• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (١١) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (١١)

   {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورً}.
   الشَّيطانُ إِذن هو الذي يَخدع الانسان صاحب السُّلطة والجاه والقوَّة والمُلك ليغفلَ عن العاقبةِ، بوعودهِ السَّراب وأَمانيه الكاذِبة فيسلبهُ عقلهُ الذي يتدبَّر فيه وبصيرتهُ التي يرى فيها الأَشياء على حقيقتِها! إِذا به يتكبَّر حتى على ضعفهِ، ويتغافل عمّا اأتُمِنَ عليهِ، ويتجاهل مسؤوليَّاتهِ كذاكَ الذي نسِيَ مصدر نعمةِ الله تعالى عليهِ فظنَّ أَنَّ ما يملكَهُ هو نتيجة عبقريَّتهِ الفذَّة! وعرَقِ جبينهِ! وهؤلاء، أَقصد الذين خَلفوا السُّلطة بعد الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين، يظنُّون أَنَّ سُلطتَهم بإرادتهِم! وهي ملكٌ عضوضٌ! لن يبيدَ أَبداً مهما فسدوا أَو فشلوا أَو قصَّروا أَو ضيَّعوا حقوقَ النَّاسِ!.
   يقول تَعَالَى؛ {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا* كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا* وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا* وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا* وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا* قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا* لَّٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا* وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا* فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا* أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا* وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا* وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا}.
   لو أَنَّهم يتوقَّفون عند هذه القِصَّة فقط لكفَتهُم لوحدِها عبرةً لاصلاحِ السِّيرة وتصحيح المسيرة الظَّالمة التي تورَّطوا فيها! وورَّطوا بها البلادِ والعبادِ!.
   لا يتصوَّر الظَّالم أَنَّ قوَّتهُ وبطشهُ وبأسهُ وتجاوزهُ على حقوقِ النَّاسِ تمنع ربِّ العزَّة من الانتقامِ مِنْهُ! أَبداً، فمهما علا وتجبَّر الطَّاغوت يبقى وزنهُ عند الله تعالى لا شيء، وصدقَ عزَّ وجلَّ الذي قال في مُحكمِ كتابهِ الكريم {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا وَمَضَىٰ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} وقولهُ تعالى {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ}.
   ومن أَجْلِ المزيدِ من الأَدلَّة والإثباتات، يدعُ الله تعالى الظَّالِم يتمادى ويتمادى ويتمادى حتَّى إِذا أُلقي عليهِ القبض بالجُرمِ المشهود لم يكُن عندهُ ما يُدافعُ بهِ عن نَفْسهِ! فقال تعالى {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} لدرجةٍ أَنَّهُ يرتكب من الظُّلم ما لم يكن عندهُ بحاجةٍ الى المُحاكمة لكثرةِ الأَدلَّة [الجنائيَّة] وشدَّة تورُّطهُ بالظُّلم، كما في قولهِ تعالى {وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} وهو حالُ الفاسدينَ والفاشلينَ في بغداد!.
   يتصوَّر الظَّالمُ أَنَّهُ إِذا احتمى بالسُّلطة أَو بالمالِ الحرام الذي يسرقهُ من أَفواه الجياع والمساكين أَو إِذا غطَّى الاعلامُ الذي يمتلكهُ سيرتهُ ونشاطهُ وإِنجازاتهُ الوهميَّة فذرَّ الرَّماد في عيونِ السذَّج أَو المنتفعين من سياساتهِ فذلك يجنِّبهُ النِّهاية البائِسة الحتميَّة!.
   أَبداً، يقول تعالى {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
   ويحدِّثُنا القرآن الكريم عن محاولةِ فرعون بهذا الشَّأن فيقولُ {وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ}.
   فماذا كانت النَّتيجة؟!.
   {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}.
   أَحسن لهم أَن يصغوا الى قولِ أَميرِ المؤمنين (ع) لولده الحَسن السِّبط المُجتبى (ع) من أَن يتجاهلوا أَو يُكابروا أَو ينسوا أَو يتناسوا! فرُبَّما أَمامهم بعضَ وقتٍ للتَّوبةِ والتَّراجع عن ظلمهِم قبلَ فواتِ الأَوان!.
   يقولُ (ع) لابنهِ الحسن (ع): يَا بُنَيَّ، احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً وَأَرْبَعاً، لاَ يَضُرَّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ:
   إِنَّ أَغْنَى الْغِنَىُ الْعَقْلُ، وَأَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ، وَأَوحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ، وَأَكْرَمَ الْحَسَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ.
   يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الاَْحْمَقِ، فَإِنَّهُ يُريِدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ.
   وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ.
   وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ.
   وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ: يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ، وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ.    
   ٥ حزيران ٢٠١٧
                            لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=95511
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18