• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : فوبيا .
                          • الكاتب : زوليخا موساوي الأخضري .

فوبيا

 هل هو نفس الحلم يتكرر؟ حلم؟ لا بل كابوس. لا بل أكثر وطأة من الكابوس.

مخيف، مريع و متكرر. أستفيق منه مذعورة، منفوشة الشعر، أتصبب عرقا و اصرخ.
يتكرر. ليس كل ليلة بل في كثير من الليالي. لم ينفع معه علاج. لا الفقهاء الذين استشارتهم أمي و لا العقاقير التي أوصى بها الأطباء.
أشعر به يدنو مني. لا يفصلنا عن الدخول المدرسي إلا أيام.
خسارات هذا الصيف كانت كبيرة. دماء و شهداء على أرصفة و في أقبية حكام طغاة تساقطوا كفاكهة فاسدة، عطلة صيفية من دون شواطئ  ولا سفر. أثقل  شهر الصيام كاهلها بسيل من الممنوعات  فتربع  الملل، الضجر و الضيق على مدار الأيام.
أرى من الآن المسرحية التي تتكرر في كل دخول مدرسي. تكهنات عن يوم استئناف العمل. سنذهب أول أربعاء من الشهر. لن يحدث شيء. سنجد كل شيء في مكانه: القاعات المتسخة، الكلام البذيء على الجدران، الإداريون الممتعضون من كثرة العمل، الساحة الفارغة من التلاميذ... سيتكرر المشهد إلى أن يشفق علينا رئيس المؤسسة و يكلف الحارس الليلي بإخبارنا عن موعد الإجتماع.
صورة أمي و هي تستلقي على ظهرها من الضحك حين كنت أحاول أن أشرح لها كلمة فوبيا لا تفارقني.
لم أكن أعرف أن ما  أعانيه له اسم: فوبيا. أشعر بخوف في داخلي، أستفيق مذعورة من نومي، ألتجئ إلى ذراعي أمي  و أنسى بعد برهة مخاوفي.
فوبيا. قال الطبيب. أمي تشفق عليّ حين أحاول أن أشرح لها الكلمة التي تجعلها تستلقي على قفاها من الضحك.
لوبيا! لوبيا! تقول و هي تضرب كفا بكف، تقهقه، ينحسر المنديل عن رأسها فينساب شعرها شلالا من الليل.
أبي الذي يغار من جمالها و من حميميتنا يعنّفها: انظري إلى حالك، تبدين أصغر من ابنتك.
فوبيا يا أمي و ليس لوبيا. لوبيا هي الفاصوليا التي نأكلها و فوبيا تعني مرض.
أرجوك أبي دعها تضحك، ألا يكفي واحدة تعاني من  اللوبيا؟ أقصد الفوبيا؟
هل يمكن ألا أحضر الاجتماع؟ أهمس لزميلتي و نحن نلج باب المؤسسة.
يمكن جدا لكن سيرسلون لك ورقة يسمونها الاستفسارو عليك أن تملئيها بكل الأكاذيب التي في جعبتك لتبرّري غيابك.
كذب، كذب، المبرر كذب، الإجتماع  كذب ...
التمتمات، الهمهمات، الغمزات، الهمسات، المؤامرات، الكواليس، الدسائس،  المذكرات الوزارية الفارغة من المحتوى، الضحكات الصفراء، الكيد، الخبث، الجهل...
مسرحية هزيلة!!!!
 أحاول أن أفهم الابتسامات الصفراء للأساتذة و الإداريين، الخطبة العصماء الفارغة من الحقيقة التي يكررها المدير كل بداية سنة دراسية،منظر الأساتذة يهزون رؤوسهم علامة الرضا و هم سارحون في ملكوت الله، ثم اليأس الذي أشعر به لأن لا جديد في الأفق و كل شيء على حاله.
أعرف أني أعيش مع كابوسي. أحلم أني أحلم و أستفيق منه متصببة عرقا، منفوشة الشعر وأنا أصرخ:
قتلوا فيّ الطفلة! قتلوا فيّ الطفلة

كافة التعليقات (عدد : 3)


• (1) - كتب : عراقي ، في 2011/09/27 .

كم انت رائعة يا طيبة

• (2) - كتب : زوليخا موساوي الأخضري ، في 2011/09/26 .

صديقي المبدع علي الخباز
بصمتك الراقية شهادة أعتز جدا بها كيف لا و هي صادرة من قامة إبداعية هي حضرتك؟ أجل سيدي نحن شعب يدمن الفوبيا و كل أنواع الخوف التي رضعناها مع حليب أمهاتنا لكن لحسن حظنا لدينا سلاح وجيه لمحاربتها و استئصالها من أعماقنا. سلاحنا هو الكتابة.
مودتي و كل التقدير

• (3) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2011/09/26 .

الاخت المبدعة زوليخا موساوي الأخضري مع المودة ما اجمل الادب حين يكون معبرا عن الآم امة بكاملها كيف عرفت سيدتي ما اعانيها فدونتي احاسيسي في ورقتك ام هناك تشابه كوننا جميعا نعاني الفوبيا والتي كانت جدتي الامية مسكية المصطلح الوحيد الذي تلفظه بلكنة فصيحة صريحة هي الفوبيا وحين سألتها عن المصدر قالت سمعتها عند اول آه ... وبعد هذا رفعت دعوى قبل ايام لقاضي العدل اطالبهم طفولتي التي سرقوها عنوة بلا رحمة فلذلك عشت دون طفولة
ودون شباب ايضا
لك الشكر والتقدير وتقبلي مني المودة والدعاء




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9776
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 09 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29