• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : نقد نظرية التطور – الحلقة 3 – مدى تماسك نظرية التطور او نفيها وفق المنظور العقلي : اية الله السيد محمد باقر السيستاني .
                          • الكاتب : صدى النجف .

نقد نظرية التطور – الحلقة 3 – مدى تماسك نظرية التطور او نفيها وفق المنظور العقلي : اية الله السيد محمد باقر السيستاني


نظريّة التطوّر ودلالتها في شأن الخالق وفق التأمّل العقلي :
المبحث الأوّل : في نظريّة التطوّر ودلالتها في شأن حقيقة الكائنات الحيّة الواعية وفي شأن حقيقة الإنسان وفي شأن وجود الخالق لها بحسب التأمّل العقليّ. وهو يشتمل على مقدّمة وأربعة أمور :
المقدّمة : في المراد بالتأمّل العقليّ ودوره في العلوم الطبيعيّة.
الأمر الأوّل : مدى تماسك نظريّة التطوّر أو نفيها وفق المنظور العقليّ.
الأمر الثاني : ما هي دلالة التطوّر في شأن حقيقة الكائنات الحيّة الواعية.
الأمر الثالث : ما هي دلالة التطوّر في شأن الإنسان وحقيقته.
الأمر الرابع : ما هي دلالة التطوّر عقلاً في شأن وجود الإله وخلقه للكون والكائنات.
المراد التأمّل العقليّ وأمثلته :
أمّا عن المقدّمة : فيلاحَظ أنّه قد يسبق إلى ذهن الباحث أنّ البحث حول التطوّر بحث يتعلّق بالعلوم الطبيعيّة، وليس بحثاً فلسفيّاً ومنطقيّاً حتّى يكون فيه محلّ للنظر والتأمّل العقليّ.
ولكنّ هذا الانطباع ناشئ عن انسباق خاطئ عن النظر العقليّ؛ فإنّ النظر العقليّ يشمل كلّ مبدأ فكريّ يمكن الاستعانة به في الوصول إلى إثبات شيء أو نفيه.
مثلا : قضيّة (كلّ شيء حادث فهو ناشئ عن سبب يوجبه) قضيّة عقليّة بديهيّة، وهي مبنى عامّة العلوم الطبيعيّة والإنسانيّة حيث ينطلق العلم من افتراض سبب لكلّ حادث ويسعى إلى اكتشافه، فالطبّ يفترض وجود سبب لكلّ مرض ويسعى إلى الكشف عنه، والطبيب يفترض وجود سبب لمرض المريض الذي يفترض أنّ الدواء سبب للعلاج فيوصى به.

وكذلك ترى أنّ قضيّة (أنّ التنظيم المعقّد لا ينشأ عن عمل عشوائيّ) قضيّة بديهيّة، يقضي بها حساب الاحتمالات بوضوح، فلا يحتمل أحد أن تكون قصيدة شعريّة مثلا من ترتيب عشوائيّ من طفل لا يفقه معاني كلماتها، ولا مكتبة مرتّبة بحسب مواضيع كتبها من فعل طفل لا يميّز مواضيعها، وقواعد حساب الاحتمالات على العموم ممّا يعتمد عليه المنهج التجربيّ والاستقرائيّ المعتمد في عامّة العلوم الطبيعيّة والإنسانيّة.
وقد تؤدّي الصدفة المتتابعة في بعض الحالات إلى  تحقّق النتاج المنظّم بعض الشيء أحياناً ولكن يحتاج بحسب قانون حساب الاحتمالات إلى مدّة كافية، فلا يُعقَل إنجازه في وقت قصير، واعتبار هذا التناسب بين نتاج الصدفة ومدّة عملها أمر ضروريّ وفق قواعد حساب الاحتمالات أيضاً .
ومن القضايا البديهيّة أيضاً أنّ (كلّ سبب يوجب أثراً يناسبه، وكلّ مسبّب ينتج عن سبب ينسجم معه) ، فهناك علاقة قائمة بين طبيعة السبب والمسبّب في نفسهما؛ ومن ثَمّ لا يصحّ افتراض حصول أيّ شيء في أثر أيّ شيء آخر، فلا يُحتمَل مثلا حدوث كلّ ظاهرة اجتماعيّة من أيّ حادث، ولا طروّ أيّ عارض عرض على المريض في أثر استعمال الدواء الخاصّ من غير ارتباط قائم بينهما بحسب طبيعتهما.
فهذه القضايا وأمثالها قضايا عقليّة واضحة معروفة لدى العقلاء ومعتمَدة في الأبحاث العلميّة في العلوم الطبيعيّة وغيرها من غير توقّف فيها.
