صفحة الكاتب : سلام محمد جعاز العامري

قوانين ضد التقشف
سلام محمد جعاز العامري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يروى أن أهالي الموصل, زمن الحكم العثماني, كلما وُلي عليهم والٍ من الإستانة, لا يمكث عندهم طويلاً, فإما أن يُنقل أو يموت, فتصدى أحد رجال البلاط, ليكون هو الوالي الجديد للموصل, وكان لا يفقه من أمور الحكم شيء, وعندما اعترض الخليفة العثماني, قال له الرجل:" إما أن أنجح كوالي, أو أريحكم مني", فصدر فرمان بما يريد وتسنم الولاية, فأصدر أمراً لسكنة الموصل, أن يأتي كل شخص ببيضة, ليضعها على أحد أبواب سور الموصل, وفي اليوم الثاني, أصدر أمراً بأن يأخذ كل شخصٍ بيضته, فأخذ بعض الناس, بيضاً غير التي أتو بها, فيما لم يحصل بعضهم, على البيضة التي جَلبها, لطمع بعض الناس ببيض غيرهم, مرت الأشهر ولم يحصل سوء للوالي, مما جعل الخليفة يرسل له, أن يأتي إلى الإستانة ليعرف السبب, فكان جواب الوالي, كان أهل الموصل, يدعون الرب الجبار, للانتقام من الوالي حال ظلمه وفساده, ولكني وضعت الحجاب, بينهم وبين الخالق, عندما أكلوا الحرام, وقد سمي الباب باسم "باب البيض".

 منذ عام 2003, والعراق يتعرض لسرقات, تحمل مختلف المسميات, فما بين رواتب البرلمانيين, الذين انتخبهم الشعب, و فوضهم كي يحصل على حقوقهِ, بعد أن سقط الصنم, حيث المعاناة الاقتصادية والنفسية الخانقة, لغالبية الشعب العراقي, يقرر البرلمان رواتب ومخصصات لأعضائه, تفوق ما كان يتصوره أحَد, إضافة للامتيازات الأخرى, مخصصات خطورة, سيارات مصفحة, جواز سفر دبلوماسي له ولعائلته, بدل سكن, وتقاعد 80% من الراتب الإسمي, لخدمته ستة أشهر, المرجعية المباركة في النجف الأشرف, عبرت ولمرات متعددة عن رأيها الشرعي, فوصف تلك الأموال بالسحت, ولكننا نرى أن البرلمان, ولعدة دورات انتخابية, يوغٍل في إقرار قوانين السحت, غير آبِهٍ بما تقوله المرجعية, تظاهرَ المواطنُ العراقي, للمطالبة بالتغيير, ومحاسبة الفاسدين, فزاد البرلمان إصراراً, الفساد المالي والإداري, كان من أسباب اغتصاب, ثلث مساحة العراق من قبل داعش, فقد كانت الأرض مهيأة, لتقبل كل رأي, يطالب بإسقاط العملية السياسية برمتها, لتدهور الوضع الأمني والخدمي والاقتصادي.

الحشد الشعبي الذي يعلم القاصي والداني, مدى تضحيته الجسيمة, وما حمله من ثقل, في تحرير الأراضي المغتصبة, لم يكلف البرلمان نفسه, إلا بتخصيص راتب تقاعدي, يتم تقسيمه على أفراد عائلته, حسب قسام شرعي, ويصرف ضمن ضوابط, وتعليمات هيأة التقاعد الوطني, ولا تُمنح لعائلة المتوفي, أثناء الخدمة مكافأة الخدمة, التي يتم حسابها لعام كامل, على أساس الراتب الكلي الأخير, علما أن قانون الحشد الشعبي, وما يستحقه المقاتلون, إلا بعد التضحيات الكبيرة, وتحرير أغلب المناطق المغتصبة, من قبل تنظيم داعش الإجرامي, أي بعد ثلاث سنوات, من القتال الشرس, ولولا ضغوط  كتلة التحالف الوطني, برئاسة السيد عمار الحكيم, الذي كان لحضوره تحت قبة البرلمان, تأثير واضح في توحيد الكلمة, لما أقِرَ قانون الحشد الشعبي.

العراق على عتبة دورة جديدة, من الانتخابات النيابية وانتخابات المحافظات, التي ستُدمَج معاً لتقليل النفقات, ضمن حالة التقشف, وهذا  إنجازٌ جيد, فيما لولم يستغل للدعاية الانتخابية, إلا أن المواطن العراقي فوجيء بقانون, يأكل ما تم التخطيط له, في ضبط النفقات, ليصدر قانون تعويض معتقلي رفحاء, الذي يبلغ عددهم 35000شخص, ما بين رجل وامرأة وطفل وبأثر رجعي, وكأن البرلمان العراقي, ومؤسسة السجناء, يتحاشون المظلومين من السجناء, بإعطائهم السحت كي لا تؤثر دعواتهم, كالوالي العثماني وأهالي الموصل.

نوهت المرجعية بتأريخ 4/8/2017, من خلال خطبة الجمعة, على المساوات بإعطاء الحقوق, عسى أن يستمع المسؤولون, في الحكومة والبرلمان, فإن شمول فئة منه بامتيازات, وترك الآخرين, ما هو إلا إجحاف وتضييعٌ للثروة, يستمر بعض ساسة العراق, بعملية ترغيب الشعب بأموال السحت, تحت ستار القوانين, بعد الاجحاف اللامتناهي, كقانون رفحاء الأخير, يكرر بعض أبناء الشعب العراقي, كلمة طالما سمعناها, وهي" ماذا فعلنا, ليسلط الخالق علينا الفاسدين؟.

قال علي بن أبي طالب عليه السلام:" أفضل الولاة من بقي بالعدل ذكره؛ واستمده من يأتي من بعده", ولكن على ما يبدو, أن من يقرر القرارات, لا يفكرُ بما سيؤول حاله بعد سنين؛ فقد بهرته الأوراق الخضراء, حتى بات يمنح مالا يملك.

هذا هو حال العراق, نقصٌ في الخدمات, التي يكون جزء منها مفقود تماماً, وتقشفٌ كاذب, يطال من لا سند له, إلا الدعاء للخالق, وديونٌ تُكبل العراق لعقود.

وقد قال الباري عز وجل:" وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا", سورة الاسراء آية (16)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سلام محمد جعاز العامري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/16



كتابة تعليق لموضوع : قوانين ضد التقشف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net