• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تحالف المستقبل الخطير  .
                          • الكاتب : مهند الساعدي .

تحالف المستقبل الخطير 

في المجتمع والسياسة والاقتصاد ثمة متغيرات حصلت بطريقة دراماتيكية سريعة تنذر بحصول تدهور في مستقبل نوع العلاقة الجدلية بين التحول الاقتصادي من جهة والتغيير الاجتماعي من جهة اخرى .

لقد امتص السوق الداخلي العراقي بعد العام ٢٠٠٣وبلوغ النفط اعلى سعر له في تاريخه اكثر من ٢٤ مليار من النقد الريعي الذي لا يعني اكثر من عملية استبدال ثروة تحت الارض بثروة اخرى . هذه ال ٢٤ مليار كانت بحدود مليارين في السنة هدرت من الميزانية بسب الفساد في العمولات والمشاريع وغيرها .

في الغالب ان هذه الأموال تراكمت لدى فئات اجتماعية مختلفة ، مقاولون غير محترفين ، وسطاء لا يتمتعون بخبرة اقتصادية ، احزاب سياسية ، رجال سياسة ، أمراء حرب وقادة ميليشيات . 
وطبيعة المال غير النظيف حين يتحرك في دولة ، لا تملك أنظمة مراقبة ، ولا نظام ضريبي فعال ، ولا قوانين كافية ، وتشهد فوضى في الاستثمار ، وتفتقر الى الأمن ، فان المصالح المالية المشبوهة تبحث عن حماية لها خارج الدولة وخارج القانون من خلال ما تفرزه البنية الاجتماعية من أنماط بدائية او بديلة ، وهي في العراق تتمثل في العشيرة ، الميليشيات ، المنظمات الإرهابية ، الأحزاب السياسية . الشركات الامنية وغيرها .

في الدول التي لا يسود فيها القانون ، وتعيش هشاشة الأمن يشكل فيها تضخم راس المال القذر وغير المراقب عبئاً على الدولة والمجتمع ، لان تحالف هذا المال مع قوى خارج القانون يؤدي الى ظهور مافيات مالية وأمنية لا تتورع عن انتهاج الجريمة والفساد لحماية مصالحها غير المشروعة ومالها القذر .

من المتوقع في الحالة العراقية استمرار تراجع أسعار النفط ، ومعاناة الميزانية من عجز مزمن ، ومع استمرار ضعف الدولة وتراجع الدعم يتجه المواطن الى الاقتصاد المجتمعي الذي يعتمد على المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاستثمارات الضخمة كذلك ، هنا سوف يظهر المال القذر محاطاً بجماعات ولوبيات توفر له الحماية ، وتدور معه في مدارات الفساد ، والمافيات ، والتحالف المشبوه مع الأحزاب السياسية ، وخطر تحريكه من قوى خارجية عن طريق التحالف مع خبرات لا يتوفر عليها الاقتصاد العراقي الضعيف .

فيما يتصل بالعشيرة ، فقد فقدت تموضعها الجغرافي في مكان واحد ، وأدت الهجرة من الريف الى المدينة ، وظروف الخدمة الوظيفية ، وتدهور الانتاج الزراعي الى فقدان شيوخ العشائر للسلطة والنفوذ على العشيرة في بقعة جغرافية واحدة . واستعاضت عن ذلك بحماية مصالح أفراد العشيرة المالية والاقتصادية وحتى السياسية من خلال من خلال السلاح والجريمة والتهديد والخطف والمعارك واشاعة قانون الغاب العشائري . 

والمال العراقي القذر ، الذي قد يمر الان بمرحلة التمويه والكمون  والإخفاء ويحتاج الى عمليات غسيل مستمرة ، ربما يتاح له في حدود العشرين سنة القادمة ان يطل بفعله الموصوف بالسلبية فنعاني من اختلال الأمن المجتمعي بفعل مافيات المال والفساد التي تشكل التهديد الاخطر على المجتمع بعد الارهاب والعنف السياسي .

سيتحول بعض رجال الميلشيات الى مافيات متحالفة مع المال القذر ، ويتحول تمويل رجال العشيرة من الارض والإنتاج الزراعي الى ( اقتصاد المافيات ) عن طريق تقديم الخدمات لافرادها الذين يديرون المال ويعانون من عدم القدرة على حمايته .

انها تحديات مستقبلية خطيرة علينا توقعها ومواجهتها .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=97329
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29