تشكيك بعض علماء الطبيعة في بعض البديهيّات العقليّة :
نعم، لوحظ على بعض الباحثين خاصّة في العلوم الطبيعيّة المجادلة بشأن هذه القضايا، ولاسيّما في مقام تحصيل تفسير طبيعيّ للأشياء والظواهر المادّيّة، فتراهم يجادلون في شأن امتناع حدوث الشيء من غير علّة، حذراً من افتراض علّة غير طبيعيّة للكون مثلاً ، أو في امتناع وجود الشيء وعدمه في آنٍ واحد تجنّباً للإذعان بأيّ مبدأ عقليّ غير خاضعٍ للتجربة ، مع أنّ جريهم الفكريّ والعمليّ في سائر مجالات حياتهم وتفكيرهم على الانطلاق من ثبوت هذه المسلّمات والمفروغيّة عنها.
وقد يتمسّك بعض أهل العلم باحتمال ضئيل للغاية بحسب حساب الاحتمالات، فيجوّز نشأة الشيء المنظّم المعقّد عن حالة عشوائيّة من قبيل نشأة الحياة بنحو طبيعيّ من غير فاعل قاصد ويجادل عن ذلك بكون ذلك محتملاً باحتمال رياضيّ وإن كان ضئيلاً، على الرغم من أنّ هؤلاء بأنفسهم لا يعتدّون الاحتمال بمثل هذا من قبيل احتمال نشأة القصيدة عن حروف مكتوبة عشوائيّاً أو ترتيب المكتبة بحسب الموضوعات عن وضع عشوائيّ لها.
ولعلّ من أسباب مثل هذه الحالات عدم الممارسة الكافية في القضايا الفكريّة والمنطقيّة العامّة؛ ومن ثَمّ توجد مفارقة واضحة في تعامل هؤلاء مع المبدأ الواحد في الموارد المختلفة، ففي حين يجادلون بشأنها في بعض المسائل الشائكة عندهم ينطلقون من ثبوتها ومفروغيّتها في الحالات الأخرى الاعتياديّة كما مثّلنا لذلك.
توقّف الاستنتاج من المعلومات التجريبية على مبادئ عقليّة :
ومن ثَمّ يمكن القول إنّ القضايا العلميّة في العلوم الطبيعيّة تتوقّف على ركنين :
ركن يتعلّق بالمعلومات التجريبيّة والاستقرائيّة ،وركن يتعلّق بالمنطق الفكريّ العامّ من خلال وجود تكييف منطقيّ مقبول للمخرج المقترح في حلّ المسألة والاتّجاه المفترض فيها.
وأيّ خلل في هذا المنطق يؤدّي إلى الوقوع في استنتاجات استنباطيّة خاطئة من المعلومات التجريبيّة والاستقرائيّة.
وقد تكرّر وقوع بعض أهل العلم في بعض الأخطاء نتيجة تقديم فرضيّات غير متماسكة من الناحية العقليّة في تفسير وتحليل بعض الأمور الطبيعيّة.
ومن هنا لا يصحّ ظنّ بعض الباحثين أنّ النتائج المستحصلة في العلوم الطبيعيّة إنّما هي معطيات المعلومات التجريبيّة والاستقرائيّة فحسب، ووجه عدم صحّته أنّ الحقيقة هي أنّ هناك خطوات استنباطيّة لا محالة تدخّلت في اختيار مخارج معيّنة أفضت إلى تلك الاستنتاجات.
وحيث اتّضح دور التأمّل العقليّ في المباحث الطبيعيّة نسعى أن نتأمّل نظريّة التطوّر من المنظور العقليّ في أصلها ودلالتها في شأن الكائنات الحيّة عامّة والإنسان بشكل خاصّ وفي شأن الإله أيضاً.
مدى تماسك نظريّة التطوّر ونفيها من المنظور العقليّ :
الأمر الأوّل : في مدى تماسك نظريّة التطوّر ونفيها من المنظور العقليّ. وهناك انطباعات ثلاثة في الموضوع :
الانطباع المجوّز للتطوّر ولعدمه عقلا :
الانطباع الأوّل : أنّ التأمّل العقليّ لا يرى محذوراً في وقوع التطوّر ولا خلافه وفق المعلومات المتاحة عن  مناشئه وافتراضات وقوعه، فيكون البتّ وعدمه منوطاً بمدى قيام مؤشّرات فعليّة على وقوعه من خلال العلوم الطبيعيّة.
وسيتّضح وجه هذا الانطباع من خلال ذكر وجه الانطباعين الآخرَين والتعقيب عليه.
الانطباع النافي لاحتماليّة نظريّة الخلق عقلا :
الانطباع الثاني : أنّ التأمّل العقليّ يرجّح وقوع هذا التطوّر من منطلق حساب الاحتمالات، ويمكن أن يقرَّر الوجه  فيه من خلال مقدّمتين:
المقدّمة الأولى : أنّنا نلاحظ أنّ لكلّ الكائنات والحوادث التي وُجدت وحدثت في الكون بعد نشأته الأوّليّة الغامضة  أسباب طبيعيّة وفق سنن وقواعد تجري عليها. وقد كشف العلم لاسيّما في العصر الحديث مئات السنن والعوامل الطبيعيّة في مجال الكائنات غير الحيّة والكائنات الحيّة.
