• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراقيون وسقوط القذافي واستذكار صدام .
                          • الكاتب : عادل الجبوري .

العراقيون وسقوط القذافي واستذكار صدام

    ربما تختلف المشاعر والاحاسيس وردود الافعال التي تلقى بها العراقيون انباء سقوط وانهيار نظام الزعيم الليبي معمر القذافي الاسبوع الماضي عن مشاعر واحاسيس وردود افعال بقية الشعوب والمجتمعات العربية، لسبب واحد وبسيط هو انهم استذكروا وقائع سقوط وانهيار النظام الذي جثم على صدورهم لخمسة وثلاثين عاما بطريقة مذلة ومهينة قبل ثمانية اعوام ونصف.
  وليس غريبا ان نسمع من مواطنين عراقيين من فئات وشرائح عراقية مختلفة ربطهم بين صدام والقذافي، وربطهم بين انجال الاول ، عدي وقصي، وانجال الثاني ، سيف الاسلام ومحمد وخميس، وبالفعل فأن اوجه الربط والتشابه بين الاثنين كبيرة وكثيرة، وقد يصعب على المرء حينما يدقق ان يعثر على كثير من نقاط الاختلاف فيما بين الاثنين.
   ويرى العراقيون –وحتى غير العراقيين-ان اوجه ونقاط التشابة بين صدام والقذافي لم تقتصر على مرحلة وجودهما في سدة الحكم في كل من بغداد وطرابلس، بل انها تمتد الى ما بعد انهيارهما.
   ومثلما لاذ صدام وابنائه بالهرب وراحوا يتخفون في اي مكان وفي نفس الوقت يحاولون توظيف مالديهم من اموال وعلاقات لاعادة عجلة الزمن الى الوراء، فأن مجمل المؤشرات تذهب الى إن القذافي وأولاده قد يلجأون-بعد ما لاذوا بالفرار من مجمع باب العزيزية واختفوا- إلى شن حرب عصابات والعمل على تأزيم الاوضاع الى ابعد الحدود.
   وتثار حاليا تساؤلات في الشارع العراقي عن مغزى دفاع الجهات التي تدين القذافي وتسعى الى طوي صفحته الى الابد عن صدام حسين، في وقت لم يكن الثاني افضل من الاول، ان لم يكن اسوأ منه، فالاثنين استوليا  على الحكم بالانقلاب، وكلاهما جلبا على شعبيهما الكوارث والويلات والحروب وبددا الثروات الهائلة لبلديهما، واختزلا الدولة والشعب وكل شيء بشخصهما وقلة قليلة من افراد عائلتهما والمقربين لهما من المتزلفين والمتملقين واصحاب المصالح الخاصة. 
    ومن الامور التي اثارت استغراب ودهشة اوساط سياسية وثقافية عراقية وفئات وشرائح عديدة من المجتمع العراقي هو تلكوء وتأخر الحكومة العراقية بالاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي، بينما يفترض –وبحسب الكثيرين-ان يكون العراق من  اول المسارعين والمبادرين الى نزعة الشرعية عن القذافي، من خلال اضفاء الشرعية والاعتراف بالبديل المنبثق من الارداة الشعبية.
  والملفت ان الحكومة العراقية لم تتخذ خطوة الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الا بعد سقوط القذافي.
   تشابه منهجيات وسلوكيات صدام والقذافي، وتشابه بعض الظروف التي واجهتها المعارضة الليبية مع الظروف التي واجهتها المعارضة العراقية، رغم ان العمر الزمني للاخيرة كان اطول بكثير من الاولى، والمؤشرات الاولية على بروز تحديات في الساحة الليبية مشابهة الى تحديات ما بعد سقوط نظام صدام، هذا التشابه ربما هو الذي دفع برئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل الى التعبير مبكرا عن رغبته بزيارة العراق.
  وبحسب بيان رسمي لوزارة الخارجية العراقية صدر بعد اعتراف الحكومة بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي يوم الثلاثاء الماضي فأنها تلقت رسالة من الاخير يرغب فيها بزيارة العراق ،عقب اعتراف الحكومة العراقية بالمجلس الانتقالي  كممثل شرعي للشعب الليبي، وان رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل تقدم بالشكر للحكومة العراقية لإعترافها بالمجلس، وانه يتوق لزيارة العراق ولقاء رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وبعض المسؤوليين العراقيين، للاطلاع على تجربة العراق، بعد فترة سقوط النظام السابق ،وكيفية نجاح التجارب الديمقراطية كالانتخابات النيابية وكتابة الدستور.
   ومواقف بعض الساسة العراقيين حيال سقوط نظام القذافي تضمنت اشارات بهذا الشأن، فرئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم بعث برسالة تهنئة الى رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي اشاد فيها بالانجاز الذي تحقق على ارض ليبيا ضد التسلط والظلم لأربعة عقود متتالية للوصول إلى الديمقراطية ودولة العدالة والمساواة والمواطنة، معتبرا ان ذلك الانجاز يمثل منعطفا تأريخيا هاما للمنطقة برمتها ودرسا بليغا لكل من أراد أن يستلهم منه الدروس والعبر، ولاسيما وان هناك فصول من التجربة العراقية السباقة  تشابه ماحدث في ليبيا.
   ورئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي قال في بيان له مخاطبا الليببيين \"ان الحرية لم تأتي بطريق معبدة وسالكة , بل جاءت بتضحيات جسام , فعليكم بالمحافظة على الثورة ولا تفرطوا بها , وقد طويت صفحة سوداء في كتاب التاريخ العربي الحديث الحافل بأستبداد بعض الانظمة واستمرار سياساتها القمعية ضد شعوبها , وان ثورة الشعب وان طالت فأن مصيرها النجاح في الوصول الى اهدافها بشكل تدريجي ومرحلي\".
  اما نائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي فقد اشار الى \"ان المصير المحتوم للطاغية معمر القذافي يذكرنا بما آل اليه مصير الطاغية صدام الذي اذاق شعبنا في العراق كل الوان الظلم والاضطهاد والتعسف ومصادرة الحريات\".    ومواقف التأييد والدعم والتفاؤل العراقي لليبيا، تمتزج معها هواجس ومخاوف وتوقعات بمرور بمرحلة من المصاعب والتحديات والاخطار كتلك التي واجهها-ومازال يواجهها-العراق من اضطرابات امنية وتجاذبات سياسية وارتباكات اقتصادية، وتدخلات خارجية، ويبدو ان تلك وغيرها استحقاقات طبيعية لمرحلة مابعد الديكتاتوريات وماقبل تكامل ونضوج وتبلور دولة المؤسسات في العالم العربي، ففي تونس ومصر مازالت الاوضاع مرتبكة وقلقلة ومفتوحة لمختلف الاحتمالات بعد سقوط نظامي بن علي ومبارك، ولن تكون الاوضاع في ليبيا وفيما يليها بأفضل حالا ان لم يكن العكس ولو لفترة زمنية معينة.
 
 
 
29-اغسطس-2011 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9176
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18