صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

التأريخ ما بين عالمين!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

البشر في المجتمعات المتقدمة لا يهتمون بتأريخ بضعة أسابيع أو أيام سبقت , فآليات التفكير المتحكمة برؤاهم تتفاعل بأبجديات اليوم وغد , ولا يمكنها أن تفهم أو تستوعب أبجديات البارحة , لأن الشعور السائد والإحساس القائد أن الحياة تيار يجري بسرعة ولا وقت للنظر للوراء.

والبشر في المجتمعات المتأخرة متخندق في ما مضى وما إنقضى , فتجد الناس يحدثونك عما حصل قبل آلاف السنين , وكأنه شغلهم الشاغل وهمهم الماثل الذي لا يفارقهم ولو لبرهة , فلا معنى عندهم لليوم وللغد وإنما هي البارحة والبارحة وحسب.

ولهذا تجد وسائل الإعلام والصحف تزدحم بالكتابات المسطورة بأقلام البارحة التي لا تعرف المُبارحة , وتتمترس في التقهقر والسكون والقنوط والإنكسارات والخسران المقيم.

فأبناء المجتمعات المتأخرة لا يعرفون آليات التفكير المتصل بالآتي , ومن الصعب تأهيلهم لوعي وإدراك ذلك , مثلما يصعب على أبناء المجتمعات المتقدمة فهم البارحة , والتي يعتبرونها مضيعة للوقت وعبثا وسفها وقد يسخرون من الذي يبديها أمامهم.

يحصل هذا يوميا أمامي فأتأمله بإمعان وروية , وأكتشف العلة القائمة في مجتمعاتنا , ولماذا لا تعرف الخطو إلى الأمام , فيتضح أنها مصفّدة بقيود ماضوية ثقيلة , تمنعها من الحركة والخطو بضعة خطوات في سبيل قد يوصلها إلى بر الأمان , ويمنحها قدرات التواكب والتعاصر والإنطلاق.

فمجتمعاتنا لا يمكنها أن تزيح ركام الماضي وأثاقله المتراكمة , التي تدمر العقول والنفوس وتبعث اليأس وتؤازر القهر والحرمان والتظلم , والإندحار بالقاسيات والتمتع بالويلات الجسام.

ولهذا فأن المجتمعات المتأخرة لكي تتقدم عليها أن تزيح هواء التأريخ الفاسد , وتتنفس هواءً نقيا فواحا بالأمل والجد والإجتهاد , وغني بأوكسجين الحياة لا بثاني أوكيد الضياع والفناء , وما تعفن في أقبية الأجداث.

وليس صعبا أو مستحيلا أن ينطلق أبناء المجتمع نحو بناء الحاضر والتطلع للمستقبل , عندما تتوثب الإرادة ويتنور العقل وتتكاتف الأيادي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/18



كتابة تعليق لموضوع : التأريخ ما بين عالمين!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net