ففي مجال الكائنات غير الحيّة كشف العلم آلاف القواعد الفيزيائيّة والكيميائيّة المتعلّقة بالكائنات غير الحيّة وتقدّم في الانتفاع بها في علوم الكونيّات تقدّماً باهراً فاكتشف نشأة الكون عن الانفجار الكونيّ الكبير وأعطى فرضيّات ونظريّات قريبة في كيفيّة تشكّل الكون والمجرّات والأرض، كما استطاع من خلال استثمارها من إيجاد ثورة صناعيّة وصلت إلى مديات بعيدة في تسخير قوى الطبيعة وقوانينها في صنع آلات وأدوات معقدّة ونافعة.
وفي مجال الكائنات الحيّة اهتدى العلم من خلال علوم الفيزياء والكيمياء الحيويّة إلى تكوينها ونظام عملها والآلاف من السنن والعوامل الفاعلة فيها بما ترتّب عليه المنجزات الطبّيّة الرائعة والتصرّف الجينيّ فيها للعلاج والإنماء وغير ذلك.
وفي كلّ ذلك يلاحظ العلماء ابتناء الكون فيما يحدث عليه من وجود كائنات أو اتّفاق حوادث على عوامل طبيعيّة أدّت إلى حدوث ذلك كلّه.
ونتيجة ذلك: أنّه إذا تأمّلنا أيّ شيء حدث أو يحدث في الكون فإنّه ينبغي أن نثق وفق قواعد حساب الاحتمالات بأنّ هذا الحادث ناشئ عن عوامل طبيعيّة مؤثّرة في حدوثه، وليس من الوارد احتمال نشأة هذا الشيء عن عوامل غير طبيعيّة تتدخّل في خلق أشياء جديدة أو إيجاد حوادث منقطعة عن الأسباب المادّيّة، فهذه قاعدة عامّة في كلّ شيء حادث في هذا الكون.
المقدّمة الثانية : أنّ الكائنات الحيّة هي أمور حادثة على وجه الكون وفق معطيات علم الكونيّات، فإنّ الأرض  التي هي إلى الآن الموطن الوحيد المعلوم لهذه الكائنات إنّما اتّخذت وضعها الحاليّ الصالح للحياة منذ خمسة مليارات ونصف سنة تقريباً، وقد حدثت الحياة فيها بعد ذلك بملايين السنين منذ ثلاثة مليارات ونصف تقريباً.
وعليه: فإنّ مقتضى القاعدة المتقدّمة في المقدّمة الأولى الاطمئنان بنشأة هذه الكائنات عن عوامل طبيعيّة أسوةً  بغيرها وسائر ما يحدث فيها نفسها.
ولعلّ هذا الوجه يمثّل جانباً من أساس ارتكاز كثير من علماء الطبيعة في بتّهم بنظريّة التطوّر؛ لأنّهم ينطلقون دائماً في أبحاثهم من القاعدة العقليّة المتقدّمة وهي أنّ لكلّ شيء في الكون بعد نشأته الأولى سبباً طبيعيّاً قد أدّى إليه. 
وليس في هذا المقدار ما ينفي وجود الخالق للكون بطبيعة الحال؛ بل من الممكن اكتشاف الخالق من خلال أصل وجود الكون وانتظامه وفق تلك السنن والقوانين، ومن الجائز أنّ الخالق لم يشأ أن يتدخّل في الكون إلّا من خلال تلك السنن التي سنّها؛ ولكنّ المهمّ أنّ هناك سنناً طبيعيّة فاعلة في كلّ ما يتّفق في الكون بعد نشأته الأولى.
نقد الانطباع المثبت للتطوّر بالتأمّل العقليّ : 
ولكنّ هذا الانطباع غير واضح؛ وذلك لأنّ ما جاء في المقدّمة الأولى من الوثوق بأنّ كلّ حادث في الكون بعد نشأته فهو قد حدث من أسباب طبيعيّة تعميم لا توجبه المعطيات العلميّة الاستقرائيّة؛ لأنّنا إنّما يصحّ أن ننتقل من الحالة التجريبيّة والاستقرائيّة إلى التعميم الصنفيّ ولا يصحّ أن نطفر إلى التعميم الكلّيّ .
والمراد بالتعميم الصنفيّ أن يُعمّم الحكم التجريبيّ والاستقرائيّ لما يماثل مورد التجربة والاستقراء تماماً، كما أنّ المراد بالتعميم الكلّيّ تعميم الحكم لكلّ مورد يشترك معه في وصفٍ عامّ.
نعم، قد يحصل الظنّ بعموم الحكم لموارد متشابهة بعض الشيء ولكن من غير بتّ بذلك.
وعليه: فإنّنا حيث نتأمّل مدى احتماليّة نشأة الأشياء عن العوامل الطبيعيّة أو الخلق فإنّ علينا أن نصنّف الأشياء  والحوادث في الكون، ونلاحظ مدى احتماليّة أن يكون الاختلاف النوعيّ بينها موجباً لتفاوت بعضها المشكوك في نشأته عمّا عُلم بنشأته عن العوامل الطبيعيّة. 
