الفريد والمعجز فهو الدليل على صدق النبي (صلى الله عليه وآله) وعلى وجود جبريل (عليه السلام).
وهنا ننبه على قضية اخرى وهي انه ليس مطلوباً من المسلم ان يعرف شكل جبرائيل (عليه السلام) وماهيته ولا ان يشعر ويعرف كيفية الوحي ، بل المطلوب منه ان يؤمن بحدوث ذلك كله ووجوده ، فالايمان الحقيقي لا يكون عبثياً او وراثياً بل هو ايمان واعي مبني على المعجزة التي تؤيد النبي في ما يدعيه. 
اذن فقول القبانجي : "لهذا حينما يقول شخص ما إن الله موجود فهو يقصد إحساسه بوجود الله داخليا" انما هو كلام غير منطقي لما قدمناه آنفاً من ان هناك فرق بيّن بين ان نحس بوجود الشيء وبين ان يدلنا على وجوده اثره. فمن يقول ان الله سبحانه موجود فليس لأنه رأى الله سبحانه ـ وهذا محال ـ بل لأنه رأى آثار خلق الله سبحانه ودلائل وجوده من خلال الاعجاز والاتقان في كل مظاهر الحياة. والا فان الاستدلال الذي ذكره احمد القبانجي ينقلب عليه لأن قوله انه يشعر بوجدانه رغم ان الوجدان ليس كالجوع والعطش يشعر به الناس جميعاً بل يكاد يكون شيء مجهول ليس له وجود خارجي ولا حتى ذهني ـ بل ان احمد القبانجي نفسه يقول ان الوجدان عند الناس متفاوت قوة وضعفاً ! ـ فلا يمكن لكل الناس ان يدركوا وجود الوجدان لأنه يصبح قضية ذهنية فقط في ذهن احمد القبانجي ، وحتى لو ادعى آخر انه يشعر بوجدانه فلا يمكن ان يثبت ان شعوره بالوجدان مثل شعور احمد القبانجي بالوجدان لأنه ليس له مظهر ووجود خارجي او شعوري عام بين البشر وبذلك يفقد المنهج الوجداني كل قيمته لأنه لم يتمكن ان يصبح مرجعاً للناس بل سيبث البلبلة والاختلاف لأختلافه وتفاوته فيما بينهم. الا اذا سلّم احمد القبانجي بالقول ان الوجدان هو نفسه الضمير وبذلك تنتكس نظريته الوجدانية كلها وتنقلب رأساً على عقب ! لسبب بسيط وهو ان الضمير ليس له علاقة بالعرفان ولا بالكشف العرفاني الذي يدعيه العرفاء حيث ان احمد القبانجي يسمي منهجه بالـ "عرفانيين الجدد". ومن الجدير بالذكر ان كلمة الوجدان تترجم في بقية اللغات بمعنى (الضمير) وليس لها ترجمة اخرى !!؟ وهذا ما ينسف دعوته الوجدانية كلها.
 
ان تطرق احمد القبانجي في محاضرة الالسنيات لعلاقة اللفظ بالمعنى الخارجي توهم ان لهذا الموضوع علاقة بالالسنيات الحديثة والواقع غير ذلك ، يقول الدكتور مصطفى غلفان: (يرى دو سوسير ان العلامة اللسانية لا تربط بين شيء ولفظ كما يذهب الى ذلك الاسمويون ـ وهم القائلين بالربط بين اللفظ بالمعنى الخارجي وفقاً للمنهج الارسطوي – ولكنها تربط بين مفهوم وصورة سمعية. بهذا المعنى فان العلامة اللسانية لا تربط اللفظ بالشيء الموجود في العالم الخارجي ربطاً مباشراً اي انها لا تربط الشيء المسمى بالاسم بل تسند للشيء الموجود في العالم الخارجي صورة مفهومية تقابلها صورة سمعية. ليست الصورة السمعية هي الصورة الصوتية المادية الفيزيائية فحسب ولكنها الانطباع الذي تثيره الصورة في انفسنا) . فالانطباع هو الذي يصنع الصورة السمعية ، وانطباعنا حول جبرائيل عليه السلام والوحي والجنة والنار هي التي تشكل الصورة السمعية. وانطباعنا لا ينفي حقيقة وجود هذه الاشياء في العالم الخارجي وان كان انطباعنا عنها مختلفاً ، ولا ننسى ان المسلم غير مكلف بان يكون انطباعه عن الجنة والنار مماثلاً لحقيقة وجودها ،  ففي الحديث الشريف: (قال الله عز وجل اعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) ، رغم الصور العديدة المرسومة في القرآن الكريم للجنة. 
اذن موضوع علاقة اللفظ بالمعنى الخارجي ليس من اركان علم الالسنيات الحديث وتوهم احمد القبانجي انه منه هو بسبب عدم معرفته عن الالسنيات فيما يبدو الا اسمها !! 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/19



كتابة تعليق لموضوع : نقد محاضرات احمد القبانجي حول الهيرمنيوطيقا والالسنيات والتفسير الوجداني – ج3
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : مير ئاكره يي - mirakrayi ، في 2011/10/21 .

الاستاذ الفاضل نبيل محمد حسن
تحية طيبة
كم غمرتني الفرحة وأنا أرى أخا متمكنا يرد على السيد أحمد القبامجي وتوهماته وإنحرافاته ، فلله درك وجزاك خير الجزاء . بالحقيقة لقد سررت وأستأنست بردودك القيمة على هذيانات القبانجي ، حيث أدعو الله تعالى له بالهداية ثانية الى سواء الصراط والشفاء العاجل لما يعاني منه . وقد استمعت الى بعض من محاضرات السيد القبانجي فتعجبت كثيرا من انحرافاته وشذوذه الفكرية ، وكان عندي نية أن اكتب ردودا عليه ، لكن بسبب كثرة المشاغل تأخرت الكتابة . وانشاء الله تعالى يتم ذلك عن قريب .
ثانية احييك اخي المفضال ولك مني الود والتقدير .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوك / مير ئاكره ييي




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net