صفحة الكاتب : رضوان ناصر العسكري

كردستان تحت قبضة الجلاد
رضوان ناصر العسكري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

معاناة وأزمات كثيرةً تلقي بضلالها على كردستان، فهي لا تزال تعاني من سيطرة الشخص الواحد، والعائلة الحاكمة، والقرارات الشخصية، وتغييب صوت الغالبية، ليخيم الخوف على أعنتها من خطر الدكتاتورية القادمة، والسلطة الحزبية القمعية، والقائد الضرورة.
حاولوا الشيعة جاهدين أن يجعلوا من العراق أقاليماً متعددة، يحكمها ويحميها أبنائها، ويحافظون على ثرواتها وحدودها الإدارية، لغلق الأبواب أمام كل من يسعى ليصبح (القائد الضرورة)، ويدخل العراق من جديد تحت رحمة الحزب الواحد، والحفاظ على العراق من الفتنة الطائفية والمذهبية والعنصرية، وكان السيد (عبد العزيز الحكيم) قد تصدى لهذا الأمر بقوة، قبل أن تتولد تلك المخاوف، إلا انه وجد نفسه وحيداً حيال هذا الأمر، وكان من الصعب تطبيقه حينها.
المصالح الحزبية والفئوية دفعت كثيراً من السياسيين الى التصدي لهذا الامر بقوة، واتهام القائمين عليه بشتى التهم الجزاف، فما إن مرت الأيام والسنين حتى بان الندم على وجوه الجميع، لعدم وقوفهم مع مشروع الأقاليم في دولةٍ اتحاديةٍ، وبدأت المشاكل والخلافات الداخلية تنشب وتزداد الاتهامات المتبادلة بين السياسيين، حتى ظهرت بوادر التقسيم الطائفي والعنصري والمذهبي، وأصبحت تلك المشاكل العسيرة تواجه الصعوبات القاسية من اجل حلها.
هذا التناحر والتشتت دفع بجلاد كردستان فرض الإتاوات على الحكومة الاتحادية، وبدأ يلتهم المناطق المحاذية للإقليم، وينتقي منهاما يحلو له حسب أهميتها الاقتصادية ومواقعها الجغرافية، بفرض واقع الحال تارة، وبالتهديد والوعيد تارةً اخرى، عبر تصريحات متتالية وكأنه المتولي الشرعي الوحيد على مقدرات الإقليم، وأن الإقليم ضيعة من ضياع (مصطفى البرزاني).
الغريب أن الشيعة المتصدي الوحيد لتهديدات (القائد الضرورة)، وكأنهم الوحيدون الذين يعنيهم هذا الأمر، اما سياسيو السنة فلا زالوا يلتزمون الصمت حيال ما يجري لمحافظاتهم، فبعد ان أغمضوا عيونهم أمام التمدد الإرهابي وسيطرته على محافظاتهم، فاليوم هم بنفس السكوت والصمت السابق، بعد ان هُجِروا أبناء تلك المحافظات وسيطر الاكراد على أجزاء كبيرة منها، في محاولة لضمها مع لإقليم عنوةً، فلم نر أو نسمع رداً واضحاً لسياسيي السنة حيال ما يجري، ولم يُعرف موقفهم النهائي حتى الآن.
مسعود بعد أن واجهه الرفض الكبير من قبل جميع الدول الإقليمية والاوربية والغربية ضد الاستفتاء، ناهيك عن دول الجوار التي تصدت لهذا الأمر بقوة، وقالت بصريح العبارة أنها ستقف بوجه ذلك الاستفتاء مهما كلفها الامر، حاول برزاني ان يصنع حلاوة (بقدر مثقوب) كما يقول المثل الشعبي العراقي للسنة، قائلاً للصامتين منهم؛ نحن ندعمكم في تشكيل الإقليم السني، لكنهم لم يسألوه كيف لنا أن نشكل إقليماً وانت تريد سلبنا كركوك أمام الملأ؟ وتغتصب 40‎%‎ من أراضينا في وضح النهار؟ وتستحوذ على دور ومزارع المواطنين السنة والتركمان والمسيح والأيزيديين بالقوة؟ حتى وصل بك الحال الى مداهمة مقرات الحشد العشائري وأخذ أسلحتهم بالإكراه؟ أسئلة كثيرة يجب أن يسألها سياسيي السنة لمسعود، قبل تجزأت العراق.

كثيراً من المتابعين للشأن العراقي، يعتقدون أن من المحال ان تقوم  دولة كردية على الأراضي العراقية، فغلق الحدود حول كردستان, ورفض جزء كبير من الشعب الكردي للاستفتاء, والموقف الدولي الرافض لمشروع برزاني, وإصرار بعض السياسيين الأكراد على البقاء ضمن العراق الاتحادي, وتصريحات لقادة في الحشد الشعبي بإعلان الحرب إذا ما اصر الإقليم على ذلك، تجعل من احلام برزاني الوردية في مهب الريح.

مسعود بدء يخسر أوراقه الواحدة تلو الاخرى، التي كان يراهن عليها، فالشعب الكردي اصبح منقسماً بين مؤيد ورافض؛ فالمؤيدون هم المنتفعون من سلطته, وأصحاب المكاسب والمناصب والمتحكمون في القرار، ويعتبرون هذا الامر فرصة تاريخية لا يمكنها ان تتكرر، والرافضون هم الأكثرية المتوجسة من مشروع التقسيم، ويعتبرون مصالح الشعب الكردي اهم من المصالح الحزبية، ويرون ان وجودهم ضمن العراق الموحد يعطيهم القوة والحماية من تدخلات دول الجوار، ولا يجعلهم لقمةً سائغةً لتلك الدول، لافتقارهم الى أبسط مقومات الدولة الكردية، فأعلنوا موقفهم الصريح من الاستفتاء، للحفاظ على مكتسباتهم التي حققوها على مدى السنين المنصرمة وأنهم غير مستعدين للتفريط بها، وإن القادم القريب لن يسر مسعود كثيراً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رضوان ناصر العسكري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/11



كتابة تعليق لموضوع : كردستان تحت قبضة الجلاد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net