وقد لوحظ : عدم وضوح البتّ بالتعميم المذكور لنشأة الأشياء عن العوامل الطبيعيّة في شأن أصل الحياة، حيث اعترف كثير من العلماء التطوّريّين أنّ العلم إلى الآن ليس لديه فرضيّات مناسبة لنشأة طبيعيّة للحياة، وتبدو نظريّة الخلق هي الأوجه إلى العصر الحاضر، فلا يصحّ ادّعاء الوثوق بنشأة طبيعيّة لها على أساس التعميم في القاعدة المتقدّمة.
والوجه فيه: أنّ نشأة الحياة ليست حدثاً على حدّ حدوث التنوّع الكونيّ غير الأحيائيّ والحوادث الطبيعيّة في  الكائنات غير الحيّة، مثل: الزلزال، وتغيّر المناخ، والفيضان، ولا هو على حدّ تغيّرات أحوال الكائنات الحيّة وعوارضها من نموّها وتكاثرها وأمراضها، وإنّما هي حدث متميّز ربّما احتاج إلى تدخّل فوق طبيعيّ كما في أصل نشأة الكون، فنشأة الكون ونشأة الحياة هما حجرا الزاوية في الوضع الكونيّ القائم، فقد يتماثل حالهما في الحاجة إلى الخلق أيضاً .
وعلى ضوء هذا يمكن اعتبار التنوّع الأحيائيّ أيضاً حادثاً مميَّزاً في نوعه عن الأشياء غير الحيّة والحوادث الطارئة عليها، وكذا عن التغيّرات الطارئة على الكائنات الحيّة، فربّما كان هناك حاجة في إيجادها إلى تدخّل فوق طبيعيّ بشأنها، وهذا الاحتمال في نفسه وارد، ولا سبيل إلى البتّ بنفيه على أساس القاعدة المذكورة.
على أنّ هناك شواهد على بُعد غير مادّيّ في الحيوانات عامّة والإنسان خاصّة من خلال ظواهر غير مادّيّة من قبيل المشاعر والإدراكات والضمير الأخلاقيّ، وهذا البعد كما رجّحه العديد من علماء الطبيعة قد يتوقّف وجوده على قوّة قادرة على إيجاد كائن غير مادّيّ، ولا تكفي في إنتاجه العوامل المادّيّة الطبيعيّة وإن كانت الطبيعة حاضنة لهذا البُعد غير المادّيّ، وسيأتي توضيح ذلك قريباً (1) .
وليس المقصود بإثبات هذا البُعد نفي دور العوامل الطبيعيّة في وجود كيان الحيوانات والإنسان، وإنّما المقصود وجود الحاجة إلى فعل غير مادّيّ في إيجاد هذا الكيان.
وفي البيان المتقدّم ملاحظة أخرى من حيث افتراض استغناء الطبيعة بالعوامل الطبيعيّة عن أيّ فعل إلهيّ؛ فإنّ هذا الأمر ليس بواضح؛ فإنّ من الوارد ما دلّت عليه نصوص دينيّة ذهب إليه جمع من أهل العلم من أنّ كلّ وجود وفاعليّة بحسب طبيعة ذاته وذاتها يقوم بمدد إلهيّ، والبتّ في إثبات هذا الأمر أو نفيه ليس من شأن العلوم الطبيعيّة؛ بل الأمر فيه موكول إلى معلومات أخرى، وقد تقدّم منّا ذكر ذلك سابقاً وليس في بحثنا هذا شاهد في هذا المعنى كي نهتمّ بزيادة إيضاح له.
وبذلك يظهر عدم صحّة الانطباع الذي يرى أنّ النظر العقليّ يثبت نظريّة التطوّر الأحيائيّ.
الانطباع النافي للتطوّر بالتأمّل العقليّ :
الانطباع الثالث : أنّ التأمّل العقليّ ينفي احتماليّة حدوث التنوّع الأحيائيّ بالتطوّر.
والوجه في ذلك: استحالة إيجاد الوسيلة العشوائيّة لنتيجة منظّمة ومعقّدة للغاية. وهذه القضيّة من حيث أصلها قضيّة بديهيّة كما ذكرنا من قبل.
وهي تنطبق في شأن نظريّة التطوّر؛ وذلك لأنّ الطفرة المفيدة للتطوّر ضرب من الصدفة النادرة، والخريطة الجينيّة للأنواع المتطوّرة هي حالة منظّمة ومعقّدة للغاية، فليس من المعقول أن تكون هذه الخريطة نتاجاً لعمل الصدفة.
وبيان ذلك يتوقّف على ذكر مقدّمات ثلاث:
المقدّمة الأولى : لا شكّ في أنّ الخريطة الجينيّة لأيّ كائن حيّ هي حالة معقّدة ومنسّقة للغاية، فهي مؤلّفة من  ملايين الأجزاء التي تعمل في اتّساق وانتظام وتكامل، كمصنع كبير ومتكامل.
