صفحة الكاتب : ابو تراب مولاي

بحث مسلسل حول إقامة الدليل على وجوب_التقليد ( 7) مشروعية فتاوى الفقهاء ولو كانت ظنية
ابو تراب مولاي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في هذه الحلقة نسلّط الضوء على شبهة تُثار حول مشروعية التقليد ، وهي : كيف يمكننا العمل بفتاوى الفقهاء مع أنها ظنيّة وليست قطعية يقينية ؟ والقرآن الكريم ينهانا عن العمل بالظن ( إن الظن لا يغني من الحق شيئاً ) .

والجواب :
 أولاً : 
إن فتاوى الفقهاء ليست كلها ظنية بل الكثير منها يقيني .
 ثانيا : 
إن أصحاب هذه الشبهة والمروجين لها هم أنفسهم يعملون بالظن ! وذلك لأن الأسباب التي جعلت من فتاوى الفقهاء فتاوى ظنية هي نفسها عند أصحاب هذه الشبهة كالاخباريين وغيرهم ..
فإن الذي جعل من فتوى الفقيه فتوى ظنية هو استناده في الفتاوى على حُجِّية الظهور وعلى حجية خبر الواحد .

فالظهور معناه أن لفظ النص يُفهم منه المعنى الكذائي .. ويُحتمل أن له معنى آخر وإن كان هذا الاحتمال ضعيفاً .. فيكون المعنى الظاهر مظنوناً . ولكن هذا المعنى الظاهر ثابتة حجيته شرعاً .

و أما خبر_الواحد وإن كان قد ثبتت حجيته شرعاً بالقطع واليقين ، إلا أنه لا يفيد إلا الظن لاحتمال أن هذا الثقة قد اشتبه بالنقل او أنه نسي شيئاً له دخل في مراد المعصوم من النص .. وهذا الاحتمال يجعل من خبره خبراً ظنياً لا يقينياً ..
وكلا الأمرين ( العمل بالظهور والعمل بخبر الواحد )  يعمل بهما الاخباري وغيره من المشككين بمشروعية التقليد اليوم !!!
بل الأمر عند الاخباريين أشد لأن بعضهم - على الأقل - لا يراعون -كثيرا- شرائط حُجِّية السند ، فيقبلون بعض الأخبار والروايات التي لا يقبلها المجتهدون ، ويشنّعون على #علم_الرجال ويصفونه بأوصاف أمَرّ من وصفهم لعلم الأصول الذي بينّا في الحلقة السادسة أن علم الاصول من علوم أهل البيت (ع) وليس كما وصفوا .
وبالنتيجة إن المروجين لهذه الشبهة لاتخلوا أقوالهم من التدليس . 
ثالثاً :
نعم إن العمل بالظن منهيٌ عنه بلا شك .. ولكن ليس كل ظن ، بل هو ذلك الظن الذي لم يقم على حُجيته وجواز العمل به دليل .
أما الظن الذي قامت الحجة شرعاً على جواز العمل به ، فهذا لا مشكلة شرعية في العمل به .. 
وتكون الأدلةُ التي جوّزت العمل بهذا النوع من الظن مقيّدةً لإطلاق النص الذي نهى عن العمل بالظن كقوله تعالى ( إن الظن لا يغني من الحق شيئاً ) . إذن هذه الآية وأمثالها ليست على إطلاقها بل تنهى عن الظن العام الذي لم يقم الدليل القطعي على جواز العمل به . 

و بالنتيجة عندنا ثلاثة مصطلحات :
١ . العلم . وهذا يجوز العمل به .
٢ . الظن العام . وهذا لا يجوز العمل به .
٣ . العلمي ( أو الظن الخاص ) . وهو الظن الذي #علمنا من الشارع المقدس جواز بل وجوب العمل به . ولذلك أسميناه بالظن الخاص أو العلمي أي الذي علمنا من الشارع المقدس أنه حجة ولنا أن نعمل به . 
وهنا سؤال :
لقد علمنا أن السبب الذي جعل بعض فتاوى المجتهد ظنيه هو عمله بالظهور لفهم مراد المعصوم .. وعمله بخبر الواحد الثقة .. والسؤال ، ماهو الدليل الشرعي اليقيني الذي جعل من العمل بهذه الظنون جائزاً ؟
والجواب : إن الفقيه قد درس تأريخ النص الشرعي فوجد أن العقلاء بماهم عقلاء والمتشرعة بما هم متشرعة كانوا يعملون بخبر الثقة الواحد ، ويكتشفون مراد المتكلّم - سواء المعصوم (ع) أو غيره - بحسب ما ظهر من كلامه .
وكان عملهم هذا ( العمل وفق خبر الواحد ووفق الظهور ) بمرأى وبمسمع من الإمام (ع) ولو كان هذا العمل من العقلاء والمتشرعة غير صحيح لنهاهم الإمام (ع) خصوصاً وأن هذه السيرة بالعمل وفق هذين الأمرين لها المساس المباشر بأخذ وفهم النصوص الشرعية التي هي رسالة المعصوم (ع) . فلو كان العمل بخبر الواحد والعمل وفق الظهور ليس صائباً بنظر الشرع للزم المعصوم وهو سيد العقلاء أن يردع عن هذه السيرة ردعاً يتناسب مع خطرها على رسالته كردعِهِ عن #القياس ، ولو كان هنالك ردع لكان ردعاً كثيراً وشديداً يتناسب مع خطره على الرسالة الإلهية للمعصوم (ع) ولوصل إلينا شيئاً منه على الأقل ، وبما أنه لم يصل أبداً فمعناه أن هذا التصرف مُمضى قطعاً من الإمام (ع) . فيكون العمل بهذا الظن وهو العمل بالظهور وبخبر الواحد حجة شرعاً .

وقد يطرأ في ذهنك سؤال آخر وهو :
إنكم ذكرتم في طيات الحديث علماً يعتمد عليه المجتهد وهو علم الرجال وأن المشككين بالتقليد يشنِّعون عليه فهل لكم أن تبينوا لنا ماهو وما وضيفته ؟
الجواب : إن بعلم الرجال يعرف الفقيه رواة هذه الرواية أو تلك ، هل هم ثقاة ويشملهم إمضاء المعصوم بالعمل بأخبارهم ( والامضاء هو عدم ردعه عن العمل بخبر الواحد الثقة الذي تحدثنا عنه آنفاً ) أم ليسوا ثقاة فلا يجوز العمل بأخبارهم ولا يشملهم إمضاء المعصوم (ع) ؟؟؟ 
وفي ذلك تفصيل انتظرونا في الحلقة_الثامنة بإذن الله تعالى .

لمتابعة بقية الحلقات أضغط هنا 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو تراب مولاي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/07



كتابة تعليق لموضوع : بحث مسلسل حول إقامة الدليل على وجوب_التقليد ( 7) مشروعية فتاوى الفقهاء ولو كانت ظنية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net