• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إِنشِقَاقَاتٌ! عَنِ البِنَاءِ الحِزْبِي! [١] .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

إِنشِقَاقَاتٌ! عَنِ البِنَاءِ الحِزْبِي! [١]

تتميَّزُ أَحزابنا السِّياسيَّة العتيدة بـ [٧] صفاتٍ نادرة، هي؛

أَوَّلاً؛ إِنَّ الانشقاقات التي تصيبها عادةً في المرحلتَين؛ مرحلة المُعارضة ومرحلة السُّلطة! فهي أَضيق من أَن تستوعب نفسها في المرحلتَين!.

ثانِياً؛ إِنَّها جميعاً مُصابة بهذا المرض دون استثناءٍ، من أَكبرها [حزب الدَّعوة الاسلاميَّة] الى أَصغَرِها [الحركة الدّيمقراطية الآشوريَّة] وبغضِّ النَّظر عن هويَّتِها أَو خلفيَّتها الفكريَّة أَو الأَيديولوجيَّة أَو حتَّى تاريخها وعمُرها أَو ما الى ذلك!.

ثالثاً؛ إِنَّها جميعاً [إِسم على غير مسمّى] فالحزبِ اليساري أَو الاشتراكي هو رأسمالي حتَّى النُّخاع! والدِّيني هو ضد الدِّين والمذهبِ للعظُم، أَمّا الدِّيمقراطي فهو ديكتاتوري بِلا مُنازع والقومي هو شوفيني بِلا جِدال والإصلاحي هو سيِّد الفاشلين والفاسدين والقانوني هو أَوَّل وأَكثر المتمرِّدين على القانون والدُّستوري هو السبَّاق في سحق بنودهِ بقدمَيه وهكذا!.

رابعاً؛ أَمراضها عامَّة وشائعة، لا تقتصِر على مؤسَّسة دون أُخرى، فجلُّ المجتمع مُصابٌ بها، مؤسَّساتهُ الدِّينية، عشائرهُ وكلُّ شيءٍ فيه! ولم تفلت مساجدهُ وحسينيَّاتهُ ومواكِبهُ منها!.

حتَّى فسادها وفشلها وأَزماتها هي جزءٌ من فسادِ المجتمعِ وفشلهِ وأَزماتهِ! والعكس هو الصَّحيح طبعاً!.

خامساً؛ إِبتلاؤها بمرضِ عبادة الشَّخصيَّة وصناعة الصَّنم أَو الطَّاغوت، فلكلِّ حزبٍ ربٌّ يعبدهُ! ولكلِّ واحِدٍ منها طريقتهُ ومنهجهُ في صناعةِ الصَّنم والقائد الضَّرورة! فكلُّها يصفِّق وشعارهُ [بالرُّوح... بالدَّم نفديك يا زَعيم] ولذلك فالزَّعيم الحِزبي لا يترك موقعهُ إِلَّا بشقِّ الأَنفس! مطروداً أَو ميِّتاً أَو مقتولاً على يدِ رفاقهِ محمولاً في نعشهِ! فيما نرى اليوم أَنَّ بعض هذه الأَحزاب يقودها [ظلُّ الزَّعيم] [زوجتهُ مثلاً!] كما قال ذاك الزَّعيمُ الأَوحد مجيباً على سؤال بعض الحزبيِّين ؛ مَن هو زعيمُنا من بعدِك يا طويلَ العمُر؟! فأَجاب؛ ظلِّي خليفتي عليكُم!.

سادِساً؛ وأَنَّ أَغرب ما في الأَمرِ هو أَنَّ أَكاديمييِّن كِبار ومثقَّفين معروفين يستسلمونَ لكلِّ هذه الأَمراض فيتعايشوا مع حياتهِم الحزبيَّة وكأَنَّها قدرهُم المحتوم الذي لا مفرَّ مِنْهُ!.

سابعاً؛ الخلافات والصّراعات الشَّخصيَّة والفئويَّة داخل الحزب مُستدامةٌ! لا حلَّ لها إِلّا الكيِّ في كلِّ مرّةٍ!.

إِنَّ مرض الانشقاقات بهذه المُواصفات دليلٌ على أَنَّ المشكلة ليست في القيادةِ أَو الأَعضاء أَو حتَّى في المنْهَجِ الذي يتبنَّاهُ الحزب، وإِنَّما في التَّركيبة الفكريَّة والعقليَّة السِّياسيَّة والفلسفة الحزبيَّة والاساليبِ والوسائِل التي هي نتاج تلك العقليَّة عادةً!.

ولذلك، فعلى الرَّغمِ من أَنَّك تسمعُ من قادة هذه الأَحزاب أَحلى كلامٍ وأَجمل شعاراتٍ وأَرقِّ الأَماني وأَجمل الأَحلام! ومعسول التَّحايا والتَّبريكات! إِلّا أَنَّها في الواقع وفِي المنْهَجِ العملي تُناقضُ كلَّ ذلك وكأَنَّك تسمعُ صدى رنينٍ قادمٍ من جهنَّم! فهي لا تضمرُ إِلّا الشرِّ للمواطِن وللوطن على حدِّ سَواء!.

لقد فشِلت هذه الأَحزاب في التعلُّم حتَّى من تجاربِها الخاصَّة، وأَنا أَتحدَّاها إِذا كانت قد دوَّنت تجربتها لتدرسها الأَجيال الحزبيَّة المُتعاقبة! ولذلك فهي تجترّ سياسات حزبيَّة على مدى [١٤] عاماً منذُ التَّغيير عِشناها [٣٥] عاماً هي فترة المُعارضة ضدَّ نِظامُ الطّاغية الذَّليل صدَّام حسين! ولهذا السَّبب هي فشِلت حتَّى في تغيير العقليَّة لتنتقل من عقليَّةِ المُعارضة والتمرُّد والرَّفض الى عقليَّةِ الدَّولة والسُّلطة والحكومة، وهذا ما أَشار إِليهِ اليوم في مقالتهِ أَحد أَبرز السياسيِّين الحزبيِّين المُخضرَمين وأَقصد بهِ السَّيِّد عادل عبد المهدي صاحب التَّجربة الحزبيَّة والسياسيّة العريقة والمتنوعة والثرَّة، فكما هو معروفٌ فانَّهُ تقلَّب في حياتهِ الحزبيَّة بين الأَحزاب اليساريَّة والقوميَّة والدينيَّة وعاشَ إِنشقاقاتها الأَميبيَّة، بل كانَ جزءً منها في فترةٍ من الفترات، ولذلك فعندما يكتب تجربتهُ بهذا الصَّدد فانَّما يكتبُ بدقّةٍ عاش التَّجربة ولم يقرأها أَو يسمع عنها!.

وربَّما لهذا السَّبب ظلَّت رؤيتهُ في بناءِ الدَّولة والأَحزاب الوطنيَّة حُلُماً ينتظر أَن يتحوَّل الى واقعٍ عمليِّ ملسموسٍ، بسبب إِنتمائهِ لتيَّارٍ [عائليٍّ] غَير ديموقراطي! لا يُؤمن بتداول القيادة العُليا للحزب بين أَعضائهِ على أَساس الخِبرة والكَفاءة وصواب الرُّؤية! وإِنَّما محصورةٌ في [أَعضاء الأُسرة] بالوراثةِ!.

١٦ تمُّوز ٢٠١٧

لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=98673
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 07 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29