• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : ادلاء انطباعي (من يعشق المطر ) .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

ادلاء انطباعي (من يعشق المطر )

 

  سيدي المتلقي... للشعر يقظة التدوين الى استفزاز الواقع عبر مجموعة اساليب تكون البعد الجمالي والفلسفي ولا تقف عند حدود منهجية معينة... ركام من المضامين والرؤى والصور الشعورية والشاعرية تتشكل بواسطة بنى لغوية ترفض الانفلات نحو فوضوية تخيلية تضعف حيوية التلقي وترفض نقل الواقع بصورة تسجيلية مستنسخة بل تسعى لابراز عوالم شعورية ناتجة من تأكيد وابراز اشكال السلوك والافعال ومثل هذه الاشارة تحتاج الى تنوعات اسلوبية ترفض مستويات الذائقة الجمالية عند المتلقي، فلو نظرنا الى شفرات العرض الدلالي لمجموعة (من يعشق المطر) للقاص (فائق الشمري) سنجد ان رفع علامة الاستفهام في العنونة الرئيسية افرز اثرا خاصا للرؤية واضاف الى المدرك حيوية التأمل وتكشف تنوعات السرد عن عناصر تنمائية متحركة تغادر البديهي وتنحاز الى المدهش في تجربة تلوح علامات نضجها منذ التدوين الاول لقصة (وزقزقت العصافير) حيث انفتاح الحدثي الموضوعي على كم كبير من الافعال المضارعة (تلبس، تغفو، تتساقط، يدب)(مدينة تلفها الامنيات واحلام الاغفاءة، وبعض بقعة ضوء تبدو من بعيد متفرقة هنا وهناك، ينطلق المفهوم الذهني بروئ تتشكل ضمن علاقات زمنية خارجة عن صيغ التعاقب والترتيب المنطقي والمستهلك باحثا عن زمن حلمي خاص تنتجة تراكيب الوحدة البنائية والدلالية المشكلة لفضاءات النص كمعطى ادراكي تكون القيمة الابتكارية في محتوى الايحاء والمعادل الموضوعي وتأويلات استكشافية اثر التأمل فتحسس خطوات الثقل الاجتماعي المتنوع (بقال ، حداد ، خياط ) يمنحها الكم الفلسفي لمضاربة شعورية (وهم اللقمة الحلال وفرصة الرجوع بسلام) فتصل نتيجة التأمل بنا الى معالم روحية تنفذ الى حقيقة المعنى عندما نكتشف ان المتأمل خلف النافذة انسان امتهن التصوير واتقن ممارسته والتقط صوراً .. وجوهاً .. وانفعالات (غضب، رضا، حزن، فرح) وفي نفسه (وعاد الشباب مرتين) التي ترتكز على ترابطات غير تقليدية تنمو من خلالها الاحداث والافعال كركون المشعل بأعلى الدار لاكثر من ثلاثة عقود صورة قادرة على تحقيق انعكاسات الواقع السياسي بدقة المعاش الذي شهد منع المواكب الحسينية من ممارسة طقوسها الشعائرية... 
  ويتنامى المعنى المحفز لانتاج مجموعة من الاشارات التي تزخ روح الديمومة؛ فالاب الذي تناسى حكم العمر كان واعيا لدور الابن الوارث الشرعي للمشعل تمنح المنظومة الدلالية المتلقي فرصة شعورية تتحرك ضمن نظم توصيلية متعددة الاساليب تمنح وتنتج معاني تداولية امام المعنى المباشر مجازا (وعاد الحسين مرة ثانية يتقدم الجموع الزاحفة حاملا رضيعه باحدى يديه وبالاخرى رأسه المخضب بالدماء) ثم نرى ان عملية تصادم الدلالات النصية داخل بنية القص وصفتنا مقابل موروث تسلطي حائر في قصة القدر يزحف (معنا) طرح من خلاله صراعات نفسية ليكون بائسا عاجزا رغم قلقية الاحساس لديه لكنه يتمتع بمخيلة متحركة تبحث عن جمالية التوازن وتبدو قصة من مذكرات مجنون الورقة 32، بآثار الشواهد مثل هياج البحر امام ما وراثية المدون التاريخي 1991 لتكشف امام ثنائية