يقول أحد علماء الأحياء (2) المؤمنين بالتطوّر الأحيائيّ : (ككيميائيّ، يعرف صفات الحمض النوويّ الاستثنائيّة، وحلوله الرائعة لمشكلة ترميز تصميم الحياة، أشعر بالرَّهبة من هذا الجزيء. دعوني أحاول أشرح لكم مدى أناقة الحمض النوويّ.

جزيئات الحمض النوويّ لها عدّة خصائص مميَّزة. العمود الفقريّ الخارجيّ مكوَّن من جزيئات على شكل أشرطة متراتبة مكوَّنة من سكّر الفوسفات، ولكن ما يثير الدَّهشة ما هو موجود في الداخل. تتكوّن درجات السلَّم من مزيج من أربعة مكوِّنات كيميائيّة، تُدعى "قواعد". دعونا نسمّيها (بأسمائها الكيميائيّة الفعليّة في الحمض النوويّ قواعد A ، C ، G ، T، وكلٌّ من هذه القواعد الكيميائيّة لديه شكله الخاصّ به) .
تخيَّل الآن أنّ من بين هذه الأشكال، الشكل A يمكنه أن يتلاءم بشكل دقيق فقط مع درجة السلَّم المجاورة للشكل T، والشكل G يمكنه أن ينسجم إلى جوار الشكل C.هذه هي "ثنائيّات القاعدة". ولذلك يمكنك تصوُّر الحمض النوويّ على شكل سلَّم لولبيّ، بحيث أنّ كلّ درجة فيه تتشكّل من زوجين من قاعدة واحدة. هناك أربعة درجات محتملة A-T, T-A, C-G, G-C :.إذا تعرّضت إحدى القواعد للتلف، فإنّه يمكن إصلاح التلف بسهولة من خلال المكمِّل في التركيب الزوجيّ: البديل الوحيد للقاعدة T قاعدة أخرى من نوع T .
 
ولعلّ الأكثر أناقة، أنّ اللولب المزدوج يسارع على الفور إلى طريقة للقيام بالنسخ الذاتيّ، لأنّ كلّ قسم يمكن استخدامه كقالب لإنتاج قسم جديد. إذا قسّمتَ جميع الأزواج إلى النصف، وقطعتَ السلَّم نزولاً إلى أسفل وسط كلّ درجة، فإنّ كلّ نصف من السلَّم سوف يحتوي على كافّة المعلومات اللازمة لإعادة بناء نسخة كاملة من الأصل.
كتقريبٍ للفكرة، يمكن للمرء أ ن يتصوَّر الحمض النوويّ على أنّه عبارة عن مخطَّط أوامر، أو إحدى البرمجيّات، القابعة في نواة الخليّة .
لغة الحمض النوويّ الترميزيّة تتكوّن من أربعة حروف فقط. الآمر يتكوّن الأمر المحدّد، المسمّى جين، من آلاف الأحرف .
جميع الوظائف المتطوّرة للخليّة، حتّى في مثل عضو لكائن حيّ مثلنا، يجب أن نلتزم بترتيب الحروف الموجودة في هذا النصّ.
في البداية، لم تكن لدى العلماء أيّة فكرة عن كيفيّة عمل "البرنامج" ولكن تمّ حلّ هذا اللغز بدقّة عن طريق تحديد الحمض النوويّ الريبيّ الذي يعمل كناقل ؛ يتمّ نسخ معلومات الحمض النوويّ التي تشكّل نسخة من الجين عبر جزيئات الحمض الريبيّ، على شكل نصف سلّم تتدلّى درجاته من جانب واحد.
 

يتحرّك نصف السلّم من نواة الخليّة (مخزن المعلومات) إلى السيتوبلازم (مزيج هلاميّ معقّد من البروتينات، والدهون، والكربوهيدرات)، حيث يدخل إلى مصنع أنيق للبروتين يُسمّى "الريبوسوم" يقوم فريق من المترجمين المحترفين في المصنع بقراءة قواعد نصف سلّم الحمض الريبيّ الناقل ليتمّ تحويل المعلومات الواردة في هذا الجزيء إلى بروتين معيّن، يتكوّن من الأحماض الأمينيّة. كلّ ثلاث درجات من الحمض الريبيّ تشكّل حمضاً أمينيّاً واحداً. البروتينات هي من تقوم بالعمل في الخليّة وتجعلها تحافظ على تكامل تركيبها.
هذا وصف موجَز يتناول قشور من أناقة الحمض النوويّ، والحمض الريبيّ، والبروتين، وهو ما يشكِّل باستمرار مصدراً للرَّهبة والإعجاب .
هناك أربعة وستين من المجموعات الثلاثيّة الحروف A ، C ، T ، G، ولكن هناك عشرين حمضاً أمينيّاً فقط. وهذا يعني أنّ هناك وفرة داخليّة. كشفت التجارب على العديد من الكائنات الحيّة، من البكتيريا إلى البشر أنّ "الشفرة الوراثيّة"، والتي يتمّ فيها تحويل المعلومات الموجودة في الحمض النوويّ والحمض النوويّ الريبيّ إلى بروتين، موجودة في لغة الحياة. GAG يعني حمض الجلوتاميك في لغة بكتيريا التربة ) .
