صفحة الكاتب : د . حميد حسون بجية

حب اهل البيت بين العقل والعاطفة
د . حميد حسون بجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

         نحن اتباع اهل البيت، فتحنا اعيننا على الحب الفطري للرسول وآل البيت، 
وعلى الاعتقاد بولاية امير المؤمنين(ع)، وهذه لاشك نعمة جاد علينا بها الخالق فطوع 
اهلينا للقيام بادائها وايصالها الينا. وبهذا الصدد يقول الشاعر:
                             لاعذب الله امي انها شربـــت          منخير ثدي 
حبــــــــــاه الله بالمنن
                             وارضعتني بأيمان على ثقـــة          حب الوصي 
وغذتنيـــــــــــهباللبن
                             وكان لي والد يهوى ابا حسن            فصرت من ذي وذا 
اهوى اباحسن
 
     ومن اجل اكمال تلك النعمة، وصقلها والسير في الوجهة التي ارادها الله، ينبغي 
ان نطلع على سيرة الرسول(ص) واهل بيته الميامين عليهم السلام، و نتحقق من الكيفية 
التي يريدون من اتباعهم ان يكونوا عليها. ولاعطاء الموضوع الاهمية التي يستحقها، 
لابد من تناول النقاط الثلاث التالية-من بين عدة نقاط اخرى-:
1.      القدوة الحسنة: فنقرأ مثلا عن الامام الصادق (ع) انه يقول: كونوا  دعاة لنا 
صامتين. وقد سئل كيف يكون الداعي صامتا، قال ان يكون عملكم هو الدليل على كونكم من 
شيعتنا. كما انه(ع) قال: اقتدوا بائمتكم في التعامل مع الناس، كي يقول من يراكم: 
رحم الله جعفر بن محمد، كم هذب اتباعه. وسئل احد الصالحين لو انه اراد ان يجد الناس 
على حقيقتهم، فهل يذهب الى المسجد؟. فقال ذلك الصالح للسائل: بل اذهب الى السوق. 
والقصد ان الناس يظهرون على حقيقتهم ليس من خلال كثرة العبادة وطول السجود، فقد 
يستوحش المرء لعدم اداء ذلك، كما يقول الامام الصادق (ع)، اذ يقول ما معناه: 
لاتغرنكم كثرة صلاة المرء وطول سجوده، فلربما تعوّد ذلك.  بل ان الناس يظهرون على 
حقيقتهم من خلال تعاملهم مع الآخرين، وخير ما يتجلى ذلك في السوق. وهذا مصداق قول 
الشاعر:
                                 اذا غاب اصل المرء فاستقرِ فعله    فان دليل 
الفعل ينبو عن الاصل
2.      المغالطات وسوء الفهم: هنالك الكثير بين ظهرانينا ممن يفسر الايات القرآنية 
والاحاديث النبوية واقوال اهل البيت على هواه، وبما يعود عليه بالنفع. فمثلا القول 
ان من صام او حج او قام بفعل معين مما اوجبه الله عليه، يُغفر له من ذنوبه ما تقدم 
وما تاخر، يفسره اولئك على ان غفران الذنب يشمل ما سبق وما ياتي. وهو لا شك ليس 
المقصود في الحديث، انما المقصود هو ما سبق من الذنوب، المتقدم منها: أي الذنب 
السابق-في بداية الحياة، مثلا- وما تاخر: أي الذنب السابق ايضا-الذي حدث فيما بعد، 
أي ان كلاهما يعودان لنفس المرحلة.
3.      الفرق بين الواجب والمستحب: ينصرف ذهن البسطاء منا-والكثير ممن يتخذون 
الدين لباسا وغطاءً- الى ان ما نؤدي من اعمال مستحبة كاكرم الضيف وزيارة الائمة 
واكرام زائريهم وما الى ذلك هو افضل ما يرضي الله عنا، وهو يعوض عن القيام بما هو 
واجب من قبيل الصلاة اليومية ودفع الخمس والزكاة وما اليها. بلى، فاعمال من هذا 
القبيل هي من المستحبات المندوبة، لكنها لا ترقى الى مستوى الواجبات ولا تعوض عنها، 
كما انها-أي المستحبات-لا تُقبل دون رصيد من الواجبات. حتى اننا بتنا نجد من يخصص 
من امواله ما يقيم به الولائم لما فيها من ابهة ودنيوية، وهم يعتبرون ذلك مما يطهر 
اموالهم ويزكيها. وفي رمضان مثلا وفي الازمات، يقوم البعض-من الباعة والتجارخاصة- 
باستغلال الناس، ثم انهم يقومون باعمال مستحبة من قبيل تقديم الخدمات للزائرين في 
مواسم الزيارات، ظنا منهم ان الاخيرة اهم من الاولى، او انها تكفّر عن التقصير في 
الواجبات. 
 
       
          وهذا ما يناقض ما اوصانا به الله في كتابه وعلى لسان نبيه وسير ائمتنا 
الطاهرين.ولا شك ان تجلية الامر هي من ضمن واجبات القائمين على الدين من محدثين 
وكتاب ومحاضرين مرشدين وموجهين وقراء وطلبة حوزة ومثقفين متدينين وغيرهم. 
 
             
            وفيما يخص بكاءنا وتأسينا لأهل البيت،نتساءل: ما الفرق بين ان نستمع 
الى قصة ماساوية او نشاهد فلما تراجيديا، فنذرف الدموع على ما فيهما من اسى وبين 
التاسي والاعتبار بالمآسي التي لاقاها أهل بيت النبوة على ايدي الوثنيين الجدد، رغم 
ما اراده الرسول(ص) من ان يكون جزاء تبليغه الرسالة المودة في القربى؟ في كلتا 
الحالين تلعب العواطف بالنفس الانسانية. لكن امر اهل البيت شيئ مختلف تماما. فالنبي 
وآله الصالحون لم يطلبوا منا البكاء على مآسيهم  دون اخذ العبرة والاعتبار من تلك 
المآسي. فاول ما طلبوا ويطلبون منا هو ان نسير على هديهم كما رسمه لهم الله تبارك 
وتعالى. ويأتي التأسي على ما لاقوه من ظلم وجور لاحقا. وبذا نكسب الامرين معا: رضا 
الله ورضا رسوله واهل بيته. 
 
                                                            د.حميد حسون بجية   
 
 
      

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد حسون بجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/10/26



كتابة تعليق لموضوع : حب اهل البيت بين العقل والعاطفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net