الموت، الجنون معتبراً الحياة الذليلة جزءا من موت والجنون حياة... وهذا ماصنع المتلقي اما تعدد القراءات؛ فالأهل يباركون الجنون بالاهازيج ليكسرو لنا قانون الظاهر الحياتي استعداداً لبناء قانون فلسفي يفجر الكثير من التساؤلات؛ اذ يذهب بطل القصة الى البحث عن ظل له فدلالات النص اللغوية بذرات انفلاتية منضبطة نحو ماهيتها التكوين (رسالة، مرسل اليه) لنفتح اطراً جديدة في التأويل (النوارس تعشق ان تموت بينما اهلها دائما، ووداعا) تحيلا إلى اجراءات أكثر خوضاً بالعمق الدلالي مجموعة اضاءات نصية ـ عوامل جذب فكري ـ تعمل على تجسيد القصد التدويني مثل السماء التي تمطر كلاباً وضفادعاً ـ وجدران المدينة البيض التي صارت رمادية بعدما عانقت شوارعها السماء ـ الإنتظار ـ الأمل ـ علامات بنائية تنهض بمحتوى دلالي فتكشف على موازنة خاسرة لواقع منهوك ـ هل ستجد أناساً لا يبخسون الميزان؟ أمام مؤثثات أكثر بؤساً صهيل حصان أسود يقف على رجليه الخلفيتين ويحاول طردي ـ أستيقظ، استبدل بيجامتي المبللة تسائله الحياة ـ وفي الورقة 36 ـ يعجب بموته ويترك جنونه ـ ويتحرك المسعى النصر إلى فعل الإنتقاء الأمثل لما مساوية الوقاع وفي ثلاث لوحات ـ لحرج واحد رسم اللوحات الثلاث للإعتداء الثاني ـ لفاجعة سامراء ـ نجد عوالم وتصورات لها امكانية تفجير مدلولاتها لتشكيل هذه الخطاب المرتكز على الإثارة لخلق استجابة تلقى واضحة ـ ويعني إن العلامة تشتغل لمساحته من معناها الطبيعي كما في قصة من يعشق المطر؟ وما من مصفى المجموعة. 
اشهد ـ ان القاص (فائق الشمري) من عمل لإرسال مجموعة دلالات عبر سياقات متنوعة تسعى لتوليد فاعلية سردية بين سرد وصف ومكاني وهناك بدائل وصفية وايحاءات شعورية وثمة تكوينات استفهامية منها استغرابية وتفجرية (هل أستطيع الذهاب إلى المكان ـ هل سأسمع شهقاتهم، صراخهم، وقد تقاسمت أجسادهم الغضة شظايا الانفجار) 
أو تراه يلتحم من خلالها بالواقع اليومي المحاسن (هل سأسمع رنين أقداح الشاي وصوت صاحب المقهى وهو يقدم الطلبات لزبائنه) 
فأجد عوالم كبيره تـتمحور بمنظومـــــات ارسالية تسعى لخلق أدب عاشورائي بتجاور التقليد التدويني إلى اشتغالات مغايرة عبارة عن توثبات ملتهبة مبنية على مقومات شعــورية  تتماهى  مع قدسية الرموز المشعة (لم يسمع أبي شيئـــاً من الدماء التي اختلطت بدموعه كانا يسيلان على وجنتيه بـــــغزارة)
بنى كتابية لا تقيد بالقانون الطبيعي بل بوضــوءات تلقي تصطدام بشعورية المتلقي لتحفز معادلات  التأويل لتوقظ فكره وحواسه وكل سنة لها اشتغالها ـ تكوينها ـ ايجاءها (يا صوتـــه يا ... نسيت بقية العبارة...)
ومنها الارتكاز على شعرية جميلة عالية تتوسع الدلالـــات الموحية وتختزل كافة الوحدات الدلالية (تناثرت الصلاة، ذبح الأذان وانطفأ الذهب) 
(انتفض الضريح ولملم رخامه ولبس قبة الذهب ممزقاً رداء الظلام وعاد قرب المصلين يملأ السماء بنوره)
يفتح الشعري فضاءات كبيرة توظف عناصره عمقاً لتقادر المفردات معناها المعجمي وتؤسس لجوهر رؤيا كونية (حتى تظهر أمي صار معقوفاء الشوارع أفكاري) هذا كان مسعى القاص فائق الشمري كما أراه ولهذا وقعت.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=92986
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29