• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التركيز على ما نكره يأتينا بما نكره!!  .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

التركيز على ما نكره يأتينا بما نكره!! 

البشر بطبعه ميّال للتشكي والتذمر ورؤية ما هو سيئ  وإغفال ما هو جيد وفاعل في دقائق أيامه , وبهذا يساهم في صناعة الواقع الذي يكون فيه , لأن أي واقع إنما هو مرآة لذوات أهله.
والإمعان بالنظر إلى ما نكره يساهم في صياغة النفس السلبية بطاقاتها التدميرية المؤثرة بالسلوك ,  والمؤسسة لصيرورات ذات تفاعلات خسرانية قاسية.
والمجتمعات القوية هي التي يعمل أبناؤها على التركيز على ما يحبونه , ويجتهدون في صناعة الواقع الجميل المستوعب له والقادر على تنميته , وبذلك تجد بيئتهم المحيطية ذات إبداع وجمال وعمران , ويعم فيها اللون الأخضر.
وفي المجتمعات التي يسود فيها الويل والوجيع , تجد أن الحال مرهون بأفكار الكراهية وتصوراتها , وما يتوالد منها وينجم من أعمال وتفاعلات مضرة بالمجتمع.
ذلك أن التركيز على ما نكره طاقة ذات إتجاهات حث وتوليد لمتواليات طاقوية , تساهم في صياغة التأثيرات المتراكمة والمتعاظمة الكفيلة بتحويل أي واقع إلى جحيم.
فالنفس البشرية مَعين مطلق لأفياض المشاعر المتنوعة المتأججة المتأهبة للإلتهاب والإنطلاق الهائل من معاقلها ومكامنها المضغوطة , وشدة ظهورها تتناسب طرديا مع قوة الضغط المسلطة عليها , ودرجة الحرارة الموجهة نحوها , وآليات تأجيجها وإتقادها.
وفي واقع المجتمعات المنكوبة تسري نيران النفوس البغضاوية بسلسلة تفاعلات متسارعة بأحداثها ومعطياتها الإنفعالية , مما يجعل من الواقع ميدان أحطاب متشوقة للإحتراق والإحراق , فيسود التواصل بالنيران , بل تكون هي المُبتغى والعنوان , لأن النيران تمثل أقصى درجات التعبير عن الكراهية والعدوان على الإنسان.
ولا يمكن إطفاء النيران إلا بحجب الوقود عنها وحرمانها من الأوكسجين , وهذا يتأتى بالتركيز على ما هو جيد وطيب , وطرد الخبيث من الرؤوس والنفوس والأرواح , والتأكيد على أن الحياة ذات قيمة ومعنى , وعلى الإنسان أن يساهم بعطاءاته فيها , ويترك بصمته الإيجابية على مسيرتها.
وفي تراث أي مجتمع الكثير من القصص والشواهد والأدلة التي تعزز المحبة والألفة وتنبذ الكراهية والأحقاد والبغضاء , وفي جميع الديانات ما يدعو لتوطيد الأواصر الإنسانية , والتكافل الرحيم ما بين الناس أجمعين.
وكم إنتصرت الأمم والشعوب على آفة الكراهية الفتاكة وقبرتها وحررت أجيالها من آثارها , فتأكدت إرادتها الطيبة وحققت إنجازاتها الحضارية المتميزة الرائعة.
وعليه فأن مجتمعاتنا تختزن القدرة المطلقة لصناعة حاضرها الأفضل ومستقبل الأسطع , حالما تعود إلى ذاتها وتطهرها من نيران الكراهية والعدوان على نفسها وما حولها.
فهل من قدرة على إخماد نيران النفوس وتطهير الرؤوس من الخنّاس؟!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=95209
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28