صفحة الكاتب : عقيل العبود

عبد علي المسودن
عقيل العبود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

رجل كنّا قد ألفنا صورته وجميع تصرفاته منذ نهاية الستينيات، والسبعينيات، وما بعدها، اما في التسعينيات فقد  اختفت حكايته، ذلك بعد ان ألقت الهجرة اثقال أكفانها لتفارقنا تلك المشاهد وغيرها.  
في مدينة ربما يعد هذا الرجل واحدا من ابنائها الذين من ترابها أرضعتهم ماء الحكمة والحياة..  لكنهم مع ذلك ما زالوا يجهلون حقيقة شخصيته وتاريخها.. هم اي الأكثرية لا يعرفون عنه الا عنوان واحد. 
مسّه الجنون، اما الجنون، فكما يقول المثل" ان الجنون فنون" اما الفنون هذه فهي مجموعة ابتكارات تكاد ان تصل احيانا الى اعلى مراتب العبقرية، هي اختراعات من وحي الخيال؛ هذه الاختراعات قد تكون انعكاسا لعالم يملاه الاضطراب، والفوضى، وفي الوقت ذاته قد تكون هروبا نحو عالم امن، هي موازنة عقلية هذه التي عتلة الجنون أداتها، لذلك مثلما عشوائيا تراها تزحف بالآخرين نحو عالم متمرد، 
هي نفسها تراها تنهض بِنَا نحو بدائل ربما من نوع جديد. 
مملكة صاحب السيادة فيها يرفض الزيف، والتضليل، لذلك الجنون قد يكون بوابة من بوابات الحقيقة.


اما الخيال فهو يشبه خشبة مسرح، وتلك ساحة يرتادها عباقرة الفن والتمثيل، يؤدون عليها ادوارهم، وبعدها يهتف الجمهور بالتهليل. 


وبيت القصيد بناء على مفردات هذه الحكاية عبد علي المسودن  تحتويه مشاهد، سيناريوهاتها لا تخلو من ابتكارات تستدعي الاخرين للتأمل فيها بحثا عن شئ، اواشياء، ربما تبدو غامضة، لكنها لمن يفكر فيها، سيكتشف حتما بعض الغرائب. 
 
يرتدي اربع دشاديش ويعلق ثلاث مسابح على شاكلة قلائد، اما دوره فهو انه متحدث على طريقة الفلاسفة، فقد تجد عنده حكما نادرا ما تسمع بها، واحد هذه الحكم، 'رايحين'، وكلمة رايحين، لم أكن أنصت اليها يوم كنت تلميذا في الصف الرابع الابتدائي، اقصد في الستينيات، تلك السنوات التي مسرح كامو بطريقة اوباخرى تصل إلينا أصداؤه. 


 كلمة منذ ذلك الزمان سمعتها، لتبفى تحفر في ذاكرتي، هي في العقل الباطن تم اختزالها، ليس لانها مفردة متميزة، بل ربما لانها اقرب الى التصور من غيرها، فكلمة 'رايحين' تعني ذاهبين، وذاهبين تعني اننا مسافرين، ومسافرين تعني راحلين، وراحلين من كلمة رحلة، والرحلة تعني رحيل، اي ان هنالك مسافة، وهذه المسافة ليس لها حدود؛ هي خارطة قد يقطعها المكان، اوالزمان، اوكلاهما معا، لكن المهم نحن اصحاب الامر، نحن من نقطع الازمنة، والأمكنة، نحن من نبتسم، نحزن، تؤرقنا الحياة بافراحها، باحلامها، نحب، نكره، نأكل، نشرب ننام، نقرا، نفكر،في المستقبل، نختزل بعض الصور، والنتيجة اننا نهايتنا كما يقول ذلك الرجل الطويل الذي صورته تشبه بعض شخصيات احدب نوتردام ربما، 'رايحين'.. ونحن نعم نروح كل يوم، ونأتي كل يوم، وبين هذه التي نروح اليها كل يوم ، ونأتي منها كل يوم، ترانا نروح اليها ومنها لكي لا نعود الى ذات المكان. إذن صحيح ما كان يقال بانه " خذ الحكمة من افواه المجانين"  


اما المجنون  فمسرح يجمع الحكمة، والتأثير، والدور، بينما ساحة المسرح هو اننا نحن الذين لا نفهم في لغة التأويل ولا نعرف الطريق الى التحليل، نحن فقط نطلق كلمة مجانين وكفى، بينما في حقيقة الامر تجد ان عالم الجنون عالم ساحر، فهو لغة  موضوعاته تكاد في جوفها ان تضم اسرارا متشعبة، هذه الأسرار تشبه اعماق محيطات يتعذر الغوص في دهاليزها، ربما لانها تكاد ان تكون اكثر ارتباطا منا بحركة هذا العالم وأسراره الغامضة. 


عبد علي المسودن رجل ببشرة جنوبية تميل الى السمرة، مشيته لا تخلو من تحد واضح، حاسر الرأس، قليل الكلام، حركته كانها تتعقبها حقائب سفر متعبة.   


  بدشاديشه ، وقلاداته التي يعلقها وبعصا الصغيرة هذه التي قد تكون غصنا من أغصان شجرة متعبة، ونعله شبه الرث، الذي يحمل أصابع قدميه السميكتين، عبد علي كان قليل الكلام الا مع من يستفزه، اويعتدي عليه، اما من يكرمه بالتحية فقد كان يرد عليه بتمتمة تكاد ان تكون غامضة اومفهومة. 


شخص بقي معاصرا في الذاكرة، هذه الذاكرة التي خانت اصحابها ولم تعد تنهض بهم من اثقال ركامها الذي أتعبته تفاصيل زمن فرض علينا كلمة كنّا نسمع فيها من فيه، ذلك الرجل الذي لا نعرف عن عالمه سوى لقب واحد يسهل علينا تداوله عبد علي المسودن وكفى. 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عقيل العبود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/01



كتابة تعليق لموضوع : عبد علي المسودن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net