ويقول أيضا (3) : عندما ينظر... (عالم الأحياء) في مجال الكيمياء الحيويّة في التركيب الداخليّ للخليّة فإنّه يُصاب بالدهشة والرهبة من تعقيدات الآلات الجزيئيّة الموجودة هناك، والتي كشف العلم عنها خلال العقود العديدة الماضية.
 
هناك آلات ذكيّة تترجم الحمض الريبيّ إلى بروتين، والبعض الآخر يساعد الخليّة في الحركة، وغيرها تنقل الإشارات من سطح الخليّة إلى النواة ) .
وأضاف : (ليست الخليّة هي التي تبعث على الذهول. أجهزة بأكملها مكوَّنة من مليارات أو تريليونات من الخلايا، شُيّدت بطريقة تبعث على الرهبة، خُذ على سبيل المثال، العين البشريّة، وهي جهاز معقَّد يشبه الكاميرا، وهو الجهاز الذي لا زال يبهر أذكى الطلاّب في علم البصريّات وعلم التشريح وعلم وظائف الأعضاء ) .
كون الطفرة الجينيّة حالة عشوائيّة نادرة :
المقدّمة الثانية : أنّه لا شكّ في علم الأحياء المعاصر أنّ الطفرة الجينيّة ليست جزءاً من النظام الطبيعيّ الغائيّ  للكائنات الحيّة، وإنّما تقع على سبيل الخطأ.
وذلك أنّ من المعلوم أنّ نظام الحياة هو نظام غائيّ؛ بمعنى : أنّه نظام يسير على نسق خاص ولغاية محدّدة، فالتفاعلات الكيميائيّة والفيزيائيّة في ضمن الكائن الحيّ تفاعلات موجّهة للوصول إلى نهاية مؤشّرة عليها في داخلها، فكأنّها تستبطن مسارها وتعي مسيرتها، وليست تلك التفاعلات هي على حدّ التفاعلات الكيميائيّة والفيزيائيّة في غير الكائن الحيّ، وذلك أمر واضح.
كما أنّ من المعلوم أنّ شأن نظام التكاثر جنسيّاً كان أو لا أن يولّد الخليّة جينات مماثلة لجيناتها بلا اختلاف عنها، فهي أشبه بجهاز استنساخ ضوئيّ ، كما أنّ الخليّة بنفسها مجهّزة بما يصونها عن حدوث التغيير الجينيّ في أثر العوامل الضاغطة، وكذلك فيها آليات للتصحيح الجينيّ عند طروّ الخطأ، ولكن قد يتّفق وقوع الخطأ من دون تصحيحه، فيكون سارياً وتنتج خليّة مماثلة لها في جيناتها.
وقد عُلم بالاستقراء والتجربة أنّ الطفرة على العموم هي حالة نادرة، كما عُلم أيضاً أنّ الأكثريّة الغالبة منه هي طفرات ضارّة بالكائن الحيّ في بقائه أو في تكاثره، كما أنّ الأكثريّة الغالبة من الطفرات غير الضارّة محايدة ويبقى النادرمنها نافعاً لبقاء الكائن، وقد دلّت التجارب التي أُجريت على ذباب الفاكهة أنّ (70%) من الطفرات الطارئة عليها ضارّة، والباقي محايدة إلّا النادر منها.
 
يقول العالم المتقدّم (4) : إنّ هذا التفاوت يعني التطوّر في الحمض النوويّ يمكن أن يحدث بمعدّل خطأ واحد في كلّ (100) مليون زوج في كلّ جيل. وبما أنّنا جميعاً لدينا 3 مليارات زوج من هذه الأزواج من الأب وأخرى من الأمّ، فإّن لدى كلّ واحد منّا (60) زوج تقريباً قابل للطفرة لم تكن موجودة لا في الأب ولا في الأمّ.
معظم هذه الطفرات تحدث في أجزاء الجينوم غير الرئيسيّة، وبالتالي فهي قليلة أو عديمة التأثير. أمّا تلك الأجزاء التي تقع في المناطق الأكثر أهمّيّة للجينوم، فإنّ الطفرات تكون ضارّة بشكلٍ عامّ؛ لأنّها تقلّل من اللياقة الإنتاجيّة؛ لكن في حالات نادرة تظهر طفرة من قبيل المصادفة بحيث يمكن أن تحدث درجة طفيفة من الميزة الانتقائيّة. وعندها ترتفع احتماليّة انتقال هذا التنوّع من التشفير الجديد للحمض النوويّ إلى النسل المستقبليّ ) .
وعلى ضوء هذه المعلومات صحّ أنّ الطفرة النافعة لبقاء الكائن الحيّ حالة اتّفاقيّة عشوائيّة.
