صفحة الكاتب : راغب الركابي

الليبرالية الديمقراطية قدر الأمة
راغب الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 سنحاول هنا تحديد العلاقة بين الليبرالية والأمة وأعني بالتحديد توضيح تلك العلاقة في الماهية وفي الطبيعة وفي الكيفية ، وكون موضوعنا يتناول- الليبرالية قدر الأمة - لذلك نقول إن : القدر هو الملازمة وهو عدم الإفتراق بين الليبرالية كمنظومة وبين الأمة ككيان ، فالليبرالية هي العنصر اللازم لديمومة الحياة وبقائها وعليه فالأمة من غير الليبرالية لا حياة لها ولا بقاء ، أي إن العنصر اللازم لبقاء الأمة هو الليبرالية وهو كذلك عنصر زوالها ، وجدل الزوال وعدمه في الأمة العربية والإسلامية صادفناه مع سيرة الخلفاء الملوك أولئك الذين تحكموا في الأمة من غير وجه حق ، والذي من أجلهم سن البعض - نظرية المستبد العادل - تلك النظرية التي تُقنن الإستبداد وتشرعه ، والتي معها وفي ظلها تحكم فينا وحكم حفنة من الدكتاتوريين والمستبدين والعساكر الذين تسلطوا على الأمة بُعيد نهاية عصر الإستعمار والإحتلال الأجنبي ، والزوال الذي أعنيه هو الإندثار الحضاري والتآكل الفكري والمعنوي الذي يُفقد كل أمة القدرة على الحركة وعلى التقدم وعلى الإبداع .
ولكي أكون واضحاً أقول : إن الدين السياسي كان هو العامل الرئيسي والحاسم في زوال الأمة وإنحسارها الحضاري ، والدين السياسي هو هذا المزيج بين رجال الدين المزيفين والحكام المستبدين ورجال المال الفاسدين والمفسدين ، وهذا هو الثالوث الفاسد الذي جاء ذكره في التاريخ وهو نفسه الذي تحكم بمقدرات الأمة منذ أن تشكلت كمفهوم مع معاوية بن أبي سفيان وإلى يومنا هذا .
ولكي تتخلص الأمة من هذا الوحل التاريخي عليها وعلى شبابها وشاباتها تبديل قدرها التاريخي بقدر جديد متناغم ومتفاعل مع حركة الحياة العالمية ، فلم نعد منفصلين عن العالم بل نحن الآن جزء منه نشاهده ونرآه ويشاهدنا ويرآنا وفي هذا تتولد روح المبادرة لكي نقترب أو لكي نكون قريبين من هذا التطور أو مشاركين فيه ، وفي العالم آفاق مفتوحة إن تخلينا بصدق عن شعاراتنا وعن لغونا التاريخي وحقوقنا المزعومة ، ولكي يكون ذلك ممكناً علينا الإيمان بالليبرالية كقدر لأمتنا تنتفع بها ومنها وتكون لها بمثابة الوجه الذي لا ينفك عنها أو بمثابة الصورة التي تعبر عن طبيعة الأمة وشكلها الحقيقي ، وهذا التعبير يمثل عندنا الإلتصاق والتمازج وعدم الإنفكاك بينهما فيكون حال الأمة موصوفاً بالليبرالية حين تُعرف أو حين تُنعت .
وتكون الليبرالية في ذلك قدر الأمة الموضوعي الذي يرسم لها ويحدد ملامح صورة الحاضر والمستقبل ، وفي ذلك أُشير إلى الطبيعة الواجب صيرورة الأمة عليها ، وفي هذا الفعل نحتاج إلى زخم من أفعال وأعمال تتناسب وحجم الطموح والرؤية تلك ، وليس من العيب أو الإحراج أن نقوم جميعاً بمراجعة لكل دفاتر أفعالنا ونتفحص فيها ونلغي منها ماهو ضار وغير نافع ، والمراجعة تكون من خلال مقاربة موضوعية لقيم الليبرالية مع دفاترنا التاريخية وحتماً سنصل إن أحسنا النوايا إلى قيم الإنسان السوي الكامل ، كما لا يصح تضييع الوقت في البحث عما هو لازم وواجب لأمتنا فهذا محسوم مقدماً طالما عرفنا صحة الليبرالية وصحة صدورها ، وفي ذلك لا ننبذ العلاقة مع الدين بل نعتبرها رافد ومعين أخلاقي وقيمي يندك في الليبرالية ويسير معها وفي داخلها ، ان محاولة البعض التحلل من الدين أو ربط ذلك التحلل بالليبرالية فهو منبوذ ومستنكر من قبلنا ، ولقد قلنا في مرات سابقات إن هذا الفعل هو دعاية يثيرها أعداء الإنسان وأعداء حريته ، ولذلك يجب على من يهمه الأمر أن لا يُغرق نفسه ومحيطه بجدل خاوي حول ذلك ، فالليبرالية الحقة كما هو الليبرالي الحق يحاول إحكام الرباط بين مفاصل الأمة وعدم التفريط بثقافتها .
راغب الركابي 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راغب الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/15



كتابة تعليق لموضوع : الليبرالية الديمقراطية قدر الأمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net