• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تقطيع الهلال الشيعي .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

تقطيع الهلال الشيعي

فيما بدا نهوضاً شيعياً أثار مخاوف العرب السنة الذين حكموا العالم الإسلامي لقرون متطاولة, ودفع بهم للتحذير من هلال شيعي يمتد من طهران الى بيروت مروراً ببغداد ودمشق ,مع تأثيرات جانبية في أكثر من بلد عربي، فان هذا النهوض يتحول الى ما يشبه الوكسة ,وخيبة الأمل بسبب إفتقاد السياسة الشيعية الراهنة الى التنوع في الأداء, والمناورة.. والحيلة ..والمهادنة.. ومجاراة الأحداث ..والظروف.. والعمل بمقتضيات المصلحة.. والإصرار على التعامل مع الآخر.. ومع التطورات الجارية والمتسارعة وفق رؤية دينية غيبية، كل ذلك دفع الغرب الى إعادة النظر في سياسته السابقة التي إنحازت للشيعة على حساب السنة التقليديين في تحالفهم مع الغرب, خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول، ومن خلال العمل مع الحكومات العربية السنية على تدمير قواعد الحركات الدينية المتطرفة وعدم تمكينها من الإستمرار في جر الشارع العربي الى وضع المعادي للغرب, وللشعوب المسيحية الخائفة من سلوكيات إرهابية محسوبة على الإسلام، والتنسيق من أجل إعادة الأمور الى مجراها القديم والمتمثل في تمكين الحكومات من قيادة الشارع بدلاً من المنظمات والجمعيات الموسومة بالتطرف..
 يتزامن ذلك مع طريقة جديدة في وأد المشروع الشيعي غير المنفصل عن المشروع الإيراني، ومحاصرة ,وربما إسقاط أنظمة وقوى متحالفة مع طهران، حيث يواجه نظام الأسد إستحقاقاً صعباً للغاية ,وهو يتحدى شعباً مدعوماً من أنظمة عربية، ودول كبرى، وليس له سوى إيران, وحزب الله المحاصر بالمحكمة الدولية، والقوى السنية في وسط وشمال لبنان المدعومة من الرياض وواشنطن.
لم يعد الندم مجدياً في حالة العراق الذي خرج من دائرة النفوذ العربي الى دائرة النفوذ الإيراني, وبات الإجماع حاضراً في التعويض من خلال إسقاط نظام دمشق ,وحرمان إيران من أخطر حليف ومناور سياسي على درجة ممتازة في المنطقة.فبعد ثماني سنوات على الإحتلال الأمريكي للعراق, وإسقاط نظام صدام حسين، فإن الإدارة الأمريكية باتت قانعة بأن أي نظام سياسي في بغداد لن يكون على وفاق مع العواصم الحليفة لواشنطن، وليس مقبولاً على الإطلاق السماح بظهور الهلال الشيعي (طهران، بغداد، دمشق) خاصة وإن سوريا تحتفظ بعشرين مليون مسلم (سني) مع أقلية علوية، لن تصمد طويلا في معركتها الخاسرة ضد الغرب, والحلفاء من العرب الذين لن يفوتوا فرصة الإنتقام من نظام عطل مشاريع سياسية كبرى في المنطقة وكان سبباً في وقف طموحات دول عربية بعينها، والأدهى إنه تحالف مع إيران التي تعيش حال الأزمة التاريخية مع الجوار العربي.
هل تستطيع إيران ان تلعب بطريقة مختلفة ,وهل ستنجح في قراءة المستجدات بما يؤهلها لتجاوز الصدمة نتيجة السلوك الغربي المنفعل تجاهها؟ وهل سينأى العراق بنفسه عن التطورات في سوريا ويعلن إستقلالية قراره الوطني دون الركون الى علاقة لن تكون مثمرة في الغد ,خاصة مع تسارع الأحداث في الجوار, ونهاية الحقبة التي كان يحكم فيها الأسد أو على الأقل تحول الصورة ليكون الأسد ونظامه جزءا وليس كلا في المعادلة السورية القادمة؟
هل يستطيع نظام الحكم الجديد في العراق تغليب المصالح الحيوية للبلاد دون النظر في مصالح الآخر خاصة إذا مثلت ضررا على الواقع الوطني؟ فليس من المعقول أن نطارد فلول البعث في العراق ,ونتحالف مع فلول البعث في سوريا!
إذا إستطعنا تجاوز هذه الإشكالية فلن نعود قلقين من هلال شيعي يقطع أو يتحول الى ثمرة موز بلون مختلف.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9648
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 09 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28