عدم نشأة الحالات المنتظمة المعقّدة على عوامل اتّفاقيّة :
المقدّمة الثالثة : أنّ الحالة المنتظمة والمعقّدة لا تنشأ عن العوامل الاتّفاقيّة الواقعة على سبيل الصدفة مهما طال  الزمان أو قصر.
ويمكن لك أن تقيس ذلك بالأمثلة المعاشة ولنذكر مثالين :
الأوّل : مثال الخريطة الهندسيّة، فليفرض أن هناك مخطّطاً هندسيّاً لمدينة ضخمة يُراد بناؤها أو تحويرها قد رُسم  من قبل مهندس خبير، فأعطي لشخص لا يفقه في هندسة المدن شيئاً فأوجد فيه آلاف التغييرات العشوائيّة بالنقيصة والاستبدال والزيادة، أو أعطيت لآلاف الأشخاص ليحدث كلّ واحد فيه تغييراً، فهل من المحتمل أن تنتج هذه التغييرات العشوائيّة مخطّطاً هندسيّاً آخر ذا مغزى.
الثاني : مثال الكتاب، فليفرَض أنّ هناك كتاباً تمّ تأليفه وأعطي لشخص لا يفقه منه شيئاً كي يتصرّف فيه  تصرّفات عشوائيّة في الحروف والكلمات والجمل والصفحات، فهل يمكن أن ينتج هذا التصرّف كتاباً منسّقاً ذا مضامين معقولة وصحيحة؟ الجواب بالطبع هو النفي؛ بل كلّما زاد التصرّف فيه أنتج تشويشاً إضافيّاً في الكتاب، ومن النادر أن ينتج التصرّف في موضع منه فكرة ذات معنى كأ ن يكون قد وقع فيه استبدال الواو في جملة تصلح تعليلا بالواو.
ومن المعلوم أنّ تعاقب عوامل اتّفاقيّة من هذا القبيل لمئات وآلاف وملايين السنين لن يحلّ هذه الإشكاليّة، ولا يوجب تولّد كتاب معقول أو خريطة هندسيّة ذات مغزى.
وبذلك يظهر أنّ كون الطفرة الجينيّة العشوائيّة سبباً في إيجاد خرائط جينيّة معقّدة أمر غير معقول.
هذا بيان إفضاء التأمّل العقليّ لنفي احتماليّة حدوث التنوّع الأحيائيّ بالتطوّر.
مدى إمكان نشأة التعقيد عن العامل الاتّفاقيّ في بعض الحالات :
ولكن قد يناقَش في هذا البيان بعدم وضوح تماميّة المقدّمة الثالثة فيه،
والوجه فيه: أنّه لا يصحّ نفي إنتاج العوامل الاتّفاقيّة التي قد تنتج نتيجة إيجابيّة بسيطة بالصدفة لحالة إيجابيّة معقّدة على وجه الإطلاق؛ بل ينبغي التفصيل فيها بين حالتين :
الحالة الأولى : أن تقع الحالات العشوائيّة بنوعيها )السلبيّة والإيجابيّة( في مورد واحد كما في مثال الكتاب  والخريطة وفق الافتراض المذكور.
ففي هذه الحالة يصحّ ما جاء في هذه المقدّمة من أنّ الاتّفاق لا ينتج التعقيد الإيجابيّ لاجتماع الحالات السلبيّة والإيجابيّة في مورد واحد نوعاً، فتكون حالة مورد الاجتماع سلبيّة بطبيعة الحال.
والحالة الثانية : أن لا يجتمع مورد النتيجة الإيجابيّة مع مورد النتائج السلبيّة لسببٍ ما.
ففي هذه الحالة لا مانع من أن يؤدّي تراكم النتائج الإيجابيّة إلى خلق حالة إيجابيّة معقّدة.
ففي مثال الكتاب إذا فرضنا كون الكتاب كمبيوتريّاً وكان الكمبيوتر مجهَّزاً ببرنامج لا يثبّت أيّ تغيير غير ذي معنى في الكتاب؛ فإنّه لا استبعاد في أن ينتج التصرّفات العشوائيّة فيه تغييرات إيجابيّة كبيرة في الكتاب، وكذلك الحال في مثال الخريطة الهندسيّة المفترضة؛ فإنّه إذا كان المخطّط مخزوناً في الكمبيوتر، وكان الكمبيوتر مجهّزاً بعدم ثبت أيّ تغيير غير ذي معنى؛ فإنّ التصرّفات العشوائيّة فيه تنتج بطبيعة الحال خريطة أخرى ذات معنى. 
والحال في مورد حدوث التنوّع الأحيائيّ من خلال الطفرة كذلك؛ لأنّ أغلب الطفرات وإن كانت ضارّة، إلّا أنّ  الطفرات الضارّة لا تحدث في مورد حدوث الطفرة النافعة بطبيعة الحال ؛ لأنّ الطفرات إنّما تحدث متفرّقة نوعاً لا مجتمعة.
