صفحة الكاتب : ماجد الكعبي

لم هذا التفكك العائلي والاجتماعي ..؟!!!
ماجد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن كل إنسان حصيف النظر,  ودقيق المتابعة ويمتلك ذهنية واعية وراصدة , يجد بقناعة أن العلاقات العائلية والاجتماعية في خط النزول ,  وان وحدة العائلة ووحدة المجتمع قد تسرب لها طاعونإ التفكك والتمزق والانحسار , وان العناصر الكبيرة في السن في مجتمعنا تجد بيقين وواقعية أن الترابط والانسجام والإيثار والتضحية والحب وحسن الجوار والتالف والتوالف كان في السابق متينا وقويا وصلدا وصادقا ومتماسكا ومبنيا على أسس قوية ودعائم صلدة من النقاء والوفاء والاخاء ,  فكان المجتمع في أي مدينة وكأنه عائلة واحدة في التوادد والتآخي والتصافي ,  فكان الناس يتبارون من اجل إشاعة القيم القرآنية والمثل السامية والعادات العالية ,  وكان الإنسان في أية عائلة إذا ارتكب خطا أو اقترف سوء أو سف إلى منحدر لا أخلاقي فانه يشعر بأنه أصبح محتقرا منبوذا يخجل من نفسه ويتوارى عن الأنظار حياء واستحياء ويتعرض الى هجمة شرسة وقاسية من أهله وذويه ومجتمعه ,  لذا نجد أن أي إنسان في ذلك الزمان حذرا يقظا محترسا من كل سقطة او هفوة يتعرض لها لأنه موقن أن عقابا اجتماعيا قاسيا يلاحقه ,  لذا نرى أن العلاقات في السابق تتوهج بها لألئ الفضيلة والصدق والعفوية والبراءة والإيثار المتبادل ,  رغم أن المجتمع كان يفترش بساط الفاقة والبؤس والجوع والحرمان, فكان الجيران في المدن يتبادلون الأطعمة وكل منهم يمد يد المساعدة قدر الإمكان إلى جاره وصديقه ومعارفه وأقاربه بروح رحبة يمور ويختلج فيها رحيق المحبة والمودة والصدق , وكانت في ذلك الزمن الخالد المخلد تتلألىء فيه نجوم المعاشرة الصادقة البعيدة كل البعد عن الأطماع وعن الدس والافتراء والخداع ,  والذي يثير العجب ان المجتمعات كلما تتقدم في العلم والحضارة والرقي نجد ان القيم والأصول والفصول تبدأ تتآكل وتتفتت وتبعث في النفوس الأبية عواصف التذمر والاستياء والاشمئزاز . فنرى في الأزمان المنصرمة أن العائلة متوحدة قلبا وقالبا وملتزمة التزاما أكيدا بعرى الوحدة والتماسك والالتزام التام والانضباط العام  , إذ أن الابن خانع لأبيه محترم لكل الضوابط الدينية والأخلاقية ومندفع اذا كان عمره مناسبا وهو منتج يتفنن بإسعاد أبيه وأهله ويشعر بفرحة ونشوة عندما يسرع لانجاز كل ماتطلبه العائلة وهو قادر على ذلك ويستمر بعطاء صاعد وبلغة ناعمة ورقيقة يوزعها على أفراد عائلته  , ونرى البنت متمسكة بعروة العفة والشرف والتقيد بالحشمة والحياء والاستحياء وحذره كل الحذر من السقوط في مهاوي التردي والابتذال , في حين أن الترفع والحذر اليوم أصبح في خط التضائل لأننا فهمنا الحرية اليوم في غير مضامينها الحقيقية وضوابطها الأصلية ,  ونجد الأم الرؤم تضخ الحنان والتحنان والعطف والتعاطف على أبنائها فتمرض لمرض أي منهم وتسهر على راحة وسعادة أولادها ,  فالعائلة كلها مجتمعة على لغة المحبة والمودة والاحترام المتبادل والمتصاعد إلى ذرى الذوبان في بوتقة الألفة المستديمة , وان هذه الحقيقية بدأت تتصدع على غير ما كانت عليه أنفا , وسابقا نجد أن شبكة العلاقات بين الأقارب متماسكة ومحبوكة ومحكومة بالقيم النقية والأصيلة ويتصاعد هذا الترابط النقي والوفاء الأبدي إلى الأقارب والى المجتمع الذي كان يستحم تحت شلالات السمو والعلو الأخلاقي والمبادرات الإنسانية الطيبة والمتسامحة والزاخرة بالالتزام بما فرضه ربنا الحكيم في قرانه الكريم ,  والذي أكد فيه على صلة الرحم التي كلما تنمو في واحة الاخضرار والازدهار فإنها وبإذن الله القدير تطيل العمر , هكذا كان الواقع الاجتماعي آنذاك واقعا يعبر عن صدق الالتزامات ونقاء العلاقات ,  وان المفجع للنفس والدامي للقلب أن هذه المنظومة السامية العالية من الارتباطات المثالية الأبية اخذ يدب فيها دبيب التمزق والتناحر والتطاحن والتشاحن من اجل المصالح الأنانية والأغراض الذاتية والمطامع الشرسة  , حتى أصبح الابن يتنكر لأبيه ويهجر أمه ويدير ظهره لأخيه ويتجاهل أخته وتجدهم وهم في عائلة واحدة وتحت سقف واحد يتصاعد بينهم الشجار ويفترسهم التمزق والدمار وينهكهم الطمع الذي جعل الأخ الذي قد يكون يحب أخاه ولكنه يحب العشرة آلاف أكثر منه فحب المادة تعالى وتسامى على حب اقرب المقربين واصدق الأصدقاء , فما ذا دهى الناس ..!!؟؟ وماذا أصاب البشر ..!!؟؟ لماذا هذه الشقلبة المقيتة..!!؟؟  ولماذا هذه الأثرة الممجوجة..!!؟؟ ولماذا هذا التنكر الوقح لأوامر الباري سبحانه وتعالى وللرسل وللأنبياء عليهم السلام ولكل توجيهاتهم ورسائلهم المشبعة بالفضائل والمكارم  ..!!؟؟ .
 
