• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : ماذا بوصفكَ يأتي مقولُ اللسنِ .
                          • الكاتب : رزاق عزيز مسلم الحسيني .

ماذا بوصفكَ يأتي مقولُ اللسنِ

ماذا بوصفِكَ يأتي مقولُ اللسنِ
بكَ الكمالُ تناهى يا أبا الحسنِ

فأنتَ في النَّاسِ كالقرآنِ معجزةٌ
يشدو الخلودُ بها فخراً مدى الزمنِ

تفنى الليالي ولا تُمحى مآثرها
رغم المكائدِ والتضليلِ والإحنِ

للهِ درُّكَ كم جاهدتَ مُصطبراً
جيشاً من البغي مجبولاً على الفتنِ

مِنْ كانَ غيرُكَ للأهوالِ مقتحماً
وكاشفَ الكُربِ السوداءِ والمحنِ

بسيفكَ الدينُ قد قامتْ دعائمُهُ
وانجابَ عنهُ ظلامُ الشركِ والدرنِ

صرعتَ للهِ أبطالاً جبابرةً
لولا حسامُكَ دينُ اللهِ لم يَكُنِ

سُمّيتَ حقّاً وصدقاً أنتَ حيدرةٌ
أزرَتْ شجاعتُكَ الشجعاءُ بالجُبُنِ

منْ ذا يدانيكَ في زهدٍ وفي نُسُكٍ
أم مَنْ يضاهيكَ في فرضٍ وفي سننِ

نفسُ النبيِّ وهل من بعد ذا شرفٌ
في أمّةِ العُرْبِ من شامٍ ومن يمنِ ؟ !!! 

أمْ مَنْ كمثلكَ وسطَ الْبَيْتِ مولدُهُ
مكرّمُ الوجهِ لم تسجدْ الى وثنِ

بيانُكَ السحرُ قد فاضتْ بهِ خطبٌ
تسبي العقولَ إذا مرّتْ على الأُذُنِ

ضمّتْ علوماً كما شاعتْ بها حكمٌ
فيضُ الينابيعِ أو كالعارضِ الهَتِن

مَنْ باتَ غيرُكَ في بيتِ النبيِّ فتىً
وسار وحدهُ في البيداءِ بالظعنِ

يا أعدلَ الناس طُرّاً بلْ وأكرمَهم
فيكَ اعتقاديَ في سرٍّ وفي علنِ

وأنتَ للحقِّ صنوٌ لا تفارقُهُ
وفي سبيلهِ لم تُدهِنْ ولم تَلِنِ

لولاكَ ما ثبتتْ للدينِ أعمدةٌ
ولا استقامَ بهِ ركنٌ الى ركنِ
 
ما غرّكَ الحكمُ أو جاهٌ خُصِصْتَ بهِ
بلْ رحتَ تنشدُ أيتاماً بلا سكنِ

نامَ الورى كلُّهم في أمنٍ وفي دعةٍ
إلا عيونَكَ آبتْ لذّةَ الوسنِ

فدىً لها مهجتي في الليلِ جاريةً
قد سحَّ مدمعُها كصيَّبِ المُزُنِ

فيهِ تناجي إِلَهَ الكونِ مُبتهلاً
مُستغرقاً في الهوى ولهانَ كالضَمِنِ (١)

عَبَدْتَ رَبَّكَ لا خوفا ولا طمعاً
بلْ كُنتَ تعبدُهُ حُبّاً بلا ثمنِ

أنرتَ في سيرةٍ بيضاءَ مشرقةٍ
دياجرَ الشكِ والأوهامِ والظننِ

طلّقْتَ دنياكَ لم تحفلْ بزينتِها
ولم تكنْ لحظةً فيها بمُفْتَتَنِ

ما أنجبتْ مثلَكَ الدنيا أخا ورعٍ
برّاً بأُمَّتهِ يا خيرَ مؤتَمَنِ

ماذا أقولُ فقد أعييتَ قافيتي
خجلى أَمامكَ مِنْ أَينٍ ومنْ وهنِ

كم حاولوا عبثاً يخفوكَ إِذْ وضعوا
في أعينِ النَّاسِ أسدافاً مِنَ الدُّجُنِ

مَنْ ذا يطيقُ سبيلاً كُنتَ تسلكها
في زادِكَ الجَشْبِ أو في ثوبكَ الخَشِنِ ؟!!!

فليتكَ الْيَوْمَ ترنو المدّعينَ هوىً
كيفَ استباحوا حقوقَ النَّاسِ والوطنِ

شسعٌ لنعلكَ مَنْ ناووكَ أجمعُهم
مَنْ عاصروكَ ومنْ يحيا بذا الزمنِ

ما كانَ يقليكَ الا جاحدٌ نطفٌ
أعمى البصيرةِ أو خالٍ مِنَ الفِطَنِ

وكلُّ ذي جَهَلٍ يُزري بهِ صلفٌ
وموغرِ الصدرِ بالأحقادِ مضطغنِ

مَنْ ينكرِ الشمسَ والأنوارُ ساطعةٌ
يجحدْ مقامَكَ إمعاناً بذا الغبَنِ

لا ينتهي عجبي من أمةٍ زهدتْ
فيهِ وقد رغبتْ في خضرةِ الدمنِ

مَنْ ينكرِ الحقَّ يسدرْ في عمايتهِ
ويطلبِ الريَّ من مستنقعٍ نتنِ

***     ***      *** 
ناديتُ باسمكَ مهموماً ومرتجياً
مثلَ الغريقِ ترجّى نجدةَ السُّفُنِ

قصدتُ بابكَ والأبوابُ موصدةٌ
أرجو النجاةَ مِنَ الأشجانِ والحزنِ

قلّبتُ أمري فما لي راحةٌ أبدا
حيثُ اتجهتُ عيونُ الهمِّ ترصدني

ماللحياةِ شحيحٌ باتَ منبعُها
أدعوكَ ربيَّ بالآلاءِ تسعفني

في غربةٍ مرّةٍ طالتَ مواجعها
عنها غفلتُ وداعي الشيبِ أيقظني

يبقى السؤالُ عقيماً لا جوابَ لَهُ
يُنمي الشكوكَ بصدري بل يعذّبني

لِمَ الْحَيَاةُ أراها الدهرَ مقبلةً
على الدنيءِ بأنواعٍ مِنَ المِنَنِ

أمّا الكريمُ عليهِ جدُّ قاسيةٍ
معذّباً يشتكي منها كمرتَهَنِ

***    ***    ***

فارقتُ أرضكَ مُضطرّاً على مضضٍ
كأنَّما الروحُ قد بانتْ عَنِ البدنِ

أمسى جوارُكَ أسمى ما أُؤملّهُ
ليتَ الليالي بهِ تسخو فتسعدني

فيهِ سينضو فؤادي عنهُ أرديةً
مِنَ الهمومِ وأطماراً مِنَ الشجنِ

فَلَيْسَ لي عملٌ أرجو النجاةَ بهِ
إلا هواكَ بيومِ الحشر ينفعني

أنتَ الوسيلةُ عندَ اللهِ في كُربي
أرجو بحقّكَ ربَّ العرشِ يرحمني

هذي قوافيَّ أدعو اللّهَ يقبلها
مني بحبّكَ منسوجاً بها كفني 

***    ***    ***
(١) الضمن هو المحبُّ العاشق




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=96411
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20