وعليه: فإنّ ما وقعت فيه الطفرة النافعة ينقل هذه الحالة المطفّرة الإيجابيّة إلى نسله فيما إذا اجتمع مع حيوان  مطفّر مثله، فإذا وقعت تدريجاً طفرات أخرى في نسله، ثمّ في بعض نسل هذا البعض وكانت بعض هذه الطفرات إيجابيّة تجتمع الطفرات الإيجابيّة في بعض نسلها بمرور آلاف الأجيال، وبذلك تحدث حالة نوعيّة جديدة.
هذا بيان يمكن ذكره لتولّد التعقيد عن الحوادث الاتّفاقيّة في بعض الحالات.
ولكن يبقى مع ذلك السؤال في أنّه هل بإمكان الطفرات الاتّفاقيّة حقّاً إيجاد هذه الحالات المعقّدة مع الانتباه إلى درجة تعقيدها، وملاحظة الفواصل المتوقّعة بين التركيبات المنتجة والأخرى الخاطئة، وينبغي للباحث أن يحذر في مقام تجويز تولّد مثل هذا التعقيد عن الاتّفاق عن أن يكون ذلك في حقيقته ناشئاً عن نحو من التفكير التجريديّ في الموضوع وعدم استحضاره لتعقيد الخريطة الجينيّة والطفرة المقتضية لإنتاج التنوّع الأحيائيّ، وقد اتّضح في علم النفس التعليميّ أنّ التصوّر التجريديّ للموضوع لا يؤدّي إلى استحضار مناسب لعناصر الخطأ والصواب، ومبادئ الاقتناع والاستبعاد فيه على حدّ ما يؤدّي إليه التصوّر الحيّ له من خلال النماذج الحسّيّة والأمثلة العمليّة والرسوم المخطّطة ونحوها.
أعتقد أنّ من الضروريّ أن يقرّب العلماء الصورة المفترضة للكائن الحيّ الأوّل المشترك بين الحيوان والإنسان ؛ وذلك بكامل خريطته دون تجزئة، ثمّ ذكر افتراضات الطفرة التي تكوّن إرهاصاً أوّليّاً للتطوّر، وذكر التغيير الذي سيتوجّبه ببيان الزيادة والنقصان والاستبدال والتكرّر الذي يقتضيه والزمن المتوقَّع له، وهكذا حتّى يرتقي خطوة فخطوة إلى الأنواع العالية من النباتات والحيوانات، وإنجاز بعض مراحل هذا العمل تصويريّاً قد تقرّب الصورة الحقيقيّة لنظريّة التطوّر ويوجب وعي الباحث لعناصر الاستبعاد فيه.
مدى وفاء مدّة الحياة على وجه الأرض بحصول التطوّر الأحيائيّ بالطفرة الجينيّة :
وهناك وجه آخر في استبعاد نظريّة التطوّر الأحيائيّ وهو أنّ من غير الواضح وفاء المدّة المفترضة لنشأة الحياة على وجه الأرض عند علماء الكونيّات وهي ثلاثة مليارات ونصف بحدوث التطوّر التدريجيّ من جهة الحاجة إلى ملايين الطفرات الوراثيّة من النوع المفيد والموجب لتطوّر الكائن الحيّ ؛ وذلك لتفسير حدوث الكائنات الحيّة بوضعها المشهود مع الأزمنة الطويلة التي تتخلّل بينها وفق قياسات المدّة المناسبة لحدوث الطفرة واستقرار الحالة المطفّرة بسلامتها وتكاثرها، وتمثّل الطفرة في نسلها.
ومن المناسب تدقيق الباحثين عامّة والقائلين بهذه النظريّة خاصّة في هذا الموضوع لملاحظة مدى انسجامها مع المدّة المذكورة لنشأة الحياة على الأرض.
المتحصّل من هذا البحث: أنّنا لا نستطيع فيما اطّلعنا عليه إلى الآن إثبات باتّ لمحذور عقليّ في نظريّة التطوّر أو نفيه، إلّا أن لا تكون مدّة الحياة المتوقّعة على سطح الأرض واقية بحدوثه وفق الطفرة الجينيّة العشوائيّة.
نعم، هناك أسئلة أخرى على عموم نظريّة التطوّر يأتي ذكرها .
_______
الهوامش
_______
1- لاحظ الأمر الثاني حول دلالات التطوّر على حقيقة الكائنات الحيّة.
2- لغة الإله: 118 - 120 .
3- فرانسيس كولنز، لاحظ: لغة الإله: 201 .
4- فرانسيس كولنز، لاحظ: لغة الإله: 21 .
المصدر : مدونة صدى النجف
تنويه : هذه السلسلة من تقريرات دروس اية الله السيد محمد باقر السيستاني التي القاها في السنة الماضية 1437 هـ بعنوان منهج التثبت في شأن الدين اضفنا لها الصور والمعلومات المتعلقة بها
الحلقة السابقة تناولت : توضيح نظرية التطور من جهة توقفها على الطفرة الجينية وانقسامها الى تطور صغير وكبير والفرق بينهما - لمطالعتها إضغط هنا




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=95448
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19