إن اخطر معاول الهدم والتخريب هي المعاول التي تهدم هياكل الأعراف المتسامية والأخلاق النبوية والسلوك الإنساني الرفيع ,  وأننا في هذا الزمن الرديء ينبغي بل يجب علينا أن نعود إلى عفويتنا وسجيتنا وفطرتنا التي فطرنا عليها والمتمثلة بالصلاح والإصلاح ,  فلم هذا العراك وهذا الاقتتال وهذا الالتواء ..!!؟؟  علما بان أعمارنا محددة ورحيلنا عن الحياة متوقع في كل لحظة وثانية ,  لماذا لا نحاسب أنفسنا على كل عثرة أو هفوة أو اعتداء او انتقام ..!!؟؟ لماذا نظل سادرين في منعطفات الطمع والجشع والتنكر والإنكار ..!!؟؟ ماذا نأخذ معنا إلى أخرتنا غير أعمالنا الصالحات لماذا لغة الهمجية واللغف والنهب والسلب وكل الرداءات هي المسيطرة علينا والمتحكمة في سلوكنا ..!!؟؟ هل نسينا الله وثوابه وعقابه ..!؟ هل شطبنا من أذهاننا الموت الذي يتمشى معنا ويتنقل بمعيتنا في كل خطوة من خطوتنا ومع كل نبضة من نبضات قلوبنا المتقلبة ..!!؟؟ لنتمسك بعروة الإيمان وأحكام القران ويكون كل منا إنسان بمعنى الكلمة ,  فبهذا الشعور المشترك نخلق مجتمعا زاخرا بكل ما هو جميل ورائق ونافع وخلاق , بتمسكنا بقرائننا الكريم نحقق مجتمعا يزهو في جنات النعيم . 
 
 آه آه و آواه من هذا التردي الأخلاقي والابتعاد السمج عن جوهر القيم ,  فماذا بقي فاليوم الموعود ينتظرنا يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ,  فلنرحم أنفسنا والآخرين لكي يرحمنا الله العلي الرحيم . 
 
majidalkabi@yahoo.co.uk 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/10/28



كتابة تعليق لموضوع : لم هذا التفكك العائلي والاجتماعي ..؟!!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net