• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رحلة عشق .
                          • الكاتب : مصطفى العسكري .

رحلة عشق

من مدينة الحب والولاء لآل بيت النبي. المدينة التي يستنشق أهلها حب الحسين لأنه النسبة الاكثر في مكونات هوائها. و التي الى الان في مدنها وقراها وبساتينها وعلى ضفاف نهرها يسمع أصداء صوت الحسين (الا من ناصر ينصرنا) فهبوا عن بكرة ابيهم لتلبية نداء معشوقهم الطاهر فأدركوا ان الأوان قد فات لأنهم في زمان غير ذلك الزمان الذي جعجع فيه وحوصر من قبل جيوش الباطل فلتحق الى ربه صابرا محتسبا شهيد عند مليك مقتدر الا ان حرارة مقتله التي قال عنها النبي بأنها لم تبرد ابدا بقيت مستعرة في قلوب أبناء هذه المدينة الولائية فأخذوا على عاتقهم نصرة الحسين بالسير على نهجه نهج العز والاباء والتضحية من اجل الدين والحق والشرف ومن اجل كل مستضعف اريد سلب حقه فأنجبت الشهداء والمقاومين الابطال الذين حملوا ارواحهم على راحاتهم وراحوا يقاتلون جنود الباطل وحزبه في كل مكان اريد ان يمحى من معالمه كل شيء يمد للحسين (عليه السلام) بصلة!
من الناصرية الفيحاء كانت الفكرة على يد ثلة طيبة من شباب الهيئة المركزية للشعائر الزينبية حيث عمل هؤلاء الفتية على تعظيم شعائر الله تعالى في شهره المبارك رجب الاصب شهر الاستعداد والتهذيب الروحي والتهيؤ لشهر رمضان المبارك وللسنة الحادية عشر على التوالي بخطوة لم يسبق لها مثيل ببرنامج عبادي متميز يجمع بين العبادة واحياء امر اهل البيت (عليهم السلام) وبخطوة فريدة لاقت اقبال واستحسان اكثر المؤمنين وفي مقدمتهم المرجعية الرشيدة وهي نصرة العقيلة زينب عليها السلام هذه السيدة الجليلة والصوت الإعلامي لملحمة الطف الخالدة والتي لو لاها لضاع الكثير من الصور والحقائق والمواقف البطولية التي ابداها الامام الحسين (عليه السلام) واهل بيته وانصاره في صحراء نينوى في عاشر محرم الحرام لسنة 61ه اخذت هذه الجماعة الصالحة على عاتقها توفير الإمكانيات اللازمة لمن يرغب في احياء هذه الشعيرة المقدسة ذكرى وفاة عقيلة الطالبين و زيارة النصف من الرجب تلك الزيارة التي تسمى كما يقول الشيخ القمي (رحمه الله) في مفاتيحه بالغفيلة لغفلة عامة الناس عنها. بداية بسيطة وامكانيات محدودة انطلق بها المربي الفاضل الشيخ محمد ناصر الجوراني مؤسس الهيئة والذي يركز في معظم ابحاثه وندواته ومحاضراته على السيرة العطرة للسيدة زينب (عليها السلام) وتسليط الضوء على مختلف جوانب حياتها ليس لأنها ابنة علي وفاطمة واخت الحسن والحسين (عليهما السلام) فحسب بل لما لها من دور عظيم في التبليغ ونشر معارف الإسلام وبلوغها درجة رفيعة من العلم والتقوى حيث كان لها درس خاص بالنساء في المدينة ثم في الكوفة اثناء اقامتها فيها أيام حكومة امير المؤمنين (عليه السلام) واتخاذها مقر للخلافة الإسلامية وهي التي يروي عنها حبر الامة ابن عباس الخطبة الفدكية للزهراء عليها السلام حيث يقول حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي عليه السلام واكيف لا تكون عالمة وفاضلة وعابدة وهي وليدة بيت الرسالة وتربية أصحاب الكساء وتلميذتهم الفاضلة. ومن عبادتها ونسكها التزامها بالصلوات المستحبة في اشد ليلة مرت عليها في حياتها ليلة الحادي عشر من المحرم ليلة من حيث حالة الحزن والرعب التي هي فيها بسبب ما أصاب اخوتها واحبتها واجسادهم الطاهرة