• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (١٥) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (١٥)

   {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا}.
   ومَن أَشجعُ من أَهلِ البيتِ عليهِمُ السَّلام في تبليغِ رسالاتِ الله تعالى؟!.
   إِنَّ الذين يتَّهمونَ الامام الحَسن بن علي السِّبط (ع) [تُصادفُ اللَّيلة  ولادتهُ الميمونة] سيِّد شباب أَهل الجنَّةِ بالجُبن والخوف ما دفعهُ لتسليمِ السُّلطة الى الطَّليق إِبن الطَّليق مُعاوية بن أَبي سُفيان بن هند آكلة الأَكباد وحفيد حمامة صاحبة الرَّاية في الجاهليَّة، إِنَّما أَحدُ نوعَين من النَّاسِ؛
   فامَّا أَنَّهم يجهلون سيرة أَهل البيت (ع) ومسيرتهُم ومواقفهُم، ولذلك فانَّ عليهِم أَن يُعيدوا قراءة التَّاريخ ليقِفوا على الحقائِق الدَّامغة! فيُصحِّحوا معلوماتَهم!.
   أَو أَنَّهم أَبواقُ الأَمويِّين وذيولهُم وأَيتامهُم الذين يردِّدون أَكاذيبهُم ويكرِّرون إِتِّهاماتهُم الباطلة بحقِّ أَهل البيت (ع)!.
   ليسَ في أَهل البيت (ع) مَن يخاف في تبليغِ الرِّسالة، حتَّى إِذَا اقتضت الضَّرورة التَّضحية بحياتهِ! فهذا جدُّهم رَسُولُ الله (ص) يصفُ شجاعتهُ أَمير المؤمنين (ع) بقولهِ {كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ(ص) فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ}.
   وعن أَهل بيتهِ عليهِمُ السَّلام يقول عليهِ السَّلام {وَكَانَ رَسُولُ اللهِ(ص) إذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ، وَأَحْجَمَ النَّاسُ، قَدَّمَ أَهْلَ بَيْتِهِ فَوَقَى بِهِمْ أَصَحَابَهُ حَرَّ السُّيُوفِ وَالاَْسِنَّةِ، فَقُتِلَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْر، وَقُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُد، وَقُتِلَ جعفر يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَأَرَادَ مَنْ لَوْ شِئْتُ ذَكَرْتُ اسْمَهُ مِثْلَ الَّذِي أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَةِ، وَلكِنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ، ومَنِيَّتَهُ أُجِّلَتْ}. 
   ويحدِّثنا عن شجاتهِ فيقول (ع) {قَاتَلَكُمُ اللهُ! لَقَدْ مَلاَْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً، وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً، وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالعِصْيَانِ وَالخذْلاَن، حَتَّى قَالَتْ قُريْشٌ: إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِب رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلْكِنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالحَرْبِ.
   للهِ أَبُوهُمْ! وَهَلْ أَحدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً، وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي؟! لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ العِشْرِينَ، وها أنا ذا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ! وَلكِنْ لا رَأْيَ لَمِنْ لاَ يُطَاعُ!}.
   فهل سمِعتم بغزوةٍ أَو حربٍ أَو معركةٍ خاضها رسول الله (ص) لم يكن فيها أَميرُ المؤمنين (ع)؟!.
  فيومَ {إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} من ثبُت غير أَميرِ المؤمنين (ع)؟!.
   ومِن هذه الأَصلابِ الطَّاهرة ينحدرُ الامام الحَسن السِّبط (ع) الذي كانَ يصولُ ويجولُ بين يدي أَميرِ المؤمنين (ع) في حروبهِ الثَّلاثة ضدَّ النَّاكثين والمارقين والقاسطين، فقال (ع) في بعضِ أَيَّام صفِّين وقد رأَى الحسن (ع) يتسرَّع إلى الحَرْبِ {امْلِكُوا عنِّي هذَا الْغُلاَمَ لاَ يَهُدَّنِي، فَإِنَّنِي أَنْفَسُ بِهذَيْنِ ـ يَعْنِي الحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ (عليهُما السَّلام) عَلَى الْمَوْتِ، لِئَلاَّ يَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللهِ (ص)}.
   ومن شجاعتهِ أَنَّهُ (ع) ظلَّ يلاحقُ الطَّاغية مُعاوية عقداً كاملاً بعد [الصُّلح] يفضحهُ سياسيّاً وإِعلاميَّا حتَّى ضاقَ الأَخيرُ بهِ ذرعاً فاغتالهُ بالسُّمِّ!.  
   أَمَّا كربلاء وعاشوراءَ عام (٦١ هـ) فالتَّاريخُ يشهد على بطولاتِ وتضحياتِ كبيرهُم وصغيرهُم الى الطِّفلِ الرَّضيع! رجالهُم ونساءهُم!.
  لو أَنَّ أَئِمَّة أَهل البيت (ع) تردَّدوا قيدَ أَنمُلةٍ أَو تراجَعوا قدَ شعرةٍ في تبليغِ رسالاتِ الله تعالى لما قال قائلهُم وهو الواقع الذي يسجِّلهُ التَّاريخ {ما مِنَّا إِلَّا مقتولٌ أَو مَسمُومٌ} وقولهُ {القَتلُ لَنا عادةٌ وكرامتُنا مِن الله الشَّهادةُ} ولما تعرَّضوا لكلِّ هذه المِحن والمتاعِب التي يسجِّلها التَّاريخ لهُم ولشيعتهِم بكلِّ فخرٍ واعتزازٍ!.
   حتَّى التَّقيَّة التي كانوا يتسلَّحون بها في بعض مراحلِ حياتهِم لم تكُن لحمايةِ أَنفسهم أَبداً وإِنَّما لحمايةِ الرِّسالة والسِّلم الأَهلي والأَمن المُجتمعي! ولذلك قَالَ الامامُ (ع) {التَّقِيَّةُ دِرْعُ المُؤْمِن} والدِّرعُ، كما هو معروفٌ، يستفيدُ مِنْهُ المُقاتلُ في ساحةِ المعركةِ وعندَ المُواجهةِ وليسَ عندما يجلسُ في البيتِ أَو يهربَ من الحَرْبِ! أَليسَ كذلك؟!. 
   إِنَّ الشَّجاعةَ علامةٌ مضيئةٌ في سماءِ مدرسةِ أَهل البيت (ع) يهتدي بها النَّاسُ لقولِ الحقِّ وتبليغِ رسالاتِ الله، فمَن لا يهتدي بها ليسَ من المدرسةِ في شيءٍ حتَّى إِذا ادَّعى أَنَّهُ ينتمي لها بالعُنوان أَو لَبْسِ عمامتهِم! فالانتماءُ ليس بالزَّي والعُنوان وإِنَّما بالسِّيرةِ والموقِف!.
   ٩ حزيران ٢٠١٧
                            لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=95829
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29