• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نفحات رمضانية {٥} سيد البطحاء أبــو طــالـــب كافل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وناصره .
                          • الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي .

نفحات رمضانية {٥} سيد البطحاء أبــو طــالـــب كافل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وناصره

عاشت البشرية في فترة ما قبل الرسالة أسوأ حالات التردي والانحطاط الحضاري، من الظلم والبؤس والاستبداد، وقد لخّص القرآن الكريم تلك الحالة بقوله تعالى: (وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).
ولم يكن العرب أحسن حالاً من باقي المجتمعات، بل إنهم جزء لا ينفصل من هذا التردي والسقوط الذي عمّ البشرية جمعاء. فكان الجهل والخرافة والظلم هي الظواهر الحاكمة آنذاك.
فنجد مثلاً الحرب هي الاُسلوب الأمثل لحل المشكلات، وهي المحور الـذي تدور حوله رحـى الأبنية الثقافيـة والقانونيـة والاقتصادية.
فالحكم تتفرد به الطبقة الغنية والقوية، فتشرّع هذه الطبقة للمستضعفين ما يحلو لها من القوانين التي تحمي سيادتهم وسلطتهم.
ولذا نجد طبقة الفقراء والعبيد والمرأة ليس لهم الحق في تقرير حياتهم.
ونلاحظ العرب قبل البعثة لم يكونوا أهل كتاب ولا دين، وكانت عبادة الأصنام والأوثان والجن والملائكة، هي اهتمامهم الوحيد أمام تطلعاتهم الحياتية والمستقبلية، فكان المؤثّر فيها هم الكهنة واليهود.
وقد لخّصت فاطمة الزهراء(عليها السلام) حالة العرب والتدهور الذي أصابهم قبل بعثة الرسول(صلى الله عليه وآله)، بقولها: «فرأى ـ الرسول ـ الاُمم فرقاً في أديانها، عكُفاً على نيرانها، عابدةً لأوثانها، منكرة لله مع عرفانها... الى أن قالت: تشربون الطرق وتقتاتون القد، أذلة خاسئين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله بأبي محمد(صلى الله عليه وآله)، بعد اللتيا والتي، وبعد أن مُني بُهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب».
فمكة البلد الذي يعتبر من أهم المراكز عند العرب من الناحية الدينية والتجارية والثقافية، وذات العمق الديني والسياسي، تعيش حالة من السقوط الحضاري والتردي الثقافي والاجتماعي بكل معانيه، كما هي عليه الحالة في البلدان الاُخرى.
وإن كانت تعتبر في السابق بلد التوحيد ومنطلق الأديان من أيام إبراهيم وابنه إسماعيل.
لأن البيت الحرام المركز الديني المقدس كان قد أسسه النبي إبراهيم(عليه السلام)، ومن هناك تألقت مكة بين الناس وغدا شعاع توحيدها يعكس نداء إبراهيم الموحّد، وحادثة تكسيره لمبادئ الوثنية والطغيان لازالت ماثلة في القلوب والأذهان.

لقد تعرّض قسم من الصحابة من أتباع علي(عليه السلام) بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)الى الاضطهاد والإقصاء والتنكيل، كما تعرّض القسم الآخر فيما بعد الى القتل والحرمان والتشريد.
ولم تكتف السياسة عند هذا الحد; بل نهجت أساليب اُخرى للنيل من خصومها ومعارضيها، منها قضية تكفير الآباء والأجداد.
وترسّخ هذا الاُسلوب في العصر الاُموي، حين كان الصراع مشتعلاً على أوجه بين الخط الهاشمي والاُموي الذي خسر الجولة أيام رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وجاء العباسيون من بعدهم فوجّهوا هذا الاُسلوب نحو أغراضهم السياسية كما هو التوظيف الاُموي.
ولم تكن ظاهرة التكفير مسؤولية دينية بقدر ماهي سياسية، فليس هناك مثلاً أي نص يجزم بأهمية تكفير أبي طالب على وجه الخصوص، سوى نصوص ملفقة تفتقد القيمة العلمية، أمّا التاريخ فلا يسجل لنا ولو واقعة واحدة من حياة أبي طالب تثبت كفره.
والجدير بالذكر أن قضية إسلام أبي طالب لم تكن محل جدل طيلة حكم الخلفاء. الأمر الذي يؤكّد الاُصول الاُموية لهذه القضية في واحدة من مساعيهم للنيل من البيت الهاشمي، الذي ملأت مناقبه ومفاخره الذاكرة الإسلامية، ولا تخفى أهمية أبي طالب الذي يراه البيت الاُموي المنافس الألدّ، الذي حاز الشرف في قريش، واكتسح أبا سفيان زعيم اُميّة.....

 تكفّل النبيّ(صلى الله عليه وآله) بوصيّة من أبيه عبدالمطلب، فرعاه وربّاه وقدّمه على أبنائه، حتى بعثه الله نبيّاً.
وتنوّعت أساليب أبي طالب في نصرته للدين الحنيف، فدخل الشِعب المسمّى باسمه وهو على رأس بني هاشم وبني عبدالمطلب، وتحمّل الصعاب في سبيل نصرته والدفاع عنه. وتصدّى للحوارات والمناقشات السياسية حيث كان يمثّل رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيها أمام جبهة قريش.
وكانت علاقته بالرسول(صلى الله عليه وآله) علاقة حبّ وودّ ووعي وعقيدة، ولم يتفارقا حتى توفي، فتوجّع وتألّم النبي(صلى الله عليه وآله) لموته وترحّم عليه.
إن الأدلة التي سيقت بكفره لا تمتلك قدرة الإثبات العلمي، وأن حياة أبي طالب وأشعاره ومواقفه وتصاريحه، وتصاريح الرسول والصحابة كلّها تثبت إسلامه.
واتّضح أنّ وراء هذا الزعم المكابر وهذه الاُسطورة التاريخية أسبابٌ تاريخية وعوامل نفسية لازالت تسيطر على نفوس مروّجي هذه الاُسطورة الظالمة بشأنه(عليه السلام).
عن أبي بصير ليث المرادي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام):‏ سيدي إن الناس يقولون إن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه, فقال (عليه السلام): كذبوا والله, إن إيمان أبي طالب (عليه السلام) لو وضع في كفة ميزان, وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان, لرجح إيمان أبي طالب (عليه السلام) على إيمانهم, ثم قال: كان والله أمير المؤمنين (عليه السلام) يأمر أن يحج عن أب النبي وأمه, وعن أبي طالب في حياته, ولقد أوصى في وصيته بالحج عنهم بعد مماته.
قال العلامة المجلسي في البحار35/138 (لقد أجمعت الشيعة على إسلامه وانه قد 
آمن بالنبي "صلى الله عليه وآله وسلم"في أول الأمر,ولم يعبد صنما قط ,بل كان من 
أوصياء إبراهيم "عليه السلام"ولكنه كان يعمل بالتقية أي لم يظهر انه حجة وإلا لقتل كاهل الكهف .
4- روى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام ) قال :لو وضع 
إيمان أبي طالب في كفة وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=95446
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29