بلا رؤوس ترضها الخيول امام عينها والمسؤولية التي كلفها بها الامام الحسين (عليه السلام) قبل استشهاده المحافظة على الأطفال والنساء وان تكون راعية لهم وهم في الصحراء بخيام محترقة بين الالاف من الجنود الذين لا رحمة فيهم ولا شفقة وحالة الجوع والعطش كل هذه المعاناة وهي تصلي صلاة الليل وترى ان كل تلك والمصائب والابتلاءات بعين الله والله لا يضيع عنده شيء لذلك عند ما إرادة الطاغية ابن زياد (لعنة الله عليه) استفزازها قال لها كيف رأيت صنع الله بأخيك واهل بيته ؟ فترد عليه (ما رأيت الا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجون إليه وتختصمون عنده فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يأبن مرجانة. فأي امرأة عظيمة هي واي حالة حب وعشق تعيشها مع الله تعالى فهي القديسة العابدة واصدقت عند ما قالت لأباها يوم كانت طفلة (يا أبتاه إن الحب لله تعالى والشفقة لنا) هكذا فهمة الشيخ الجوراني زينب (عليه السلام) وراح يصور هذا المفهوم للناس بعيدا عن الصور والمفاهيم التي صورت عنها وبقيت عالقة في الاذهان زينب المرأة الضعيفة التي جزعت وضربت برأسها بالمحمل وادمت جبهتها وسلطوا كل ما عندهم على هذه الروايات لزيادة العاطفة انا لا انسف هذه الروايات لأني لست من اهل الاختصاص لكني أقول لو كانت السيدة زينب هكذا فقط لما اصطحبها الامام الحسين (عليه السلام) معه لأنه اكبر من ان يلقي بعزيزته في التهلكة في التهلكة ويحملها ما لا تطيق بل لأنه اعرف بشجاعتها واخلاصها للرسالة وثباتها في الشدائد والمحن. 
لذا علينا ان نفهم هذه السيدة العالمة الصديقة الصغرى ونقتدي بها وننحني اجلالا لها فهي البطلة التي وقفت بوجه الظالم تخاطبه وتستنكره عليه عمله المشين ببلاغة وحكمة ولسان فصيح ( ابن الطلقاء ثم تقول له فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، والله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا، ولا يرحض عنك عارها وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي (ألا لعنة الله على الظالمين).
لذا ما تقوم به الهيئة المركزية للشعائر الزينبية وبأشراف مباشر من الشيخ الجوراني بالعمل الدؤوب لأحياء هذه ذكرى حيث تنطلق بموكب مهيب ونعش رمزي يحمل على الاكتاف في يوم الحادي عشر من شهر رجب من كل عام من مسجد السهلة المعظم باتجاه كربلاء المقدسة حيث يقام مجلس العزاء المركزي في ضريح ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) بعد مرور النعش بضريح ابي الفضل العباس (عليه السلام) والسلام عليه وتعزيته بوفاة اخته وعزيزته. لهي من أوضح مصاديق الاحياء احياء لأمر اهل البيت (عليهم السلام) واحياء للقلوب لأنها في رحلة عشق خالصة بعيدة عن الصخب والروتين اليومي واجواء العمل رحلة يختلي فيها العاشق بمعشوقه ويسير نحوه بمسبحته واذكاره واوراده الرجبية بطريق زراعي هادئ ثلاث أيام من المسير تتخللها صلوات جماعة ومواعظ أخلاقية لترويض النفس والرجوع الى الله.
لذا على السادة أصحاب المواكب والهيئات الحسينية ان يحذوا حذوا هذه الهيئة ويعملوا بعملها حتى يتثقف الزائر ثقافة ولائية صحيحة تأخذ الانسان الى عالم القران وحكم القران والعمل بالقران في كل ميادين الحياة لان فيه تبيان كل شيئ. 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=92099
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28